Khk_taher فضيلة شيخنا
الطاهر محمد أحمد الطاهر الحامدى

Alshak Altaher
تأملات فى السيرة

تأملات فى السيرة

أحداث فى غزوة تبوك

لفضيلة الشيخ / الطاهر الحامدى

لم يجر فى غزوة تبوك قتال والتحام بين المسلمين والروم ولكن هناك أحداث ومواقف كانت عند التأهب والمسير الى تبوك جديرة بأن  يتناولها خلال حديثنا عن غزوة تبوك بالتعليق والإفادة منها ومن ذلك حثَّ النبى صلى الله عليه وسلم أصحابَهُ على النفقة فى سبيل الله وذلك لأن هذه الغزوة كانت فى زمن جدب وشدة قيظ مع بعد فى المسافة مما يتطلب كثرة الزاد والنفقة ويروى محمد بن عمر وعمران بن حصين أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجلس كل يوم على المنبر فيدعو ويقول اللهم ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد فى الارض فلم يكن للناس قوة ويروى أنه صلى الله عليه وسلم حض الناس على الصدقة فجاءوا بصدقات كثيرة فكان أول من جاء أبو بكر الصديق رضى الله عنه باربعة الاف درهم وهى ماله كله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أبقيت لأهلك شيئا فقال أبقيت لهم الله ورسوله وجاء عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمال كثير فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ابقيت لاهلك شيئا قال نعم مثل ما جئت به وكذلك تصدق جميع الصحابة كل  على قدر استطاعته نذكر منهم العباس بن عبد المطلب وطلحة بن عبيد الله وسعد بن عبادة وعبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان جهز ثلث الجيش حتى أنه كان يقال ما بقيت له حاجة  ويروى أن عثمان رضى الله عنه تصدق حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ويروى أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم ارض عن عثمان فانى عنه راض ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد المنبر يوم العسرة فحثَّ على الصدقة فكان عثمان يقول على مائة بعير وأنه صلى الله عليه وسلم نزل درجة وحث على الصدقة وقال عثمان على مائة بعير وهكذا حتى بلغ ثلاثا فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما على عثمان ما عمل بعد هذا اليوم -يعنى ليس عليه وزر ولا ذنب بعد اليوم وهكذا كان البذل فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن قاصراً على أهل الغنى والثراء فكان الرجل من عامة الناس يأتى بالبعير يقول لصاحبه هذا البعير بيننا نعتقبه تشجيعا له للخروج للغزو حتى أنه كانت النساء يبعثن بما يقدرن عليه ,ويروى أن الجد بن قيس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد فقال يا رسول الله ائذن لى فى القعود فانى شديد الميل الى النساء فلا آمن على نفسى منهن فقال له النبى صلى الله عليه وسلم  تجهز فإنك موسر وفى هذا الرد من النبى صلى الله عليه وسلم دليل على أن عذره كاذب والواقع أنه بخيل حيث أنه موسر ويخشى النفقة  فقال له النبى صلى الله عليه وسلم تجهز تجهز فانك موسر فلعلك تفوز بواحدة من بنات بنى الأصفر تردفها خلفك وأنت عائد فأنت ترى النبى صلى الله عليه وسلم بما يدعيه الجد كذبا أنه سبب لقعوده عن الغزو فتمادى الجد بن قيس فى زعمه بتمسكه بعذره المزعوم فقال للنبى صلى الله عليه وسلم أو تأذن لى ولا تفتنى فوالله لقد عرف قومى ما احد اشد عجبا بالنساء منى وانى أخشى أن رأيت نساء بنى الأصفر أن لا اصبر عليهن فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأسا منه فقال قد أذنا لك  وأنزل الله فيه قرآنا ( ومنهم من يقول ائذن لى ولاتفتنى الأ فى الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) الأية, هذا ولم يكن الجد بن قيس من المتكاسلين عن الحرب والخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم وانما كان كثير من اليهود والمنافقين ويروى أن سويلم اليهودى كان يتخذ من بيته وكرا يجمع فيه الناس يثبطهم عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسل النبى صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله ونفرا من أصحابه يحرق عليهم بيته ولم يكن ذلك فحسب بل اشتد الأمر حتى بنى بعض المنافقين مسجدا عرف فى الإسلام بالمسجد الضرار ليصرف الناس عن الخروج مع رسول الله فقدموا حججا تنطلى على مرضى النفوس فقالوا قد بنينا مسجدا لذى العلة وذى الحاجة والليلة المطيرة وبمنتهى البجاحة والوقاحة والصلافة طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيه  كأنهم يطلبون تصريحا وإذنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإفتتاح مسجدهم لكن الله سبحانه وتعالى كان لهم بالمرصاد فأنزل فيهم وفى مسجدهم قرآنا يتلى الى يوم القيامة ناهيا النبى صلى الله عليه وسلم أن يصلى فى المسجد كاشفا عن أغراضهم الخبيثة فاضحا أهدافهم