الشيخ عبد الجواد الدومى
Alshak Aldumy دروس قرآنية لفضيلة الشيخ الدومى الدرس الرابع عشر |
---|
الدرس
الرابع عشر بسم
الله الرحمن
الرحيم الرضي
الذي يحصل في
الجنة هو ثمرة
الرضا في
الدنيا .
والذي غضب
عليه في الدنيا
لا يرضي عنه
في الآخرة .
وعد الله
الذين آمنوا
وعملوا
الصالحات أن
يجزيهم جنات
تجري من تحتها
الأنهار فهم أرضوا
ربهم في
الدنيا فلم
يرهم في
الدنيا حيث
نهاهم ولم
يفقدهم حيث أمرهم
وحمدوا ربهم
في السراء
والضراء
وكانوا
راضيين عن
ربهم في جميع
الأحوال
فأثابهم الله
وقبل أعمالهم
وقابلهم
بالرضي من
ذاته العلية .
والرضي لمن
يرضي . أي من
يرضي عن الله
يرضي الله عنه
. فإذا كنت
أيها المؤمن
غير راض عن
ربك ولم تعجبك
المقادير ولم تعجبك
الأحوال في
الدنيا التي
قسمها الله لك
فإن كنت في
فقر اعترضت
علي الله وإن
كنت في غني
آذيت عباد
الله
واستغنيت
بمالك . فكأنك
تريد أن تكون
الأقدار علي
حسب مرادك فإذا
كنت كذلك فلا
نصيب لك ولا
حظ في رضا
الله جل جلاله
.
فالمؤمنون
يرون ثمرة
أعمالهم
المقبولة
ويرون رضوان
الله عليهم
نظير هذه
الأعمال
ونظير صبرهم
ورضاهم في
الدنيا .
لمن هذا
الجزاء من
الجنات وما
فيها مما لا
عين رأت ولا
أذن سمعت ولا
خطر علي قلب
بشر ورضا الله
جل جلاله ؟
قال ) لِمَنْ
خَشِيَ
رَبَّهُ[ .
الإيمان كما
قلنا دعوي
لابد لها من
دليل ولكن
يجوز أن
الإنسان يعمل
الصالحات
بظاهرة فقط
فتراه يصوم
ويصلي ولكنه
ينظر للمحرمات
ويعترض علي
الله ويؤذي
عباد الله
ويستهزئ بهم .
أو يصلي ويصوم
ليقال رجل طيب
ويتصدق ليقال
رجل محسن
وقلبه مملوء
بالقسوة علي
عباد الله ولا
رائحة للرحمة
فيه . أو تراه
يتعمق في
الصلاة ويطرق
رأسه ويتشدق
في التكبير والقراءة
وهو لم يستحضر
في قلبه معاني
الصلاة
والوقوف بين
يدي الله لأن
قلبه مشغول بالمعاصي
والآثام
مطبوع فيه صور
ما رآه من المحرمات
ومن آلات
اللعب واللهو
.
لما كان
الأمر كذلك
لزم التنبيه
إلي أن
الأعمال كلها
إن لم تكن
مصحوبة
بالخشية من الله
فغنها لا
تستحق دخول
الجنة ولا شم
رائحتها .
فعمل
الصالحات
لابد وأن يكون
خوفاً من الله
وخشية من الله
بحيث يكون
الخشوع لله
مستقراً في
القلب )ذَلِكَ
لِمَنْ
خَشِيَ
رَبَّهُ[ بعض
المفسرين
يقدرون
مضافاً
فيقولون (لمن
خشي عقاب ربه)
أي المذكور
الذي خاف من
عقاب ربه وترك
المعاصي
وحافظ علي
الطاعات . نعم
هذا الخوف
ولكن هذا هو
أنى المراتب
لأنه شأن عبد
السوء . الذي
لا يعمل إلا
خوفاً من عقاب
سيده . مثال ذلك
الرجل السفيه
الذي يخاف من
الحاكم خوف
عقوبة فهو
يترك الأفعال
السيئة خوفاً من
عقوبة
القانون وليس
احتراماً
للقانون بدليل
أنه يفعلها
بعيداً عن
الرقابة .
