الشيخ عبد الجواد الدومى
Alshak Aldumy دروس قرآنية لفضيلة الشيخ الدومى الدرس العـــــــــــــــــــــــــــــــــــاشر |
---|
الدرس
العـــــــــــــــــــــــــــــــــــاشر بِسْمِ
اللَّهِ
الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ )لَمْ
يَكُنِ
الَّذِينَ
كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ
مُنْفَكِّينَ
حَتَّى
تَأْتِيَهُمُ
الْبَيِّنَةُ
(1) رَسُولٌ
مِنَ اللَّهِ
يَتْلُو
صُحُفًا مُطَهَّرَةً
(2) فِيهَا
كُتُبٌ
قَيِّمَةٌ (3)
وَمَا
تَفَرَّقَ
الَّذِينَ
أُوتُوا
الْكِتَابَ
إِلَّا مِنْ
بَعْدِ مَا
جَاءَتْهُمُ
الْبَيِّنَةُ
(4) وَمَا أُمِرُوا
إِلَّا
لِيَعْبُدُوا
اللهَ
مُخْلِصِينَ
لَهُ
الدِّينَ
حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا
الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا
الزَّكَاةَ
وَذَلِكَ
دِينُ
الْقَيِّمَةِ[ (5)
(سورة
البينة) أنزل
الله التوراة
علي سيدنا
موسي عليه
السلام وفي
التوراة بيان
شاف لأوصاف
سيدنا محمد
رسول الله (صلى
الله عليه
وسلم) ونعته
ومبعثه وكل ما
يتعلق به ، ثم
انزل الله تعالي
الإنجيل علي
سيدنا عيسي
عليه السلام وفي
الإنجيل بيان
شاف كذلك
لبعثه (صلى
الله عليه
وسلم) )وَمُبَشِّرًا
بِرَسُولٍ
يَأْتِي مِنْ
بَعْدِي
اسْمُهُ
أَحْمَدُ[
( 1 ) وكان أهل
الكتاب
يعتقدون
اعتقاداً
جازماً لا شك
فيه في مبعثه (صلى
الله عليه
وسلم) كما
قال القرآن
الكريم )يَعْرِفُونَهُ
كَمَا
يَعْرِفُونَ
أَبْنَاءَهُمْ[
( 2 )
بل أنهم كانوا
قبل بعثته (صلى
الله عليه
وسلم) إذا
وقع بينهم
وبين
المشركين
والكفار مقال
كانوا
يستفتحون به
أي يطلبون به
الفتح والنصر من
الله علي أعدائهم
فكانوا
يقولون الله
بحق نبي آخر
الزمان
انصرنا
فينصرهم الحق
سبحانه
وتعالي ) وَكَانُوا
مِنْ قَبْلُ
يَسْتَفْتِحُونَ
عَلَى
الَّذِينَ
كَفَرُوا
فَلَمَّا
جَاءَهُمْ
مَا عَرَفُوا [ ( 3 ) محمد الذي
يعرفونه في
التوراة
والإنجيل )كْفُرُوا
بِهِ[
جعلهم الحسد
والحقد
والخوف علي
الدنيا يكفرون
به ) فَلَعْنَةُ
اللَّهِ
عَلَى
الْكَافِرِينَ
[(89) سورة
البقرة هؤلاء
هم أهل الكتاب
من اليهود والنصارى
. أما
المشركون
عُباد
الأصنام فقد
عرفوا أوصاف
النبي (صلى
الله عليه
وسلم) من
أهل الكتاب
فإنهم كانوا
يسألون
الرهبان عن
صفة نبي آخر
الزمان فكان
منهم من
يبينها وأغلبهم
يغيرون من
صفاته (صلى
الله عليه
وسلم) التي
وردت
ويعكسونها
خوفاً علي
أنفسهم من ضياع
مراكزهم في
الرئاسة
وخوفاً علي
الأموال التي
تأتيهم في كل
عام . ولذلك
فإنهم فضلوا
النار وفضلوا
عذاب الله
المخلد علي القليل
من الأموال
التي تأتيهم .
وهذا شأن كثير
من الناس في
هذا الزمان
الذين يبيعون
دينهم بدنياهم
ويؤثرون عذاب
الله علي مال
زائل .
