الشيخ محمّداحمد الطاهر الحامدي
Alshak Mohamed Altaher ٣ مرشد الانام |
---|
بسم الله
الرحمن الرحيم مقدمة أبتدأ شيخنا
تأليفه بالبسمله
أقتداء بالقرأن
الكريم
وعملا بالآحاديث
الوارده في طلب
الأبتداء بها فقوله
صلى الله عليه
وسلم ( كل أمر ذى
بال لايبداء فيه
ببسم الله الرحمن
الرحيم وفي رواية
بالحمد لله وفي
روايه بذكر الله
فهو أقطع ) وهو حديث
حسن كما قال الأمام
النووى في شرح
مسلم وهو من باب
التشبيه البليغ اى فهو كا
الشخص الأقطع اى
المصاب بقطع يديه
والعياز بالله
تعالى والمراد
أن العمل الذى
لايبداء فيه بذلك
يكون ناقصا وقليل
البركه وأتباع
له صلى الله عليه
وسلم ولآصحابه
الكراموسائر العلماء
العاملين فأنهم
مازلو يفتتحون
تاليفهم وخطبهم
ودروسهم وسائر
مهماتهم بالبسمله
رجاء للبركه وطمعا
في الصواب والمعونه
من الله تعالى قال الشاعر الحمد لله
عظيم النعم منشيء
الوجود كله من
عدم ثنى بالحمد
كما أبتداء بالبسمله
أقتداء بالقرأن
الكريم أيضا وأتباعا
للنبى صلى الله
عليه وسلم والصحابه
والتابعين والعلماء
العاملين عملا
بالحديث المتقدم
والكلام عن البسمله
والكلام عن البسمله
والحمد لله كثير
شهير فلا نطيل
به وقولنا
عظيم النعم أى
جليلها يقال عظم
الشيء يعظم عظما
كعتب وعظامه كسحاب
فهو عظيم أى جليل
والنعم جمع نعمه
بكسر النون فيه
والنعمة والنعماء
كحمراء والنعمه
كحبلى بمعنى واحد
وهو كل ملائم للنفس
أى موافق لطبعها
ورغبتها وبعضهم
يزيد كونه محمود
العاقبه شرعا وعليه
فلا نعمه لله تعالى
على كافر وعلى
الآول الكافر منعم
عليه في الدنيا
وأنلم تحمد عواقب
ماينعم الله تعالى
به عليه من صحة
ومال وولد وغير
ذلك وهذا هو صحيح
وأنما كانت نعمه
تعالى عظيمة
لآنها فعله عزوجل
وأثار رحمته وأثر
العظيم عظيم وكما
أنها عظيمه في
كيفيتها فهى كثيره
في كميتها قال
الحسن بن على رضى
الله عنه نعم الله
أكثر من أن تشكر
ألا ما أعان الله
عليه وذنوب بن
أدم أكثر من أن
تغفر الا ماعفي
الله عنه وقد قال
بعض السلف قد اصبحبنا
من نعم الله تعالى
مالا نحصيه مع
كثرة مانعصيه فلا
ندرى أيها
نشكر أجميل ماينشر
أم قبيح مايستر
وقد ذكر القرأن
الكريم منها أعداد
وأفرة في عدة مواضع
من ذلك قوله تعالى
الله الذى خلق
السموات والآرض
وأنزل من السماء
ماء فأخرج به من
الثمرات رزقا لكم
وسخر لكم الفلك
لتجرى في البحر
بأمره وسخر لكم
الآنهار وسخر لكم
الشمس والقمر دائبين وسخر
لكم الليل والنهار
وأتاكم من كل ماسألتموه
وأن تعدو نعمة
الله لاتحصوها
أن الانسان لظلوم
كفار ومن جلاء
نعمه سبحانه أن
خلق الأنسان سوى
الآعضاء معتدل
القامه وجعل له
عينين ولسان وشفتين
ولهمه النطق وعلمه
البيان وأعطاه
الأدراك والتمييز
وأمده بالعقل الذى
به يعرف ألنافع
من الضار والطيب
من الخبيث والحق
من الباطل ومن
النعم الجليله
أيضا على الانسان
أن يرزقه الله
تعالى صحة البدن
ويجعله أمن الأعداء
عنده كفايته من
المأكل والمشرب
والملبس كما قال
صلى الله عليه
وسلم ( من بأت أمنه
في سربه معافا
في بدنه عنده قوته
يومه فكأنما حيزة
له الدنيا بحزافيرها ) . وفي ذلك
يقول الشاعر اذا مال
اقوت يأتيك كذا الصحة
والأمن وأصبحت
أخا حزن فلا فارقك
الحزن ومنها العافيه
التى قال عنها
الشبلى رضى الله
عنه أنها أربعة
أشياء دين قوى
وأعتقاد صحيح وب\دن
قانع من الحرص
وقلب طاهر من غش
المسلمين وأجل
النعم وأعظمها
نعمة الدين ، والتوفيق
للإيمان وهى التى
عندها سفيان رضى
الله عنه بقوله
: أفضل النعم معرفة
لا إلا إلا الله
: ولا منأفأة بين
هذا وبين قلناه
في المقدمة من
أفضل النعم على
الإطلاق سعادة
الأخرة : لأن سعادة
الأخرة – كما أوضحناه
هناك أنما تترتب
على نعمة الدين
، ومعرفة لا إله
إلا الله : فنعمة
الدين هى الأصل
، قال تعالى ( لقد
من الله على المؤمنين
إذ بعث فيهم رسولا
من أنفسهم يتلو
عليكم أياته ويزكيهم
ويعلمهم الكتاب
والحكمة وإن كانوا
من قبل لفي ضلال
مبين ) وقال جل ذكرة
( اليوم أكملت لكم
دينكم وأتممت عليكم
نعمتى ورضيت لكم
الإسلام دينا
) وفي صحيح البخارى
أن بعض اليهود
– هو كعب الأحبار
رضى الله عنه – قبل
أن يسلم قال لسيدنا
عمر بن الخطاب
رضى الله عنه لوأن
نزلت علينا نزلت
هذه الأية لا تخذنا
ذلك اليوم عيدا
. فقال عمر رضى الله
عنه إنى لأعلم
أى يوم نزلت هذه
الأية. نزلت يوم
عرفة في يوم جمعة
. وقولنا : منشى الوجود
كله من عدم. بتسهيل
همزة منشيء للوزن
، أى موجود ومبدع
الموجودات كلها
من العدم . فالوجود
مصدر ، بمعنى أسم
المفعول ، وأل
فيه للإستغراق
، فيشمل جميع الموجودات
العلوية والسفلية ومنها أفعال
العباد الأختيارية
فهى مخلوقة لله
تعالى وحده ، وليس
للعباد فيها إلا
مجرد الكسب والأختيار
، كما سياتىتحقيقة
أن شاء الله تعالى
. إن قلت كيف ساغ
إطلاق المنشى على
الله تعالى وأسماؤه
توقيفية أى على
الإذن والتوقيف
من الشارع . قلت
يمكن إجراء هذا
على القول بأنه
يكفي في الإذن
ورود أصل المادة
، وقد قال تعالى
(وهو الذى أنشا
جنات معروشات وغير
معروشات) وغير
قيل إن المتوقف
على الإذان الإطلاق
بالمعنى الإسمى
لا بالمعنى الوصفي
كماهنا والله أعلم . قال كان تعالى
وحده ولم يكن شيء إلى
أن قال للعالم
كن هذا البيت
مع قولنا في البيت
السابق منشى الوجود
كله من عدم تصريح بما
هو الأعتقاد الصحيح
. الذى اتفقت عليه
جميع الملل والشرائع
من هذه الأمة وغيرها.