أما غيره ممن
هو أرقي منه
فإنه تستولي
علي قلبه هيبة
الحاكم فتراه
يخشي ويخاف
هيبة من
الحاكم ولذلك
قال (صلى الله
عليه وسلم) (أني لا
أخوفكم من
الله) . وهنا
يتبادر للذهن
سؤال كيف يقول
(صلى
الله عليه
وسلم)
ذلك وقد قال
له الحق جل
جلاله )إِنَا
فَتَحْنَا
لَكَ فَتْحًا
مُّبِينًا. لِيَغْفِرَ
لَكَ اللَهُ مَا
تَقَدَّمَ
مِن ذَنبِكَ
وَمَا
تَأَخَّرَ[
( 1 ) والإجابة
أنه كلما
إذداد قرب
المرء من
الرئيس
الأعلى كلما
اشتد خوفه
فمثلاً
الوزير يخشي الملك
لأنه يعلم أن
مركزه معلق
بإشارة منه . فيكون
المفهوم من
الآيات أن ذلك
الجزاء الحسن
من الجنة وما
فيها من
النعيم
والرضا من
الله إنما هو
لمن خشي ربه
وخافه خوف
إجلال ومهابة
لمن خاف
كبرياء الحق
وقهره
واستقرت الخشية
في قلبه . وإذا
كان الجزاء
ثابتاً لمن خاف
العقاب فكونه
لمن خاف مقام
ربه من باب
أولي .
الخشية أو
الخوف محله
القلب
والرجاء محله
القلب والخوف
والرجاء
متلازمان لا
متناقضان كما
قيل ذلك .
الأشياء
جميعها في
الدنيا
والآخرة إما
محبوبة وإما
مكروهة .
فالدنيا فيها
صحة ومرض وغني
وفقر وعز وذل
وبرد وحر وسفر
وحضر وهكذا كل
الأشياء
والآخرة فيها
جنة ونار ورضي
وغضب .
الأشياء
التي حدثت في
الماضي تكون
محبوبة إذا
كانت حسنة
وتكون مكروهة
إذا كانت سيئة
فهي ذكري أو
تذكر . فما
تعلق بالماضي
فهو تذكر . وإن
كان في الحال
فيقال له وجد
أو ذوق بحيث
إذا رأي حالة
حسنة يحصل
للقلب أفراح
وانبساط وإذا
رأي حالة لا تسر
يحصل للقلب
اكتئاب
وانقباض .
ويظهر أثر ذلك
علي الوجه . أما ما
يتعلق
بالمستقبل
فإذا توقع القلب
حصول أمر
محبوب فإنه
يسر ويظهر علي
الوجه علامات
السرور وهذا يقال
له رجاء وهو
قول العلماء
أن الرجاء
تعلق القلب
بمرغوب فيه مع
الأخذ في
الأسباب لكن
إذا توقع
القلب أمراً
مكروهاً في
المستقبل من
عقاب أو وعيد
مثلاً فهذا هو
الخوف .
فاللذة
والانتعاش
والراحة عند
انتظار القلب
لشيء محبوب
يحصل في
المستقبل
فهذا هو
الرجاء وإذا
تألم من شيء
مكروه يحصل في
المستقبل
فهذا هو الخوف
.
هل تكون
ملازمة المرء
للرجاء
والخوف علي
التناوب أو
تكون ملازمته
لهما كطائر
بين جناحيه
بأن يكون أحد
جناحيه هو
الرجاء
والآخر هو
الخوف .
الأرجح أن
يكون المريد
بين الرجاء
والخوف
كالطائر بين
جناحيه . ومع
ذلك لا تنافي
أن يكون ترجيح
أحدهما علي
الآخر بمثابة
الدواء
المركب من
صنفين فتارة
يرجح أحدهما
علي الآخر
لمصلحة وتارة
يتعادلان وقد
نقل عن الإمام
الشافعي رضي
الله عنه قوله
أن الشخص بين
الرجاء
والخوف يكون
كالطائر بين
جناحيه .
الدردير رضي
الله عنه قوله
: وغلب
الخوف علي
الرجاء وسر
لمولاك بلا
تنائي
ولا منافاة
بين هذا وذاك
لأن كلام الشافعي
رضي الله عنه
يعني أنه لابد
للإنسان من الرجاء
والخوف وأن
يكون معتدلاً
بينهما ولو أعطي
مقام الولاية
.