ولذلك جمع
الله سبحانه
وتعالي في هذه
الآية
الكريمة بين
الذين كفروا
من أهل الكتاب
والمشركين )لَمْ
يَكنِ
الَّذِينَ
كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ[ . فإن
أهل الكتاب
كانوا يقولون
(لقد أظل زمان
نبي آخر
الزمان
وسنقاتلكم
معه فنقتلكم قتل
عاد وارم) أي
أنهم إذا جاء
نبي آخر
الزمان فسيحاربون
معه ويقتلون
من يكفر به . وكان
المشركون من
العرب عبدة
الأصنام
يعرفون ذلك
ويفتخرون بأن
نبي آخر
الزمان من ولد
إسماعيل . )لَمْ
يَكُنِ
الَّذِينَ
كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ
مُنْفَكِّينَ
حَتَّى
تَأْتِيَهُمُ
الْبَيِّنَةُ
(1)
سورة
البينة ومعني
ذلك أنهم كانوا
يؤمنون
بالغيب وبأن
هناك نبياً
يبعث آخر
الزمان
ويعلمون صفة
هذا النبي
ولكنهم
يريدون أن يطبقوا
هذه الصفات
علي الشخص
نفسه في عالم
والوجود
فكأنهم
يقولون أن
أدركناه
طبقنا ما في
التوراة
والإنجيل
عليه فإن
وجدناه هو
آمناً به واتبعناه
وإن لم يكن هو
ظللنا مؤمنين
بالغيب حتى
يأتي بالبينة
. وما هي
البينة ؟ قال )
رَسولٌ
مِنَ اللهِ
يَتْلو صحُفًا
مُطَهَّرَةً [
فلما
جاءهم الرسول
حرفوا ما جاء
في التوراة وقد
قال الله
تعالي فيهم )
يُحَرِّفونَ
الْكَلِمَ
عَنْ
مَوَاضِعِهِ [ ( 1
) أي
يغيرون صفات
الرسول
الواردة في التوراة
. وإذا
كان هذا قد
حصل من هؤلاء
القوم فإنه
ليس مستغرباً
فنحن نري في
هذه الأيام
كثيراً من
الناس يغيرون
كلام الله
ويبدلونه من
أجل عرض زائل
من أعراض
الدنيا وبعضهم
يغير دينه من
أجل الحصول
علي مركز تافه
فكان الكفار
من أهل الكتاب
يغيرون من
صفات الرسول (صلى
الله عليه
وسلم). حكا الله
سبحانه
وتعالي عنهم
ما كانوا
يقولونه قبل
بعثته أنهم لا
ينفكون عن
الإيمان به
حتى تظهر
بشريته
فيطبقوا عليه
ما ورد لديهم
من صفاته الشريفة
ثم يؤيدنه
بالإيمان به
ونصرته . ولكنهم
لما جاءتهم
البينة كفروا
وغيروا
التوراة . )لَمْ
يَكنِ الذِينَ
كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ
مُنْفَكِّينَ
حَتَّى
تَأْتِيَهُمُ
الْبَيِّنَةُ[ من
تبعيضية وهو
الأظهر أي أن
بعض أهل
الكتاب كانوا
مؤمنين أي
منهم من آمن
واهتدي بعد أن
طبق الصفات
التي رآها في
التوراة علي
سيد الخلق (صلى
الله عليه
وسلم) ومثال
لذلك اليهودي
الذي اشتري
منه النبي (صلى
الله عليه
وسلم) تمراً
لأجل فجاءه
قبل حلول
الأجل وهو ماش
(صلى
الله عليه
وسلم) مع
بعض أصحابه
وجذبه من
ردائه من
الخلف جذبة شديدة
حتى أثرت في
عنقه الشريف
وقال أعطني
حقي إنكم يا
بني عبد
المطلب قوم
مطل أي
مماطلون في
السداد .
وطبعاً هذه
الطريقة فيها
قلة أدب من كل
وجه لأنه
أولاً لا حق له
( 1 )
ثانياً وإذا
كان له حق
فطريقة
المطالبة هي
الكلام
باللسان
وليست هذه
الطريقة .
