الشيخ محمّداحمد الطاهر الحامدي
Alshak Mohamed Altaher مطية السالك أركان الطريق وآدابها |
---|
الباب الثاني فـي أركان
الطريق وآدابها اعلموا
– أرشدنى الله وإياكم
أن أركان
الطريق ويعبر
عنها بعضهم بالأصول
وبعضهم
بالشروط - على
ما ذكره شيخنا
في مورده
الرحمانى - اثنا
عشر هي: الصدق .. والتوبة .. والشيخ
.. والذكر .. والسهر
.. والجوع .. ونتكلم
عليها – إن شاء
الله تعالى –
واحدًا واحدًا
فنقول. الــركن الأول
الصــدق وهو
المطابقة للواقع
قال الله
تعالى: ( يَا
أَيُّهَا
الَّذِينَ
آمَنُواْ
اتَّقُواْ
اللَّهَ
وَكُونُواْ
مَعَ
الصَّادِقِينَ
) .. قيل: هم
محمد وصحبه ..
وقيل: أبو بكر
وعمر .. وقيل:
المهاجرون والأنصار
.. أمر – سبحانه –
بالكينونة
معهم لشرفهم
بالصدق. وقال
(صلى
الله عليه
وسلم): " إن
الصدق يهدى إلى
البر، والبر
يهدى إلى
الجنة، وإن
الرجل ليصدق
حتى يكتب عند
الله صديقا وإن
الكذب يهدى إلى
الفجور، والفجور
يهدى إلى
النار، وإن
الرجل ليكذب
حتى يكتب عند
الله كذابا "([39]). وقال
الأستاذ أبو
على الدقاق:
الصدق عماد الأمر
وبه تمامه
وفيه نظامه.
ومَنْ مُنَّ
عليه بالصدق
قطع في المدة
القليلة ما
لايقطعه غيره في
المدة
الطويلة. وقال
بعضهم من لم
يؤد الفرض
الدائم لا يقبل
منه الفرض
المؤقت .. قيل
له: وما الفرض
الدائم؟ قال:
الصدق وذلك
لأن العبد
مأمور به فى
كل معاملته. وقال
يوسف بن أسباط:
لأَن أبيت
ليلة أعامل
الله تعالى
بالصدق أحب إلى
من أن أضرب بسيفي
في سبيل الله. وقال
أبو عبد الله الرملي:
رأيت منصورًا
الدينورى في
المنام .. فقلت له:
ما فعل الله
بك ؟ قال: غفر لي
ورحمني و أعطانى
ما لم أؤمل..
فقلت له: أحسن
ما توجه به
العبد إلى
الله ماذا ؟
قال: الصدق، وأقبح
ما توجه به إليه
الكذب. وقال
الثوري في
قوله تعالى: ( وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ
تَرَى
الَّذِينَ كَذَبُواْ
عَلَى
اللَّهِ
وُجُوهُهُم
مُّسْوَدَّةٌ ) .. هم الذين
ادعوا محبة
الله تعالى
ولم يكونوا
فيها صادقين. وقيل
لذى النون المصري:
هل للعبد إلى
صلاح أموره
سبيل ؟ فقال: قد
بقينا من
الذنوب
حيـارى نطلب
الصدق ما إليه
سبيل فدعاوى
الهوى تخف
علينا وخلاف
الهـوى علينا
ثقيـل ومن
علامات الصدق
كتمان
المصائب
والطاعات
جميعًا،
وكراهة اطلاع
الخلق عليها ..
قيل: أوحى
الله إلى موسى
– عليه السلام – وإني
إذا أحببت عبدًا
ابتليته
ببلايا لا
تقوم لها
الجبال لأنظر
كيف صدقه، فإن
وجدته صابرًا
اتخذته وليًا
وحبيبا، وإن
وجدته جزعًا يشكوني
إلى خلقي
خذلته ولا أبالى. قال
الشعراني في
المنح السنية
نقلا عن سيدي
على الخواص: ولا
يبلغ المريد
مقام الصدق
حتى يزيد في
تعظيم أمر
الله تعالى
ونهيه، فيفعل
المندوب كأنه
واجب، ويجتنب
المكروه كأنه
حرام، ويجتنب
الحرام كأنه
كفر، وينوى
بجميع
المباحات خيرًا
ليثاب على
ذلك، فينوى
بالنوم في
القيلولة
التقوّى على
قيام الليل،
وبتناوله
الشهوات
المداواة
لنفسه إذا
نفرت من
العبادات
بالكلية، فإن
لسان حال
النفس يقول
لصاحبها: كن معي
في بعض أغراضى
وإلا صرعتك ..
وكذا ينوى
بلباس الثياب
الفاخرة إظهار
نعمة الله
تعالى دون
الحظوظ
النفسانية،
وكذا بأكل
الزبد من
الطعام
والبارد الحلو
من الشراب
لأجل استجابة
أعضائه لشكر
الله تعالى
بعزم. وقد
كان أبو الحسن
الشاذلي يقول
لأصحابه: كلوا
من طيب
الطعام،
واشربوا من ألذ
الشراب،
وناموا على وطئ
الفراش،
والبسوا ألين
الثياب، فإن أحدكم
إذا فعل ذلك
وقال: الحمد
لله، يستجيب
كل عضو فيه
للشكر، بخلاف
ما إذا أكل
خبز الشعير،
ولبس
العباءة،
ونام على الأرض،
وشرب الماء الساخن،
وقال: الحمد
لله .. فإنه
يقول ذلك
وعنده
اشمئزاز وبعض
سخط على مقدور
الله تعالى.