أما عبارة
الشيخ
الدردير رضي
الله عنه
فمعناها أيها
الغافل
والواقف مع
المادة إن ساعدتك
العناية وفتح
الله لك باب
الهداية فأنت
مبتدئ فشمر عن
ساعد الجد وغلب
الخوف علي
الرجاء فإن
الخوف بمثابة
السوط للدابة
يحفزها إلي
الخير ويزودها
عن المعاصي
فألهبها بسوط
الخوف حتى تؤدي
ما عليها من
الواجبات
بهمة ونشاط
واجتهاد لأنه
ما وصل من وصل
بالقعود
والنوم
والتقاعس . فإن
رسول الله (صلى
الله عليه
وسلم) كان يقوم
الليل حتى
تورمت قدماه .
علم الله جل
جلاله عدم
استقلال
الروح بالتكاليف
لذلك خلق الله
لها البدن
والأعضاء
مطايا وعلم
الله أن
المطية تحتاج
إلي زمام وإلي
سوط وأحدهما
لا يكفي
فالزمام
يقودها والسوط
يخيفها فلو
أرخيت لها
الزمام مشت
الدابة كيف
شاءت حتى تهلك
وتهلك صاحبها
فإذن يصلحها
السوط .
فالزمام هو
الرجاء
والسوط هو
الخوف .
وسبق أن قلنا
أن الأشياء
كلها منها ما
هو محبوب
ينشرح له
القلب ويجد له
لذة وارتياحاً
وهذا هو
الرجاء ومنها
ما هو مكروه
ينقبض منه
القلب وهذا هو
الخوف .
ولكن من الرجاء
والخوف ثلاثة
أقسام إفراط
وتفريط وحد وسط
، بل كل
الأمور التي
كلفنا الله بها
حدا الإفراط
والتفريط
والحد الوسط
بينهما .
فمثلاً بذل
المال فيه
إفراط وهو
الإسراف وفيه
تفريـط وهو
التضييق
ولذلك يقول
الحق جل جلاله
) وَلَا
تَجْعَلْ
يَدَكَ
مَغْلُولَةً
إِلَىٰ
عُنُقِكَ
وَلَا
تَبْسُطْهَا
كلَّ الْبَسْطِ
فَتَقْعدَ
مَلُومًا
مَّحْسُورًا[ ( 1
)
فالرجاء له
حد الإفراط
والتفريط (والحد
الوسط) بينهما
وكذلك الخوف .
وضربنا المثل
للرجاء بزمام
الدابة
وللخوف بالسوط
. فالإفراط في
الرجاء بمعني
مجازاة الحد
بأن تترك
للدابة
الزمام
وترخيه إلي
الآخر فتمشي
كيف شاءت بدون
أن تسوسها
وتقودها وهذا
لا يقال له
رجاء بل يقال
له حمق وغرور .
والتفريط في
الرجاء هو تضييق
الواسع حتى
يحصل اليأس
ونتيجته أن
ترجع الراية
للوراء حتى
تقع وتهلك
(والحد الوسط)
أن تجعل العقل
يمسك بزمام
البدن . والخوف
كذلك
فالإفراط فيه
هو التفريط في
الرجاء
والتفريط في
الخوف هو
الإفراط في
الرجاء . ومثال
الأخير أن
يفعل الإنسان
المعاصي ويترك
لدابة البدن
الزمام لفعل
المحرمات ثم
يقول أن الله
غفور رحيم
وينسي أن الله
تعالي إذا أطلق
في آية قيد في
آية أخرى فقال
)وَإِنِّي لَغَفَّارٌ[
لكن )لِّمَن
تَابَ
وَآمَنَ
وَعَمِلَ
صَالِحًا
ثُمَّ
اهْتَدَىٰ[
( 2 ) ويفهم
من هذه الآية الكريمة
أن الغفران له
شروط أربع –
لذلك يجب أن
تعلم أيها
المسلم أن
الاستغفار ليس
عبارة عن عدية
تقرأ علي
المسبحة
ألفاَ أو أكثر
من ألف والقلب
مثقل
بالمعاصي بل
يجب تطهير
القلب
بالاستغفار .
وهذه الآية
ذكر بعض
المفسرين أن
ظاهرها شديد
جداً يكاد أن
يوقع في اليأس
. وروي عن الإمام
الغزالي أنه
قال أن هذه
الآية أصعب
آية في القرآن
لأن من شروط
المغفرة هذه
الشروط
الأربعة وهي
شديدة . ولكنني
فهمت في هذه
الآية فهماً
هو :
التوبة
الشرعية
يشترط لها
ثلاث عناصر
الإقلاع عن
الذنب في
الحال والندم
علي الفعل
والعزم علي
عدم العودة
إلي الذنب .