من أن الله تعالى
وحده هو الموجود
، الذى لا أول لوجوده
. الذى كان قيل كل
شيء : كان ولم يكن
شيء معه من هذا
العالم ، لا زمان زلا
مكان ، ولا ليل
ولا نهار ، ولا
سماء ولا أرض ،
ولا شمس ولا قمر
،ولا فلك ولا ملك
، ولا إنس ولا جن
، ولا جسم ولا روح
، ولاحس ولا معنى
مطلقا : وإنما جميع
ذلك حدث بعد العدم
. ووجد بعد أن لم
يكن . أنفردالله
تعالى بإيجاده
في الوقت الذى
أراده . وسبق في
علمه أن يكون فيه.
من غير افتقار
إليه ، ولا حاجة
دعته إلى إيجاد
. لأنه سبحانه هو
الغنى المطلق الذى
لا يحتاج إلى شيء
، كما قال تعالى
( يأيها الناس أنتم
الفقراء إلى الله
والله هو الغنى
الحميد ) بخلاف
العبد . فإنه إنما
يفعل لحاجته إليه
في جلب منفعة له
. أو دفع مضرة عنه
وقولنا : إلى أن
قال للعالم كن
، معناه إلى أن
أراد كونه ووجوده
، فكان على النظام
الذى أراده ، والتدريج
الذى اقتضته حكمته
. من خلق النور المحمدى
أولا ، وخلق جميع
العوالم منه ،
كما سيأتى في البيت
الذى بعده ، وليس
المراد أنه تعالى
صدر منه قوله ( كن
) حقيقة كما هو ظاهر
العبارة . قال فأنشأ النور
البديع الزاهى نور النبي
المصطفي الأواء أشار بهذا
البيت إلى ما عليه
أشياخنا وأنمتناالكرام
من العلماء العاملين
، والسادة الصوفية
المحققين ، وهو
أن أول المخلوقات
على الإطلاق نور
نبينا وسيدنا محمد
( صلى الله عليه
وسلم ) فهو أول صادر
عن الذات العلية
, وبواسطتة وسييه
وجدت جميع الكائنات
العلوية والسفلية
وقد وردت بذلك
أحاديث وأثار كثيرة
رواها جماعية من
الحفاظ وأساطين
على الحديث وأودعوها
في مصنفاتهم التى
انتشرت في الأوفاق
, وتلقتها الأمة
بالقبول حتى أصبحت
هذه الأحاديث بعد
ذلك – وإن كان في
بعضها مقال بالضعف
والأنقطاع – صحيحة
المعنى والمبنى
جميعا . منا حديث
جابر المشهور قال
: سألت رسول الله
( صلى الله عليه
وسلم ) عن أول شيء
خلقه الله ( هو نور
نبيك يا جابر ) الحديث
أورده الحافظ عبد
الرزاق بن همام
الصنعانى في مصنفه
والبيهقى في دلاتله
والقسطلانى في
المواهب . وأبن
حجر الهيتمى في
شرح الهمزية وغيرهم
ومتها قوله ( صلى
الله عليه وسلم
) ( كنت أول النبين
. وفي رواية أول
الناس في الخلق
. وأخرهم في البعث ) ذكره بن
أبى حاتم في تفسيره
. وأبو نعيم في دلاته
. والحافظ السيوطى
في الخصائص والجامع
الصغير . ومنها
قوله ( صلى الله
عليه وسلم ( أول
ما خلق الله نورى
. ومن نورى خلق كل
كل شيء ) ذكره العلامة
الفاسى في شرح
دلائل الخيرات
. ومنها قوله ( صلى
الله عليه وسلم
)( أنى عند الله خاتم
النبين وأن أدم
لمنجدلفي طينته
) أخرجه الإمام
أحمد والحاكم والبيهقى
. ومنها حديث أبن
عباس رضى
الله عنه قال : أوحى
الله تعالى الى
عيسى عليه السلام
، ياعيسى أمن محمد
( صلى الله عليه
وسلم ) ومرمن أدركة
من أمتك أن يؤمنوا
به . فلولا محمد
ما خلقت أدم . ولا
الجنة والنار
. ولقد خلقت العرش
على الماء فأضطرب
.فكتبت عليه لا
إله إلا الله محمد
رسول الله فسكن
صححه الحاكم : ومثل
هذا لايقال من
ابن عباس من قبل
الرأى فله حكم
المرفوع ومنها
حديث سلمان رضى
الله عنه قال. هبط
جبريل عليه السلام
على النبي ( صلى
الله عليه وسلم
) فقال إن ربك يقول
لك إن كنت اتخذت
إبراهيم خليلا
فقد أتخذك حبيبا
، وما خلقت خلقا
أكرم على منك ولقد
خلقت الدنيا وأهلها
لأعرفهم ومنزلتك
عندى ، ولولاك
ما خلقت الدنيا
رواه ابن عساكر
وذكره القسطلانى
المواهب . وهذه الأحاديث
الثلاثة الأخيرة
وإن لم يكن صريحة
في المقصود من
البيت هنا . وهو
أولية النور المحمدى
إلا أنها محتملة
له أحتمالا قريبا
خصوصا إذا انضمت
إلى أحاديث المتقدمة
( وقد قالوا خير
مافسرتة بالوارد
) : فإن قلت : قد روى
الإمام أحمد وأبن
حبان في صحيحه والحاكم
من حديث أبى هريرة
رضى الله عنها
قال . قلت يارسول
الله إنى إذا رأيت
طالب نفسى وقرت