المخربة فى بناء المسجد فقال (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن اردنا الا الحسنى والله يشهد إنهم لكذبون لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)ولقد اكتنفت غزوة تبوك أحداث ومواقف  هى أقرب الى المشاكل والمعوقات التى تحتاج الى رأى بات حاسم ولقد كان صلى الله عليه وسلم هو ذلك القائد ذو الرأى الصائب بالاضافة الى ما سبق ومن ذلك مثلا أنه صلى الله عليه وسلم ابتلى بمن سماهم أهل الحديث والسيرة المعذرون والمخلفون وهم نفر ممن كانوا بالمدينة حين التأهب للغزوة منهم من قدَّمَ أعذاراً كاذبةً قدّموها للنبى صلى الله عليه وسلم كذباً يبغون منها تثبيط همة المقاتلين ....... ولم يكن خروجهم مع الجيش أحسن حالا من أعذارهم التى قدموها وما أحسن تعبير القرآن الكريم عندما قال يستحسن عدم خروجهم للغزو عندما قال سبحانه وتعالى (لو خرجوا فيكم ما زادوكم الاخبالاولأوضعوا خللكم يبغونكم الفتنة وفيكم سمعون لهم )    على أن طائفة من المعذرين كانوا مثالا للإيمان الصادق لأنهم جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغون الخروج لكنهم يشكون ضيق ذات اليد وقابلهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لايجد ما يحملهم عليه ففاضت عيونهم بدموع الندم لضيق ذات اليد ولقد قال الله فيهم راويا حكايتهم وأنه استثناهم من الوزر حيث قال (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون  ) وهناك صنف آخر يعترف بأنه تخلف من غير عذر وأنه لم يكن فى يوم من الأيام يمتلك راحلتين وليس راحلة واحدة مقراً بذنبه معترفاً بتقصيره نادماً على ما فعل ولما علم الله توبته وصدقه فى انابته عفا عنه وقبل توبته وأنزل فى ذلك قرآنا حيث قال (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الأرض بمارحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لاملجأ من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله تواب رحيم )وقصتهم مشهورة معروفة عند كتاب السير حيث أنهم جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترفوا أنهم تخلفوا بلا عذريروى كعب بن مالك قصته فى تخلفه ومراودته نفسه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ولقائه معه بعد عودته نترك كعب بن مالك يروى هذا الحوار المؤثرمع نفسه و الرسول صلى الله عليه وسلم راحل وحواره الصادق بعد عودته صلى الله عليه وسلم يقول كان من  خبرى أنى لم أكن قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه الغزوة والله ما اجتمعت عندى قبله راحلتان قط حتى جمعتهما فى هذه الغزوة ولم أقض من جهازى شيئا وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز المسلمون معه فخرج فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين فغدوت بعد أن فصلوا فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أمعن القوم وأسرعوا وتفارق الغزو فهممت أن أرتحل لأدركهم ويا ليتنى فعلت ولم يذكرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس فى القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك ؟فقال رجل يا رسول الله حبسه برداه ونظره فى عطفيه فقال معاذ بن جبل ويقال ابو قتادة بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمت منه الا خيراً فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه قافلا حضرنى همى فطفقت أعد عذرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأهئّ الكلام وأقول بماذا أخرج من سخطه صلى الله عليه وسلم غدا واستعنت على ذلك بكل ذى رأى من أهلى فلمّا قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اظل قادما زاح عنى الباطل  وعرفت أنى لم أخرج منه أبدا بشئ فيه كذب فأجمعت صدقه وعرفت أنه لا  ينجينى منه الا الصدق فبدأ صلى الله عليه وسلم بالمسجد فركع ركعتين فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب فقال لى تعال فجئت أمشى حتى جلست بين يديه فأعرض عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لى ما خلفك الم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ فقلت بلى انى والله يا رسول الله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا أيقنتُ أنّى سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكنى والله لقد علمت لان حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عنى ليوشكن الله تعالى أن يسخطك على وان حدثتك اليوم حديث صدق  تجد على فيه انى لأرجوفيه عفو الله عنى لا والله ما كان لى من عذر والله ما كنت اقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضى الله فيك ما يشاء والى هنا ننتهى وان شاء الله نستكمل حديث كعب وزميليه فى حلقة قادمة ان شاء الله