والآية تضمنت
هذه العناصر ) وَإِنِّي
لَغَفَّارٌ
لِّمَن
تَابَ
وَآمَنَ
وَعَمِلَ
صَالِحًا
ثُمَّ
اهْتَدَى[
والمعني
وإني غفار لمن
تاب ورجع إلي
ربه وعلم أنه
له رباً يغفر
الذنب وأنه
عبد أساء في
حق مولاه
فاعترف بسوء
ما جنت يداه
وأنه قصر في
حق سيده وأنه
آمن بكرم ربه
وأنه رحيم يعفو
عمن اعترف بين
يديه بجرمه
فهذا آمن بأن
له رباً يغفر
الذنب فرجع
إليه وأقلع عن
ذنبه في الحال
– واعترف
بجرمه بين يدي
ربه بأنه أذنب
وأساء ولم يكن
ينبغي له أن
يفعل ذلك مع
سيده وندم علي
ما فعل وعزم
في قلبه عزماً
أكيداً علي
ألا يعود
للذنب .
فالآية
الكريمة )وَإِنِّي
لَغَفَّارٌ
لِّمَن
تَابَ
وَآمَنَ
وَعَمِلَ
صَالِحًا
ثُمَّ
اهْتَدَى[
فكان
المعني وإني
لغفار لمن
أقلع عن ذنبه
وتباعد عن
المعاصي وعلم
أن له رباً
يغفر الذنوب فرجع
إليه وهذا
مفهوم قول
الحق لمن تاب
وآمن . وبرجوع
العبد إلي ربه
والاعتراف
بالذنب والندم
علي فعله يكون
بذلك قد عمل
عملاً صالحاً
. وبعزمه علي
ألا يعود
للذنب أبداً يكون
اهتدي إلي
الصراط
المستقيم
ووافق الصواب
وسلك الطريق
القويم . وهذه
من شروط
التوبة والله
أعلم .
والرجاء
والخوف كما
قلنا لكل
منهماً حداً
الإفراط
والتفريط والحد
الوسط .
والرجاء
كالزمام
للدابة
والخوف كالعصا
للدابة .
والرجاء
والخوف مثلاً
ذمامان وكل
منهما يستعمل
عند اللزوم .
وعند تغليب
الرجاء يخشي
من استرسال
الدابة مع
الهوى فيجب أن
تسلط عليها
الخوف . وعند
تغليب الخوف يخشي
عليها من الوقوع
في اليأس
فاستعمل معها
الرجاء وشاور
لها بالطعام
والبرسيم حتى
تقوم وتتبعك .
علم الله أن
بعض العباد
يرغبون في الطعام
والشراب
واللذات فرغب
العوام بقوله )حُورٌ
مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ[
( 1 ) وقال
)فِيهِمَا مِن كُلِّ
فَاكِهَةٍ
زَوْجَانِ[
( 2 ) وهذا
الترغيب هو من
الرجاء ولكن
الخواص علم الله
أنهم يترفعون
عن الفاكهة
والحور
والقصور
والطعام
وأنهم يعبدون
الله حباً في
الله لا للجنة
. وكلهم
يعبدوك من خوف
نار ويرون
النجاة حظاً
جزيلاً أو لكي
يدخلوا
الجنان
فيحظوا بقصور
ويشربوا
سلسبيلاً ليس لي
في الجنان
والنار حظ أنا لا
أبتغي بحبي
بديلاً وابن
الفارض يقول : ليس
حظي من الجنان
نعيم غير
أني أريدها
لأراكا وقد
ترفع الخواص
عن النظر إلي
هذه اللذات
وعلم الله
منهم ذلك فقال
)وُجُوهٌ
يَوْمَئِذ
نَّاضِرَةٌ (22)
إِلَى
رَبِّهَا
نَاظِرَةٌ (23)[ فا
الله تعالي
يُرجيهم
بالتمتع
بالنظر إلي
وجهه الكريم
حتى يجدوا
ويجتهدوا ،
وإذا كان الحق
جل جلاله يرجي
عبادة
الصالحين
بالنظر لوجهه
الكريم في
الجنة حتى
يجتهدوا في
العبادة فإنه
مع الأسف تجد
كثيراً من
الناس يجد
ويجتهد ويسعي
لرؤية راقصة
فرنسية قدمت
للبلاد
حديثاً . علمت أن
المطلوب أن
يكون الرجاء
والخوف