عيني أنبئنى عن
أصل كل شيء قال
خلق من الماء فهذا
الحديث بدل على
أن الماء أصل جميع
المخلوقات ومادتها
فيكون أصلا حتى
للنور المحمدى
ومن ثم يمون مخلوقا
قبله ضرورة فتكون
له – أى الماء – لا
للنور , أولية الحقيقة
, فهو أول المخلوقات
على الأطلاق . وهو
أصل جميعها بلا
إستثناء وأعنى
أنه السبب في وجودها
وأولية ما عداه
كالماء في هذه
الرواية , وكالقلم
والعقل في روايات
أخرى أولية نسبية
فقولة ( صلى الله
عليه وسلم ) لأبى
هريرة رضى الله
عنه : كل شيء خلق
من الماء معناه
كل شيء وجد وتكون
منه , بعد أن وجد
هو بسبب النور
المحمدى الشريف
وأنما حملناه على
المعنى جمعا بين
الأحاديث .وليكون
مناسبا لسؤال أبى
هريرة ، فإنه إنما
سأل عن المادة
والأصل ، الذى
تكونت منه الأشياء
كما هو صريح قوله
: أنبئنى عن أصل
كل شيء ، فأجابه
( صلى الله عليه
وسلم) بأن الماء
هو أصل كل شيء ولم يسأل
كما سأل جابر رضى
الله عنه ، عن أول
شيء خلقه الله
تعالى ، وإلا لأجابه
عليه الصلاة والسلام
بما أجاب به جابر
في حديثة المتقدم
. فأفهم . قال ومنه حقا
خلق الأشياء من بعد
أن قسمه أجزاء يعنى أن
النور المحمدى
الشريف خلق الله
تعالى الأشياء
كلها وذلك بعد
أن قسمه إلى أجزاء
كما جاء في حديث
جابر رضى الله
عنه المونه عنه
سابقا ونصه قال
جابر : قلت يا رسول
الله أخبرنى عن
أول شيء خلقه الله
تعالى قبل الأشياء
قال ياجابر : إن
الله تعالى خلق
الأشياء نور نبيك
من نوره فجعل ذلك
النور يدور بالقدرة
حيث شاء الله ولم
يكن في ذلك الوقت
لوح ولا قلم ولا
جنة ولانار ولا
ملك ولا سماء ولا
أرض ولا شمس ولا
قمر ولا جن ولا
إنس فلما أرادا
تعالى أن يخلق
الخلق قسم ذلك
النور أربعة أجزاء
فخلق من الجزء
الأول القلم . ومن
الجزء الثانى اللوح
. ومن الجزء الثالث
العرش . ثم قسم الجزء
الربع أربعة أجزاء
. فخلق من الجزء
الأول حملة العرش
ومن الثانى الكرسى ومن الثالث
باقى الملائكة
. ثم قسم الربع أربع
أجزاء فخلق من
الأول السماوات . ومن الثانى
الأرض . ومن الثالث
الجنة والنار
. ثم قسم الرابع
أربعة أجزاء . فخلق
من الأول نور أبصار
المؤمنين . ومن
الثانى نور قلوبهم
وهو المعرفة بالله
ومن الثالث نور
أنسهم وهو التوحيد
: لا إلا الله محمد
رسول الله (صلى
الله عليه وسلم
) مسائل الأولى
. أبدى العلماء
أحتمالين في كون
هذا النور الشريف
الذى خلق قبل الأشياء
. جوهرا أو عرضا
. واستظهروا أنه
من مواقف العقول
. فهو حقيقة أستأثر
الله تعالى بعلمها
وحجبها عن عقول
الخلق وليس هذا
بأول شيء أمنا
به وفوضنا إلى
الله تعالى علم
حقيقته
وكم حقائق قريبة
وبعيدة من الإنسان
لايعلم من كنهها
شيئا وهل على الإنسان
حقيقه وكم حقائق
قريبة وبعيدة من
الإنسان لا يعلم
من كنهها شيئا
وهل على الأنسان
حقيقة روحه ؟ وعرف
هل هى داخل بدنه
أو خارجه ؟ وأين موضعها
من البدن ؟ الثانية
– معنى من قولة ( صلى
الله عليه وسلم
) في حديث جابر رضى
الله عنه ( إن الله
خلق قبل الأشياء
نور نبيك ) الأبتداء
. والنور المجرور
بها . معناه الظهور
. والضمير المضاف
إليه عائد على
الله تعالى . والمعنى
أن الله تعالى
خلق الأشياء نور
نبيك من ظهوره
عز وجل يعنى بلا
واسطة ومن غير
مادة أصال بل بمحض
المشيئة الإلهية والعناية
الربانية , وأما
من في قوله عليه
الصلاة والسلام
في الحديث الأخر
: ومن نورى خلق كل
شيء . وقولتا في
النظم : ومنه حقا
خلق الأشياء فهى
للسبية بمعنى أن
الله تعالى جعل
نوره ( صلى الله
عليه وسلم ) سببا
وواسطة لخلق جميع
الموجودات . وليست
هى كمن في قوله
تعالى ( فإن خلقنا
كم من تراب ثم من
نطفة ) : إذا أن الموجودات
لم تخلق وتتكون
من النور المحمدى
كما خلق أدم عليه
الصلاة والسلام
من التراب وكما
تكون الجنين من
النطفة الثالثة
قولنا فيالنظم
من بعد أن قسمة
أجزاء تبعنا فيه
لفظ الحديث الشريف
حيث قال كما مر
ولما أراد الله
