الشيخ محمّداحمد الطاهر الحامدي
Alshak Mohamed Altaher ٢ مرشد الانام |
---|
بسم الله
الرحمن الرحيم مقدمة اعلمو إخواني
,أيدني الله تعالي
وإياكم بنور الهداية
والتوفيق ,وأن
مراتب السعادة
وصنوف النعم مهما
تعددت وتنوعت فإن
أفضلها وأعظمها
علي الاطلاق سعادة
الأخرة التي لخصها
القرآن الكريم
في النجاة من عذاب
النار والتمتع
بدخول الجنة كما
قال {فمن زحزح عن
النار وأدخل الجنة
فقد فاز}. وقد أشار
إلي ذلك رسول الله
{صلي الله عليه
وسلم } بقوله في
الحديث الصحيح
{اللهم لا عيش إلا
عيش الاخرة
} . وناهيك
بعيش لا يفني وعطاء
غير مجذوذ , خلود
بلا موت ولذة بلا
ألم , وأمن بلا خوف
,واجتماع بالأحباب
لا فرقة بعده
."و قد اتفق جميع
العقلاء علي أن
هذه السعادة
الاخراوية الخالدة
لا تدرك إلا بالعلم
والعمل . والعلم
قالوا ثلاثة : علم
المبدأ وعلم الوسط
و علم المعاد .فعلم
المبدأ هو العلم
بالله تعالي ,وما
يجب له من صفات
الكمال ,وما يستحيل
عليه من صفات النقص
, وما يجوز في حقه
من فعل الممكنات
. وعلم الوسط
هو علم ما يجب أن
يشتغل به الانسان
في هذه الحياة
الدنيا وذلك يشمل
معرفة الرسل عليهم
الصلاة والسلام
وما جاءوا به من
الشرائع والاوامر
والحدود .وعلم
المعاد هو العلم
بالقيامة والبعث
والحشر، وما يتبع
ذلك من الثواب
والعقاب ,كما قال
سهل بن عبد الله
رضي الله عنه العلم
ثلاثة :علم بالله،
وعلم لله، وعلم
بحكم الله : فعلم بالله
هو العلم بما يجب
له وما يستحيل
وما يجوز والعلم
لله هو العلم بالإخلاص
معرفة أحوال القلب
ما يحمد منه وما
يزم والعلم بحكم الله هو العلم
بما شرعه وطلب
من العباد فعله
كالصلاة والزكاة
والصيام والحج
والجهاد ونحو ذلك
أو طلب منهم تركه
كالسرقة والغصب
والزنا وشرب الخمر
ولعب الميسر وأكل
أموال الناس بالباطل
واما العمل فا
المراد به طاعة
الله تعالى وعبادته
بفعل ما طلبه وترك
ما نهى عنه مع مراعاة
الإخلاص وتطهير
القلب من صفاته
المذمومة ولقد
بعث الله سيدنا
ومولانا محمد
(صلى الله عليه
وسلم ) هاديا لخلقه
داعيا اليه بإذنه
( يأيها النبي إنا
ارسلناك شاهدا
ومبشرا ونذيرا
وداعيا الى الله
بإذنه وسراجا منيرا
) فقام عليه الصلاة
والسلام بأعباء
مهمته خير قيام
بلغ الرسالة ،
وأدى الأمانة وكان
مثلا عاليا في
الزهد والورع والتخلي
عن الحظوظ والشهوات
والاجتهاد في طاعة
الله تعالى حتى
تركنا على شريعة
بيضاء ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها الا
هالك . فظهر أن
مصدر العلوم كلها
وينبوع السعادة
في الدنيا والأخرة
هو نبينا ومولانا
محمد صلى الله
عليه وسلم الذى
بعثه الله تعالى
رحمة للعالمين
فهو الذى بين العقائد
ومهد قواعد الدين
وميز الفرائض والسنن
والآداب وفصل الحلال
والحرام وقد تولى
الخلفاء الراشدون
وأصحابه الطيبون
الطاهرون رضوان
الله عليهم أجمعين
حراسة هذه الشريعة
المطهرة من بعد
ونقلوها وبلغوها
كامله غير منقوصة
وهم الثقاة العدول
الذين حضروا التنزيل
وعرفوا طرق العلم
ووجوه التأويل
وتشرفوا بمشاهدته
ومشافهته صلى الله
عليه وسلم ( وصاروا