متعادلين عند
اللزوم وأن
يجب تغليب
الرجاء علي
الخوف أو
تغليب الخوف
علي الرجاء
عند اللزوم . فلذلك
يجب أن يمسك
العقل الزمام
لسياسة
الدابة
والسوط
لتخويفها
والأصل أن
يسلك الإنسان
المسلك الوسط
كما قال الله
تعالي )وَيَرْجُونَ
رَحْمَتَهُ
وَيَخَافُونَ
عَذَابَهُ[
( 1 ) والسعادة
في ذلك فرجاء
الرحمة يحدث
في النفس نشاطاً
وحباً في فعل
الخير . ولكن
إن استرسل في
الرجاء ربما
يقع في الغرور
كما يفعل بعض
العوام فإنه
يرتكب
الكبائر
ويقول أمة
النبي بخير مع
أن المراد أمة
الإجابة لا
أمة الدعوة
لأنها تشمل
الكفار . أو من
يطمع في
المغفرة وذلك
أمر يأتي في
المستقبل
والمستقبل
غيب لا يعلمه
إلا الله
ولذلك يقول
سيدنا عمر بن
الخطاب رضي الله
عنه (لو نزل
كتاب من
السماء فيه
غفرت لجميع
الخلق ما عدا
واحد لخفت أن
أكون أنا الواحد)
. وكذلك
فإن الخاتمة
طبق السابقة
والسابقة
مجهولة لأنه
ورد أن الحق
جل جلاله قبض
قبضة وقال هذه
في الجنة ولا
أبالي وقبض
قبضة وقال هذه
في النار ولا
أبالي وورد أن
الرسول (صلى
الله عليه
وسلم) قال
(أن أحدكم
ليعمل بعمل
أهل الجنة حتى
لا يكون بينه
وبينها إلا
ذراع فيعمل بعمل
أهل النار
فيدخلها) . إذن
فلابد أن
يستعمل
الإنسان سوط
الخوف عندما
تهم النفس
بالاسترسال
في المعاصي فإن
همت بالنظرة
المحرمة يسحب
عليها سوط قول
الله تعالي )
قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ[
( 1 ) وإن همت
بالكذب يسحب
عليها سوط قول
الله تعالي )مَا
يَلْفِظُ
مِنْ قَوْلٍ
إِلَّا
لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ[ ( 2 ) . وإن أهملت
في مواعيد
الصلاة ولم
تهتم بصلاة الجمعة
والجماعة
فليفتح عليها
باب الخوف وليضرب
لنفسه مثلاً
أنه لو فاتته
لذة أو فاته
شراء حزمة فجل
علي الغذاء
فإنه يتأثر
ويحزن جداً
ولا يتأثر ولا
يحزن إذا
فاتته
الصلوات في
مواعيدها أو
فاتته الجمعة
أو الجماعة
فيجب عليه أن
يذكر نفسه أنه
محاسب وأن
عذاب النار
أمامه وعقاب
الله محقق إذا
لم يلحق نفسه
وأن طريق
النار لا يوصل
إلي الجنة . وأقرب
مثال لهذا
الرجل الذي
يسترسل في
الرخاء هو
مثال الرجل
الذي يجلس علي
القهوة ويحلم
بأنه اشتغل
بالتجارة
وربح منها
مئات الجنيهات
أو مثال
الجائع الذي
يردد بلسانه
كلمة الأكل
مئات المرات
والكلام وحده
لا يشبع الجوعان
ولا يروي
الظمآن ولا
يبشر بحسنات
ولا يدخل
الجنان . ولكن
لكي يقال
للشخص راجياً
فإنه يجب عليه
أن يأخذ في
أسباب مراده
فإذا كان
مراده أن يحصل
علي ربح من
الزراعة
فعليه أن
يستأجر الأرض
وأن يبحث هل
هي صالحة أو
سبخة وهل
إيجارها
مناسب أو غير
مناسب وماذا
يصلح للزراعة
فيها ثم يهيئها
بالحرث والبذر بالكيفية
الصحيحة ثم
يسقيها
بالماء
بكيفية مخصوصة
ثم ينقي
الحشائش منها
ثم ينتظر
المحصول .