تعالى خلق الاشياء
قسم ذلك النور
أربعة أجزاء وقد
علمت من المسألة
الثانية أن النور
المحمدى سبب وواسطة
فقط لخلق الموجودات
وعليه في تجزئة
ولاتقسيم حققة
بل هذا النور الشريف
حقيقته مغايرة
لحقائق سائر الموجودات
مغايرة تامة لم
تنقسم الى اقسام
ولم ينسلخ منها
شيء أصلا والله
اعلم الرابعة
: أختلف العلماء
في أول المخلوقات
بعد النور المحمدى
والصحيح أنه الماء
، ثم العرش ثم القلم
، ثم اللوح ، ثم
السماوات ، ثم
الآرض ، بناء على
أن دحوها المذكور
في قولة تعالى
( والآرض بعد ذلك
دحاها ) أى بعد خلق
السماوات ، معناه
إيجادها وتكوينها
وقال بعضهم إن الآرض
خلقت بعد السماء
من غير دحو ثم دحيت
وبسطت بعد ذلك
لقولة عز وجل ( قل
أئنكم لتكفرون
بالذى خلق الآرض
في يومين ) هما الأحد
والآثنين ( وتجعلون
له أنداد ذلك رب
العالمين وجعل
فيها روسى من فوقها
وبارك فيها وقدر
فيها أقواتها في
أربعة أيام ) أى
في يويمن تمام
أربعة أيام وهما
الثلاثاء والأربعاء
( سواء للسائلين
ثم استوى الى السماء
وهى دخان فقال
لها وللأرض ائتيا
طوعا أوكرها قالتا
أتينا طائعين فقضاهن
سبع سماوات في
يومين ) هما الخميس
والجمعه وتم خلق
السموات والارض
جميعا في ستة أيام
، كما جاء في ايات
أخرى : أولها الأحد
وأخرها الجمعة
وأما السبت فلم
يقع فيه خلق وبهذا
يتضح لمقام وينتفي
التعارض بين أيات
الكتاب العزيز
الذى لاياتيه الباطل
من بين يديه ولا
من خلفه . قال صلى على
صاحبه وسلما إلهنا
، ما أمت العيس
الحمى كل من جملة
صلى وسلم هنا خبرية
لفظا دعائية معنى
، والمراد صل وسلم
يا إلهى على صاحب
ذلك النور العظيم
، سيدنا ومولانا
محمد (صلى الله
عليه وسلم ) ما أمت
العيس الحمى أى
ماقصدت العيس
– بكسر العين وسكون
الياء – وهى كرائم
الإبل أى ما قصد
راكبوها الحمى
أى حمى الاحباب
وهو مكانهم الخاص
بهم الممنوع من
غير عشاقهم وطلابهم
قال في المصباح
حميت المكان من
الناس حميا من
باب رمى
وحميته بالكسر
منه وأحميته بالألف
جعلته حمي لا يقرب
ولا يجترأ .قال
الشاعر ونرعي حمي
الأقوام غير محرم علينا ولا
يرعي حمانا الذي
نحمي والمقصود
من هذه الجملة
تأبيد طلب الصلاة
والسلام من الله
تعالي علي الحبيب
المحبوب {صلي الله
عليه وسلم} كما
جرت به عادة العرب
في مثل ذلك ,لا التحديد
كما هو ظاهر العبارة
,علي أن القصد لأماكن
الأحبة لا ينقطع
دنيا وأخري ,فإن
اهل الجنة يتزاورون
فيها كما في الدنيا
عيس تحملهم إلي
الاحباب توصلهم
.ويحتمل أن يكون
المراد من العيس
هنا هم المريدين
الصادقين ,ومن
الحمي مكان القرب
من الله تعالي
,ومقام الوصول
اليه عز و جل علي
سبيل التوسع والمجاز . هذا ومعني
الصلاة من الله
تعالي علي نبيه
{صلي الله عليه
وسلم} ,إنزل الرحمات
,وإفاضة أنواع
التركريم والتعظيم
علي ذاته الشريفة
.ومعني السلام
تحيته اللائقة
به عليه الصلاة
والسلام .وإنما
أتينا بهما في
النظم بعد البسملة
والحمد له امتثالا
للوارد في ذلك
كحديث أبي هريرة
عند الرهاوي بلفظ
] كل أمر ذي بال لا
يبدأ فيه بحمد
الله والصلاة علي
فهو أقطع [ ذكره
الشوكاني في أوائل
نيل الأوطار ,وطلبا
للفوائد المترتبة
علي الصلاة عليه
{صلي الله عليه
وسلم} وهي كثيرة
جدا : منها ما جرب
من تأثيرها في
جلاء القلوب ,حتي
قيل إنها تغني
عن الشيخ في الطريق
; ومنها أنها تذهب
حرارة الطباع
,وتمحو الخطايا
,وتحل العقد وتكشف
الكرب ,وتنفي الفقر
,وتقرب العبد منه{صلي
الله عليه وسلم}
ومنها أنها سبب
لصلاة الله وملائكته
عليهم الصلاة والسلام
علي المصلي عليه
,وللنجاة من أهوال
الاخرة ,ولتبشير
العبد بالجنة قبل
موته ,ولقضاء الحوائج
,ولرحمة الله عز
وجل ,ولفوز العبد
بالجواز علي الصراط
يوم القيامة ,. ومنها غير
ذالك مما هو مسطور
وشهور .ولا تختص
الصلاة علي النبي
{صلي الله عليه
وسلم} بصيغة
معينة علي التحقيق
,ولكن الافضل ما