بسيرته في زهد
عن الأعراض والدنيا
والمثابرة على
الطاعة بعد أن
وقفو منه على كيفية
العمل وطريقة الأداء
لجميع الشعائر
والمناسك وقد قال
في شئنهم عليه
الصلاة والسلام أصحابي كا
النجوم بأيهم اقتديتم
اهتديتم وقال فعليكم
بسنتي وسنة الخلفاء
الراشدين من بعدى
وعضو عليها بالنواجذ
فمن أجل ذلك وجب
الاقتداء بهم ولزم
أتباع سبيلهم وعدم
الخروج عن نهجهم
ولله در سيدنا
عمر بن عبد العزيز
رضى الله عنه حين
يقول سن
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
وولاة الأمر من
بعده سننا الأخذ
بها تصديق لكتاب
الله واستعمال
لطاعة الله ومعونه
على دين الله ليس
لاحد تغييرة ولا
النظر في رأى من
خالفها وأتبع غير
سبيل المؤمنين
ولاه الله ما تولى
وأصلاه جهنم وساءت
مصيرا وكلمات عمر
هذه كان الأمام
مالك راضى الله
عنه يعجب منها
كثيرا لما بيننا
وسبيلهم رضى الله
عنهم فى العقائد
هو مفصله أهل السنه
والجماعة وهم الأشعري
والما تريدي وأتباعهما
وفى الفقه ما نقحه
الأئمة المجتهدون
مالك وأبو حنيفة
والشافعي وابن
حنبل رضى الله
تعالى عنهم وفى العمل
والزهد ما مشى
عليه الجنيد وأتباعه
من الصوفية المحققين
وأياك أن تظن كما
يظن الجاهلون أن
أئمة الفقه والتوحيد
المذكورين لم يكونوا
زهادا في الدنيا
ولاعبادا لله تعالى
ولا كانو عارفين
في التصوف وعلم
القلوب كما كان
الجنيد وأتباعه كلا فقد كان
الكل فى هذا المضمار
سواء ولهذا كثر
فيهم الخير وسطعت
أنوار علومهم وبركات
أحوالهم وإنما
تصدى كل فريق لما
تصدى له مع عدم
أخلاله بجانب العبادة
والعمل لآنه رأى
بحسب اجتهاده أن
عنايته بهذه الناحية
أهم وأولى فاشتغل
المتكلمون بتحرير
الأدلة من العقل
والنقل لحراسة
حقائب الأمه من
البدع والضلال
وأنتصب الفقهاء
لاستنباط الأحكام
العملية من الكتاب
والسنه محافظة
على رسوم الشريعة
المطهرة ولولا
ذلك لاشتغلوا بعلم
التصوف تدريسا
وتصنيفا كما أشتغل
الجنيد وأصحابه
قال الغزالي في
الأحياء :وقد كان
أئمة الفقه عارفين
بعمل القلوب والتصوف
وإنما منعهم من
تدريسه والتصنيف
فيه ما منع الصحابة
من تدريس الفقه
والتصنيف فيه
– يعنى أنهم كانو
مشغولين بما هو
الأهم في وقتهم
– فمن نهج منهج الأشعرية
والمتردية في عقائده
وعلم بمذهب واحد
من هؤلاء الأئمة
الأربعة وصار على
طريقة الجنيد فى
العمل ومحاسبة
النفس كان متبعا
لسنة الرسول صلى
الله عليه وسلم
وسنة الخلفاء الراشدين
وأصحابه المهتدين
الهادين ولقد نظمت
نظما سميته مرشد
الأنام لما يلزم
معرفته من الأحكام
ليسهل حفظه والرجوع
اليه ثم يسر الله
تعالى شرحه
حتى تكتمل الفائدة
وقد اشتمل نظمنا
هذا بحمد الله
مع شرحة المذكور
على المهم الضروري
من ذلك بحيث ان
من طالعهم ثم عمل
بما علم منهما
لقى الله تعالى
وهو عنه راض أن
شاء الله تعالى وكان من الذين
( لهم دار السلام
عند ربهم وهو وليهم
بما كانوا يعملون
) والى هنا
انتهت المقدمة
فلنتكلم عن الفاظ
النظم وتكميل أغراضه
والله المستعان وبيده التوفيق محمد الطاهر
الحامد
22 صفر
1368هـ الموافق
23 ديسمبر 1948 |
---|