وهذا المثال
ينطبق علي أرض
القلب فيجب أن
يتعهد المؤمن
أرض قلبه
ويحرثها
ويقلبها بالاستغفار
ويعرضها لشمس
المعرفة
فتسلط عليها شعاعها
وحرارتها
فتخرج منها
رطوبات
الشكوك والشرك
الخفي ثم يضع
في قلبه بذر
الإيمان
ويدفنه في أرض
الخمول ويضع
نفسه تحت
رجليه
تواضعاً لله ويتعهد
البذر بماء
الطاعات
والأعمال
الصالحة فإنه
إن لم يفعل
ذلك لا يرقي
إلي ملكوت السموات
ولا يجني ثمرة
العمل والتعب
. وعليه أن يراعي
قول الله
تعالي )إِنَّ
الصَّلَاةَ
كَانَتْ
عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ
كِتَابًا
مَوْقُوتًا[
( 1) وقوله )وَمِنَ
اللَّيْلِ
فَتَهَجَّدْ
بِهِ
نَافِلَةً لَّكَ[
( 2 ) وقوله )قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا[( 3 ) وأن
يلاحظ ألا
يستغرق في
العبادة
وينام الليل
فيعجز عن أداء
عمله والسعي
علي معاشه
ومعايش
أولاده . كما
يجب عليه بعد
وضع بذرة
الإيمان
وتعهده بماء
الطاعات أن
ينفي قلبه من
شوك الأخلاق
الرديئة ثم
يقوم علي
حراسة الأرض
وانتظار
المحصول وهذا
وقت الرجاء في
الله وحده فهو
القادر علي
إنبات الحب
وإخراجه من
الأرض )إِنَّ
اللَّهَ
فَالِقُ
الْحَبِّ
وَالنَّوَىٰ[ ( 4
) وهو وحده
الخالق
لكل شيء وهو
القائل )أَفَرَأَيْتُمْ
مَا
تُمْنُونَ
أَأَنْتُمْ
تَخْلُقُونَهُ
أَمْ نَحْنُ
الْخَالِقُونَ[
( 5 ) )أَفَرَأَيْتُم
مَّا
تَحْرُثُونَ(63)
أَأَنتُمْ
تَزْرَعُونَهُ
أَمْ نَحْنُ
الزَّارِعُونَ
(64)
[(
6 )
ثم يقول
توكلت عليك يا
رب وأسألك أن
تمنع عن الأرض
الصواعق والجوائح
والآفات
فإنها كلها في
قبضة الحق جل
جلاله .
هذا طرف ما
يتعلق
بالرجاء .
وأما الخوف
فإن الإفراط
فيه يبعث علي اليأس
فعليه أن يفتح
باب الرجاء
ويتذكر قول من
قال (لو فعل
العبد ذنوباً
بحيث لو جسمت
لبلغت عنان
السماء ثم قال
تبت وندمت
يقول له الحق
جل جلاله
سامحتك وعفوت
عنك) .
وقد جمع هذا
كله قول
المصطفي(صلى
الله عليه
وسلم) (الكيس
من دان نفسه
وعمل لما بعد
الموت والعاجز
من اتبع نفسه
هواها وتمني
علي الله الأماني)
.
فالكيس من
سلك الطرق
الموصلة
للجنة وعمل
الأعمال
الصالحة وسلك
طريق العلم
بالتعلم
والولد
بالتزوج
والعاجز بعكس
ذلك الذي يركن
ويكسل ويتمني
بلسانه حصول
المراد والله
أعلم .
( 1 )
أول سورة
الفتح . ( 1 ) آية 29 سورة
الإسراء ( 2 ) آية 82 سورة
طه ( 1 ) آية 72 سورة
الرحمن ( 2 ) آية 52 سورة
الرحمن ( 1 ) آية 57 سورة
الإسراء ( 1 ) آية
30 سورة
النور ( 2 ) آية
18 سورة ق ( 1 ) آية 103 سورة
النساء ( 2 ) آية 79 سورة
الإسراء ( 3 ) آية 2 سورة
المزمل ( 4 ) آية 95 سورة
الأنعام ( 5 ) آية 58 ، 59 سورة
الواقعة ( 6 ) آية 63 ، 64
سورة الواقعة |
---|