ورد عنه {صلي الله
عليه وسلم} ثم اختاره
العارفون بالله
تعالي ,كالصلاة
المعروفة بالصلاة
الإبراهيمية التي
رواها الإمام مالك
رضي الله عنه في
الموطأ ,والشيخان
في صحيحيهما وابو
داود والترمذي
:وقد وردت بأوجه
كثيرة منها :اللهم
صلي علي محمد وعلي
آل محمد كما صليت
علي إبراهيم وبارك
علي محمد وعلي
آل محمد كما باركت
علي إبراهيم في
العالمين انك حميد
مجيد – قال أبو مسعود
الانصاري البدري
رضي الله عنه :اتانا
رسول الله {صلي
الله عليه وسلم}
ونحن في مجلس سعد
بن عبادة فقال
بشير بن سعد أمرنا
الله أن نصلي عليك
يا رسول الله ,فكيف
نصلي عليك ؟ قال
فسكت رسول الله
{صلي الله عليه
وسلم} حتي تمنينا
أنه لم يسأله ,ثم
قال تلك الصيغة
,ولم يرد في هذه
الصيغة لفظ السيادة
واستحسان كثير
من العلماء وزيادتها
فيقول المصلي
.اللهم صل علي سيدنا
الخ ,لأنه تركه
{صلي الله عليه
وسلم} تواضعا فنحن
نقوله تأدبا في
الصلاة وغيرها
:وسئل الحافظ السيوطي
في حديث ] لا تسيدوني
في الصلاة[ فأجاب
بأنه لم يرد ,وقال
الشيخ الحطاب المالكي
الذي يظهر لي وأفعله
في الصلاة وغيرها
الاتيان بلفظ السيد
.وسئل بعضهم عن
السيادة فقال السادة
عبادة وكيف لا
تكون سيادته {صلي
الله عليه وسلم}عبادة
وكل بركة وصلت
الينا من بركات
الدنيا والاخرة
و كل نعمة لله تعالي
علينا باطنة أو
ظاهرة فإنما هي من بركاته
{صلي الله عليه
وسلم} ومن كفه الشريفة
ومن لم يعتقد ذلك
فهو خاسر في الدارين
من غير شك . قال وآله وصحبه
الأطهار والتابعين
السادة الأخبار آله {صلي
الله عليه وسلم}
المراد بهم هنا
أقاربه الأتقياء
والمراد بصحبه
الذين اجتمعوا
معه {صلي الله عليه
وسلم} مؤمنين به
إجتماعا متعارفا
,بأن يكون بالأبدان
وهو {صلي الله عليه
وسلم} في عالم الدنيا
بعد نبوته ,ولو
كان الاجتماع لحظة
بسيطة والأطهار
وصف لكل آله وصحبه
{صلي الله عليه
وسلم} ,فهم جميعا
أطهار ,أي مطهرون
من دنس الكفر والمعاصي
,لقوله تعالي في
الآل { إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم
تطهيرا} ولقوله
{صلي الله عليه
وسلم} بالخيرية
كان من الاطهار
بلا شك .وليس المراد
التابعين في قولنا
:والتابعين السادة
الأخبار هم أهل
القرن الثاني فقط
.وهم الذين رأو
أصحاب رسول الله
{صلي الله عليه
وسلم} وطالت عشرتهم
بهم ,ل المراد بهم
كل من تبعوه {صلي
الله عليه وسلم}
وتبعوا أصحابه
الكرام في الأيمان
والعمل الصالح
إلي يوم القيامة
. وإنما قيدنا التبعية
بالإيمان والعمل
الصالح ولم نقصرها
علي الإيمان كما
هو الا نسب لمقام
الدعاء ,نظرا للوصفين
المذكورين في النظم
وهما السادة الأخيار
,إذ يبعد أن يطلق
هذان الوصفان علي
من لم يتحل بالعمل
الصالح .وإنما
أتينا بالصلاة
والسلام علي آله
مع الصلاة عليه
{صلي الله عليه
وسلم} عملا بالأحاديث
الواردة في ذلك
,كحديث الصلاة
الابراهيمية المتقدم. وللنهي
عن الصلاة البتراء
,وهي التي لم يذكر
فيها الآل.وذكرنا
الأصحاب والاتباع
بطريق القياس علي
(الآل ,واقتداء
بالعلماء الأجلاء
.وفي شرح القسطلاني
للبخاري قال ابن
القيم :المختار
أن يصلي علي الانبياء
والملائكة وازواج
النبي {صلي الله
عليه وسلم} ,واله
وزريته ,وأهل الطاعة
علي سبيل الإجمال
:ويكره في غير الانبياء
لشخص مفرد بحيث
يصير شعارا .وأعلم
أن من أهم ما يلزم
المؤمن بر آله
{صلي الله عليه
وسلم}. ومحبتهم
أحياء وأمواتا
,وذلك من بره وتوقره
{صلي الله عليه
وسلم}. وقد جاءت
النصوص بذلك ,وعليه
مضي السلف الصالح
رضي الله عنهم
أجمعين . {قل لا أسألكم
عليه أجرا إلا
المودة في القربي}
وقال{ وأزواجه
أمهاتهم } .وعن زيد
بن ارقم لذيد من
اهل بيته ؟قال
آل علي وآل جعفر
وآل عقبل وآل العباس.وقال
{صلي الله عليه
وسلم}.]أني تارك
فيكم ما إن اخذتم
به لم تضلوا كتاب
الله وعترني أهل
بيتي [ وقال {صلي
الله عليه وسلم}
]معرفة آل محمد.