فسيدنا عمر رضي
الله عنه نهر
الرجل وقال
للنبي (صلى
الله عليه
وسلم) دعني
يا رسول الله
أضرب عنق هذا
الرجل فقال له
النبي (صلى
الله عليه
وسلم) كنا
أحوج إلي غير
هذا منك يا
عمر أن تأمره
بحسن
الاقتضاء وأن
تأمرني بحسن
الأداء ثم قال
أذهب يا عمر
اقضه حقه وزده
جزاء ما روعته
أي نظير ما
خوفته بهمك
بقتله ، فقال
الرجل لعمر
رضي الله عنه
لعلك وجدت
عيباً قال نعم
فقال الرجل لا
ولكن هذا لسبب
أني وجدت نعت
الرسول في
التوراة وقد
جئت مسافراً
حتى أتحقق من
العلامات
فتحققت من
جميع العلامات
إلا خاتم
النبوة ففعلت
هذا لأري خاتم
النبوة وقد
رأيته فأشهد أن
لا إله إلا
الله وأن
محمداً رسول
الله . فيقول
الله تعالي
حكاية لما وقع
منهم قبل بعثة
النبي (صلى
الله عليه
وسلم) )لَمْ
يَكنِ الذِينَ
كَفَرُوا
مِنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ
وَالْمُشْرِكِينَ
[ الواو
للمعية يعني
مع المشركين –
لم يكن بعضهم
منفكين عما هم
عليه من
الإيمان فإن
كلام الله
المنزل في
التوراة حق
وأنه وصف لنبي
آخر الزمان
بأوصاف هي كذا
وكذا وأنه من
عند الله مع إيمانهم
بنعوته
وأوصافه وأنه
سيبعث في آخر
الزمان نبي له
هذه الأوصاف
وهذه النعمة
وأنهم باقون
علي هذا
الإيمان حتى
تأتيهم
البينة – وما
هي البينة ؟ -
رسول عظيم
تنطبق عليه
الصفات
المذكورة من
الله ، فهو
رسول عظيم
الشمائل جميل
الخلق والخلق
حسن الصورة
راجح العقل يلقب
بالصادق
الأمين قبل
بعثه ولا تؤخذ
عليه هنة من
الهنات – ومع
عظم ذاته فهو
مؤيد من قبل
الله سبحانه
وتعالي الذي
أيده
بالمعجزات
التي تعبر عن
معني قول الله
صدق عبدي فيما
يبلغ عني . (رسول
من الله)مؤيد
من الله (يتلو
صحفاً مطهرة)
جاء في التوراة
أنه أمي
فالمعجزة أن
هذا الرسول
الأمي يتلو
عليهم صحفاً
مطهرة ويأتي
بكتاب معجز
للبشر . يتلو
صحفاً مطهرة
من الباطل
مطهرة من
الاختلاف
والتناقض
وهذه شهادة
بأن هذه الصحف
من عند الله
وأن هذا
الكتاب
المعجز من عند
الله لأنه )وَلَوْ
كَانَ مِنْ
عِنْدِ
غَيْرِ اللهِ
لَوَجَدُوا
فِيهِ
اخْتِلَافًا
كَثِيرًا[( 1 ) لأن
التوراة
والإنجيل
الموجودين في
أيديهم فيهما
اختلاف
وفيهما تناقض
وهذا يدل علي
أنه قد طرأ
عليهما
التبديل
والتغيير من
عند اليهود
والنصارى . وأما
الصحف
المطهرة
المنزلة علي
الرسول فهي
مطهرة أيضاً
من الرجس وهو
الباطل ) لَا
يَأْتِيهِ
الْبَاطِلُ
مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ
وَلَا مِنْ
خَلْفِهِ[
( 2 )
ومطهرة من أن
يمسها غير
طاهر )لَا
يَمَسُّهُ
إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ [(
3 )
ما
الذي في هذه
الصحف ؟ قال )فِيهَا
كُتُبٌ
قَيِّمَةٌ[
أي فيها
أحكام مكتوبة
قيمة أي
مستقيمة أي
مستقيمة علي
الحق لا
اختلاف فيها
ولا تناقض .
والخلاصة
أنهم قبل بعثة
النبي (صلى
الله عليه
وسلم) قالوا
أنهم لا
يزالون
منفكين علي
الإيمان بذلك
حتى تأتيهم البينة
المذكورة
فيتركوا ما
كانوا عليه
ويتبعوا
النبي
المذكور
وحالتهم هذه
قبل البعثة كانت
أحسم من
حالتهم بعد
البعثة لأنهم
كانوا يستفتحون
بالنبي
ويدعون الله
به فيستجاب لهم
.
فالنبي (صلى
الله عليه
وسلم) كانت
له منزلة
كبيرة عند
الله قبل
بعثته حتى أن
أهل الكتاب
حينما كانوا
يتوسلون به
فيستجاب لهم فهل
إذا توسل
المؤمن
بالنبي (صلى
الله عليه
وسلم) بعد
بعثته يتهم
بالكفر . )وَمَا
تَفَرَّقَ
الَّذِينَ
أُوتُوا
الْكِتَابَ
إِلَّا مِنْ
بَعْدِ مَا
جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ[
أهل
الكتاب
اختلفوا ولم
يكن اختلافهم
عن شبهة في
النبي (صلى
الله عليه
وسلم) لأن
أوصافه كانت
واضحة
ومعجزاته
كانت واضحة أيضاً
ولكنه العناد
منهم
والإصرار علي
الغي والضلال
والمصر علي
العناد
والضلال لا
ينتظر منه
الرجوع إلي
الحق والصواب
مهما جاءته من
الآيات )وَمَا
تُغْنِي
الْآَيَاتُ
وَالنُّذُرُ
عَنْ قَوْمٍ
لَا يُؤْمِنونَ[
( 4 ) بل نراه
يستمر في
عناده ويأول
آيات الله علي
حسب هواه .
اختلفوا
وتفرقوا فهل
كانوا متفقين
قبل بعثة
الرسول (صلى
الله عليه
وسلم) ؟ المعني
والله أعلم
أنه ما تفرق
الذين أوتوا
الكتاب في هذا
الأمر الذي
معنا وهو بعثة
الرسول (صلى
الله عليه
وسلم) بل
كانوا متفقين
عليه وهذا لا
ينافي أنهم
كانوا
مختلفين في
غير ذلك ومن
أهل الكتاب
هؤلاء من آمن
وصدق بالرسول (صلى
الله عليه
وسلم) مثل
عبد الله بن سلام
فإنه كان
يهودياً وكان
من علماء
اليهود وقد
تأخر إسلامه
حتى تأكد من
انطباق
النعوت والأوصاف
الواردة في
التوراة علي
سيد الخلق (صلى
الله عليه
وسلم) - وقد
ورد أنه لما
سمع قول الله
تعالي )يَعْرِفُونَهُ
كَمَا
يَعْرِفُونَ
أَبْنَاءَهُمْ[ قال والله
أني لا أعرف
أنه رسول الله
أما ولدي فإني
لا أعرف ماذا
تصنع النساء . )وَمَا
أُمِرُوا
إِلَّا
لِيَعْبُدُوا
اللَّهَ
مُخْلِصِينَ
لَهُ
الدِّينَ
حُنَفَاءَ[
الذين كفروا
من أهل الكتاب
والمشركين لا
عذر لهم ولا
ينبغي لأحد
منهم أن يعتذر
في كفره بسبب
شبهة وردت في
الكتب
المنزلة
عليهم من عند
الله لم
يأمروا فيها
إلا بعبادة
الله وحده ) مُخْلِصِينَ
لَهُ
الدِّينَ
حُنَفَاءَ[ )
وَذَلِكَ
دِينُ
الْقَيِّمَةِ[
والله أعلم . ( 1 ) آية 6 سورة
الصف ( 2 ) آية 146 سورة
البقرة ( 3 ) آية 89 سورة
البقرة ( 1 )
آية 46 سورة
النساء وتكرر
نفس الآية في
آية 13 سورة
المائدة ،
وآية 41 سورة
المائدة
بزيادة (من بعد) ( 1 )
لأن موعد
السداد لم يحن ( 1 )
آية 82 سورة
النساء ( 2 )
آية 42 سورة
فصلت ( 3 )
آية
79 سورة الواقعة ( 4 )
آية 101 سورة
يونس |
---|