{صلي الله عليه
وسلم}. براءة من
النار ,وحب آل محمد
جواز علي الصراط
,والولاية لآل
محمد أمان من العذاب [ -قال بعض
العلماء معرفتهم
هي معرفة مكانهم
من النبي {صلي الله
عليه وسلم}. ,وإذا
عرفهم بذلك عرف
وجوب حقهم وحرمتهم
بسببه وقال ابو
بكر رضي الله عنه
:ارقبوا محمدا
{صلي الله عليه
وسلم}. في أهل بيته
–أي اطلبوا بره
وحبه فيهم –والذي
نفسي بيده لقرابة
رسول الله {صلي
الله عليه وسلم}.أحب
إلي أن أصل من قرابتي
.وروي عن عبد الله
بن حسن بن حسين
قال : أتيت عمر بن
عبد العزيز في
حاجة ,فقال :أتيت
عمر ابن عبد العزيز
في حاجة ,فقال لي
إذا كان لك حاجة
فأرسل إلي أو أكتب
الي فإني أستحيي
من الله أن يراك
علي بابي .وصلي
زيد بن ثابت رضي
الله عنه علي جنازة
أمه ,ثم قربت له
بغلته ليركبها
فجاء ابن عباس
فأخذ بركابه ,فقال
زيد خل عنه يا ابن
عم رسول الله ,فقال
هكذا نفعل بالعلماء
,فقبل زيد يد ابن
عباس رضي الله
عنهما , ولما فرض
عمر بن الخطاب
رضي الله عنه لابنه
عبد الله في ثلاثة
الاف ,ولأسامة
بن زيد في ثلاثة
الآف وخمسمائة
,قال عبد الله لأبيه
: لم فضلته علي ؟
فوالله ما سبقني
إلي مشهد .فقال
له عمر :لأن زيدا
كان احب إلي رسول
الله {صلي الله
عليه وسلم}.من أبيك
,وأسامه احب اليه
منك ,فآثرت حب رسول
الله{صلي الله
عليه وسلم}.من أبيك
,وأسامة أحب اليه
منك ,فأثرت حب رسول
الله {صلي الله
عليه وسلم}. –أي محبوبه
– علي حبي ! وبلغ معاوية –رضي الله
عنه – أن كابس بن
ربيعة يشبه رسول
الله {صلي الله
عليه وسلم}. فلما
دخل عليه من باب
الدار قام عن سريره
وتلقاه وقبل بين
عينيه وأقطعه المرغاب
لشبه صورة رسول
الله {صلي الله
عليه وسلم}. وروي
عن الإمام مالك
رضي الله عنه .أنه
لما ضربه جعفر
بن سليمان ,ونال
منه مانال ,وحمل
مغشيا عليه من
أثر الضرب ,ودخل
عليه الناس فأقاله
,قال أشهدكم أني
جعلت ضاربي في
حل فسئل بعد ذلك
.فقال :خفت أن أموت
فالقي النبي {صلي
الله عليه وسلم}.فأستحي
منه أن يدخل بعض
آله النار بسببي
وقيل إن المنصور
أقاده من جعفر
–أي مكنه من القصاص
منه-فقال أعوذ
بالله !والله ما
ارتفع منها سوط
عن جسمي إلا وقد
جعلته في حل لقرابته
من رسول الله {صلي
الله عليه وسلم}.وكان
ابو بكر وعمر رضي
الله عنهما يزوران
أم أيمن مولاة
النبي {صلي الله
عليه وسلم}.بعد
وفاته ويقولان
:كان رسول الله
{صلي الله عليه
وسلم}.يزورها فعليك
أيها المؤمن المحب
لله تعالي ولرسوله
{صلي الله عليه
وسلم}. مبحبه آل
بيته وزيارتهم
أحياء وأمواتا
.ولا تكترث بما
عليه بعض الناس
من إنكار دفن السيدة
زينب وسيدنا الحسين
رضي الله عنهما
بمشهديهما المعروفين
بمصر والله يتولي
هداك .... وكما ينبغي
بر آله وذريته
{صلي الله عليه
وسلم}.يجب بر أصحابه
الكرام.وتوقيرهم
,ومعرفة حقهم ,والاقتداء
بهم ,وحسن الثناء
عليهم ,والاستغفار
لهم ,والإمساك
عما شجر بينهم
من الخلاف ,ومعاداة
من عداهم والإعراض
عن أخبار المؤرخين
,وجهله الرواة,القادحة
في أحد منهم وعدم
التعويل علي ما
يتناوله علي ما
يتأوله بعض كتاب
هذا العصر فيما
نقل عنهم من الأخبار
,أوقعه بينهم من
الفتن والحروب
من التأويلات البعيدة
التي لا تليق بمناصبها
العلية .بل ينبغي
أن يلتمس لهم رضي
الله عنهم في ذلك
أحسن المخارج ولا
يذكر أحد منهم
بسوء ولا يعاب
عليه أمر وقع منه
بل نذكر حسناتهم
وفضائلهم وسيرهم
الحميدة ,ولا يذكر
أحد منهم بسوء
ولا يعاب عليه
أمر وقع منه بل
نذكر حسناتهم
وفضائلهم وسيرهم
الحميدة , ونكف
عما وراء ذلك كما
قال {صلي الله عليه
وسلم}. ] إذا ذكر اصحابي
فأمسكوا [ قال الله
تعالي { محمد رسول
الله والذين معه
من أشداء علي الكفار
رحماء بينهم تراهم
ركما سجدا يبتغون
فضلا من اللع ورضوانا
سيماهم في وجوههم
من أثر السجود
ذلك مثلهم في التوراة
ومثلهم في الإنجيل
كزرع أخرج شطأه
فآزره فاستغلظ
فاستوي علي سوقه
يعجب الزراع ليغيظ
بهم الكفار وعد
الله الذين آمنوا
وعملوا الصالحات
منهم مغفرة وأجرا
عظيما } وقال تعالي
{ لقد رضي الله علي
المؤمنين إذ بياعونك
تحت الشجرة فعلم
ما في قلوبهم فانزل
السكينة عليهم
وآثابهم فتحا قريبا}
إلي غير ذلك .وعنه
{صلي الله عليه
وسلم}. أنه قال (اقتدوا
بالذين من بعدي
ابي بكر وعمر ) وقال
(اصحابي كالنجوم
بأيهم اقتديتم
اهتديتم ) وقال
(الله الله في اصحابي
لا تتخذونهم غرضا
من بعدي فمن أحبهم
فبحبي أحبهم ومن
ابغضهم فببغضي
أبغضهم ومن آذاهم
فقد آذاني فقد
آذي الله ومن آذي
الله يوشك أن يأخذه
) وقال { لا تسبوا
أصحابي فلو أنفق
أحدكم مثل أحد
ذهبا ما بلغ من
أحدهم ولا نصيفه
} وقال مالك رضي
الله عنه وغيره
من السلف : من أبغض
الصحابه وسبهم
فليس له في فئ المسلمين
حق وقال من غاظه
أصحاب محمد {صلي
الله عليه وسلم}.
فهو كافر قال الله
تعالي :{لبغيظ بهم
الكفار } ,وقال عبد
الله بن المبارك
:خصلتين من كنتا
فيه نجا ,الصدق
,وحب أصحاب محمد
{صلي الله عليه
وسلم}. ورأيت حكاية
عن سيدي محي الدين
بن العربي رضي
الله عنه –وهي :أنه
حدث ؤلنفسه أثناء
مجاورته لمكة المكرمة
من الاعجاب بعبادتها
ومعرفتها ما دعاه
إلى مناظرتها الحجة
عليها بغرورها
فعرضها أولا على
القرأن الكريم
وهل بلغت ماحث
عليه من الكمال
والفضل فأعترفت
بضعفها عن بلوغ
ما قرره من أوج
الكمال فعرضها
على سيرة الرسول
( صلى اللع عليه
وسلم ) فاعتذرت
بحديث عائشة رضى
الله عنها – كان
خلقة القرأن – وهو
ما يعجز من دونه
كل إنسان فعرضها
على فضائل الصحابة
فأعترفت بعجزها
عن الرجحان في
هذا الميدان ومسابقة
من رياهم المصطفي
( صلى الله عليه
وسلم ) بكتاب الله
وأياته وزكاهم
بحكمته فاقتبسوا
النور من مشكاته
فحقيق والله بمن
رباهم هذا المربى
الأعظم والسيد
الأكرم صلوات الله
وسلامه عليه أن
يحوزوا نهاية الشرف
ويبلغ ذروة الكمال
وإنى لأقرأ المأثور
من أخبارهم وحكاياتهم
فيأخذنى العجب
العجاب وأقول أكان
لهولاء الناس نفوس
هم شهوات ؟ ولكن
كيف تبقى نفوسهم
وشهواتهم وقد أحرقتها
أنوار النبوة وأنوار
التنزيل معا أخرج
الإمام مالك رضى
الله عنه فو الموطأأن
عمر بن الخطاب
رضى الله عنه أدرك
جابر بن عبد الله
ومنه حمال لحم
فقال ما هذا ؟فقال
أمير المؤمنين
قرمنا إلى اللحم
فأشتريت بدرهم
لحما فقال عمر
أما يريد أحدكم
أن يطوى بطنه عن
جاره أو أبن عمه
أين تذهب عنكم
هذه الأية ( أذهبتم
طيباتكم في حياتكم
الدنيا وأستمعتم
بها ) ومعنى يطوى
بطنه عن جاره أو
ابن عمه أى لاجل
جارة أو ابن عمه
ليواسيهما بما
فضل عن ضرورته. وصح عن عمر
رضى الله عنه . أنه
قال : أمرنا رسول
الله ( صلى الله
عليه وسلم ) أن نتصدق
فوافق ذلك مالاعندى
فقلت اليوم أسبق
أبا بكر من أنى
ما سبقته يوما
قط فجئت بنصف مالى
فقال رسول الله
( صلى الله عليه
وسلم ) ما أبقيت
لأهلك ياعمر ؟
قلت النصفثم جاء
أبو بكر بكل ما
عنده فقال رسول
الله ( صلى الله
عليه وسلم ) ما أبقيت
لأهلك يا أبا بكر
؟ فقال أبقيت لهم
الله ورسوله . فقلت
لا اسبقه إلى شيء
أبدا وأنت
أيها القارىء أتعجب
من سخاء الصديق
وإيثارة المنقطع
النظير وهو بواد
غير ذى ذرع الأقوات
فيه شحيحة والمال
عزيز ولابد للناس
خصوصا أصحاب الأسر
والأولاد من الأدخار
دفعا لحاجتهموحاجة
عيالهم ؟؟ أم تعجب
من إنصاف أبن الخطاب
وأعترافة الصريح
بفضل صاحبة عليه
وأسبقيته في كل
حال ؟؟ وبعث معاوية
رضى الله عنه لعائشة
رضى الله عنها بثمانين
ومائة ألف درهم
وكانت صائمة فدعت
بطبق فجعلت تقسمة
بين الناس فلما
أمست قالت لجاريتها
ياجارية هلمى فطورى
فجاءتها بخبز وزيت
فقالت لها الجارية
أما أستطعت فيها
قسمت اليوم أن
تشترى لنا بدرهم
لحما نفطر عليه
؟ فقالت لو كنت
ذكرتينى لفعلت
؟؟ فأعجب لقولها
لو كنت ذكرتينى
لفعلت ؟ أنساها
حب الخير نفسها
وهى صائمة في العادة
لا يكاد ينسى ذكر
الطعام والشراب
ولكن لا عجب فهى
تربية الصديق أولا
. وتربية الرسول
( صلى الله عليه
وسلم ) ثانيا وأصابت
المدينة في عهد
عمر رضى الله عنه
شدة حتى عز على
العامة أكل السمن
فأبى رضى الله
عنه إلا أن يشارك
الفقراء في أكل
الزيت ولم يطعم
السمن وهو رجل
كبير السن ضعيف
الصحة فصارت بطنة
تقرقر من أكل الزيت فيقول لها
قرقرى أولا تقرقرى فوالله لن
تذوقى السمن حتى
يأكله فقراء المدينة
؟ هذا وهو
يؤمئذ أمير المؤمنين
وتحت يده الأموال
ولذائذ الأطعمة
. وأخذ مرة ما لا
لبعض العرب لينظر
في أمرة وحكمه فذهبوا إلى
أبى عبيدة يقولون
له الاتكلم لنا
عمر ليرد الينا
مالنا فقال لهم
أبو عبيدة أن مثل
عمر لا يحتاج إلى
الكلام لأنه إن
رأى لكم في هذا
المال حقا رده
إليكم من غير واسطة وأن لم ير
لكم فيه حقا فوالله
لا يردة إليكم
ولو توسط عنده
أبوه الخطاب ؟؟. وجلس هذا
الأمير العظيم يقسم طيبا
جاءه من الغنائم
على مستحقيه وقد
إستعان بزوجته
على قسمته فلما
فرغت وقد مس يدها
من الطبيب شيء
فسحتها في خمارها
فغضب لذك عمر وأمرها
أن تغسل خمارها
بالماء ليذهب عنه
أثر الطيب فقالت
ليس فيه من الطيب
شيء إنما هو ريحه
فقط فقال وهل ينتفع
من الطيب إلا بريحه
وأنى لك أن تختصى
بهذا عن سائر نساء
المؤمنين ؟؟وجائت
لعثمان رضى الله
عنه إبل كثيرة
تحمل دقيقا وسمنا
وزيتا في وقت شدة
وضيق فجاء ه التجار
ليشتروها منه ثم
يبيعوها كما يشأؤن
فقال لهم زيدونى
فقالوا نزيدك مثل
ثمنها فقال لا
قالوا نزيدك مثلى
ثمنها قال لا قالو
ثلاثة أمثال وأربعة
أمثاله وخمسة أمثاله
وهو يقول لا ثم
قال لقد ذادنى
غيركم خيرا من
زيادتكم زادنى
الله عشر أمثاله
( من جاء بالحسنة
فله عشر أمثالها
) ثم امر بتوزيعها
على الفقراء ؟؟
وإلى هنا نمسك
عنان القلم وقد
أطلنا القول بعض
الإطالة للتشرف
بالحديث عن أل
بيت رسول الله
(صلى الله عليه
وسلم ) وأصحابه
الكرام رضى الله
عنهم وعنا بهم
أجمعين . قال وهاك نظما
فائقا هذبته بمرشد
الأنام قد لقبته هاك أسم
فعل بمعنى خذ أى
خذ يا مريد الأخر
نظما فائقا لكثير
غيره من المتون
أى فاضلا إياها
وراجحا عليها والمراد
بها المتون التى لم تشمل
على ما اشتمل عليه
هذا النظم الذى
هذبته أى خلصته
ونقحته
ولقبته أى سميته
بمرشد الأنام . قال ضمنته خلاصة
العقائد وجملة سن
أحسن الفوائد وقد لفت
نظر المريد إلى الطريق
الواضح السديد ذكرت فيه
الراجح المختارا مما الخلاف
حوله قد ثارا أشار بهذه
الأبيات الثلاثة
لمحتويات النظم
المذكور اجمالا
وبيان مزاياه التى
تميز بها عن كثير
مما سواء فقال
ضمنته أى جعلته
متضمنا ومحتويا
على خلاصة عقائد
التوحيد التى ينجو
بها المكلف من
ظلمة الجهل والتقليد
إلى نور الإيمان
والعلم وضمنته
أيضا جملة وافية
من أحين الفوائد
العلمية والدينية
كالتنوية بفضل
أئمة الفقة الأربعة
رضى الله تعالى
عنهم ووجوب تقليدهم
واتباع مذاهبهم
وبيان جواز التوسل
بالأولياء والصالحين
وأثبات كراماتهم
وغير ذلك مما سيأتى
مفصلا إن شاء الله
تعالى . ومن مزايا
هذا النظم أننى
لفت نظر المريد
إلى الطريق الواضح
الذى يوصله غلى
مرضاة الله تعالى
والمراد به مريد
الأخرة . المشتاق
إليها الراغب في
حرثها المستهين
بنعيم الدنيا ولذاتها
الفانية ومن مزاياه
أيضا أننى ذكرت فيه
القول الراجح
في المسائل التى
وقع فيها الإختلاف
بين أهل العلم
كمسأله أوليه النور
المحمدى وأنه أصل
لجميع الموجودات
وكمسألة خلق أفعال
العباد الإختيارية
ونحو ذلك . قال فقلت والله
عليه أعتمد ومن
عطاياه دواما أستمد يعنى أن
شرع في بيان المقصود
الذى أشار إليه
في الأبيات السابقة
معتمدا على الله
تعالى وحده لاعلى
سواه من الكائنات
متبرأ من حوله
وقوته إذ لا حول
ولا قوة إلا بالله
العلى العظيم ومستمدا
الخير كله في الدنيا
والأخرة من عطايا
الحق سبحانه وتعالى
ومن فضله العميم
وإنما قال ( دواما
أستمد ) للإشارة
إلى دوام الفقر
والإحتياج إلى
مدد الله تعالى
وفضله وهذا وصف
المخلوقات جميعا
فما منكائن إلا
وهو مستمد من الله
تعالى وفضله وهذا
وصف المخلوقات
جميعا فما من كائن
إلا وهو مستمد
من الله تعالى
مابه دوام وبقاء
صورته في كل لحظه
ونفس قال سيدى
أبو مدين رضى الله
عنه الحق تعالى
مستبد والوجود
مستبد والمادة
من عين الوجود
وقال أبن عطا الله
رضى الله عنه في
حكمة نعمتان ما
خرج موجود عنها
ولابد من كل مكون
منها نعمة الإيجار
ونعمة الإيجار
ونعمة الأمداد. |
---|