ولو أنه نظر
بعين البصيرة
لوجد
الاشمئزاز
والسخط الذي
عنده يرجح في الإثم
على من تمتع
بالدنيا
بيقين، فإن
المتمتع
بالدنيا فعل
ما أباحه الحق
سبحانه
وتعالى ومن
كان عنده
اشمئزاز وسخط
فقد فعل ما
حرمه الحق عز
وجل ..اهـ. واعلم
أن لفظ الصدق
يستعمل فى ستة
معان: صدق
في القول ..
وصدق في النية
.. وصدق في
العزم .. وصدق في
الوفاء به ..
وصدق في العمل
.. وصدق فى
مقامات الدين
كلها بالخوف
والرجاء
والحزن والحب
والزهد
والتوكل. ومن
اتصف بالصدق في
جميع ذلك فهو
الصديق الذى
درجته تلى
درجة النبوة ..
قال تعالى: ( فَأُولَئِكَ
مَعَ
الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِم
مِّنَ
النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاء
وَالصَّالِحِينَ
) .. انظر كيف
عطفهم على
النبيين
وقدمهم على
الشهداء
والصالحين. فالصدق
في القول هو
حفظ اللسان عن
الإِخبار بغير
الواقع. وهذا
هو أظهر أنواع
الصدق
وأشهرها. وقد
سمعت رابعة
العدوية – رضى
الله عنها –
سفيان الثوري
يقول: واحزناه
، فقالت له: يا
سفيان ، لا
تقل ذلك .. لو
كنت حزينًا ما
تفرغت لهذا
القول .. قل:
واقلة حزناه فإنه
إلى الصدق أقرب. قال
ابن سيرين: الكلام
أوسع من أن
يكذب ظريف ..
يعنى أن في
سعة الكلام من
المعاريض ما
يستغنى به
الظريف الحسن
التصرف في
الكلام عن
الكذب. فمن
ذلك ما حكي عن
بعضهم أنه كان
يطلبه بعض
الظلمة وهو في
داره فيقول
لزوجته: خطى بإصبعك
دائرة وضعى إصبعك
عليها وقولى:
ليس هو هنا. ومنه أن
يخرج من داره
بكرة ويرجع إليها
ويقول لخادمه:
قل لمن يطلبنى
إنه خرج بكرة. لكن الأولى
ألا
ترتكب
المعاريض إلا
عند الحاجة
كما كان يفعله
r فى الجهاد.
فقد كان إذا
أراد أن يغزو
قوما وري
بغيرهم لئلا
يأخذوا حذرهم. قيل: كل شيء
بشىء ومصادقة
الكذاب لاشىء.
وعلامة الكذاب
جوده باليمين
لغير مستحلف([40]). والصدق
في النية أن
لا يكون له
باعث فى
الحركات
والسكنات إلا
الله تعالى. فإن
مازجه شوب من
حظوظ النفس
بطل صدق
النية، وجاز أن
يسمى صاحبه
كذابا كما روى
أنه (صلى
الله عليه
وسلم) قال: "
أول من يسأل
يوم القيامة
ثلاثه: رجل آتاه
الله العلم ..
فيقول الله
تعالى: ما
صنعت فيما علمت
؟ فيقول:
يارب، كنت أقوم
به آناء
الليل وأطراف
النهار. فيقول
الله تعالى:
كذبت .. وتقول
الملائكة
كذبت، بل أردت
أن يقال: فلان
عالم، ألا فقد
قيل ذلك. ورجل آتاه
الله مالا
فيقول الله
تعالى: لقد أنعمت
عليك فماذا
صنعت ؟ فيقول :
يارب كنت أتصدق
به آناء
الليل وأطراف
النهار ..
فيقول الله
تعالى: كذبت ..
وتقول
الملائكة: كذبت،
بل أردت أن
يقال: فلان
جواد، ألا فقد
قيل. ورجل قتل
فى سبيل الله
تعالى فيقول
الله تعالى:
ماذا صنعت ؟
فيقول: يا رب، أمرت
بالجهاد فقاتلت
حتى قتلت.
فيقول الله
تعالى: كذبت ..
وتقول الملائكة:
كذبت، بل أردت
أن يقال: فلان
شجاع، ألا فقد
قيل).. قال أبو
هريرة: ثم خط رسول
الله (صلى
الله عليه
وسلم) على فخذى
وقال: (يا أبا
هريرة أولئك
أول خلق تسعر
نار جهنم بهم
يوم القيامة "([41])..
فدخل راوي هذا
الحديث على
معاوية وروى
له ذلك فبكى
حتى كادت نفسه
تزهق .. ثم قال:
صدق الله إذ
قال: ( مَن
كَانَ
يُرِيدُ
الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
نُوَفِّ
إِلَيْهِمْ
أَعْمَالَهُمْ
فِيهَا وَهُمْ
فِيهَا لاَ
يُبْخَسُونَ *
أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ
لَيْسَ
لَهُمْ فِي الآخِرَةِ
إِلاَّ
النَّارُ
وَحَبِطَ مَا
صَنَعُواْ
فِيهَا
وَبَاطِلٌ
مَّا
كَانُواْ يَعْمَلُونَ
) وكتب أحد
الأولياء إلى
أخ له: أخلص
النية فى
أعمالك يكفيك
القليل من
العمل .. وقال:
أيوب السختيانى
تخليص النيات
على العمال أشد
عليهم من جميع
الأعمال. هذا
وفى المدخل ما
محصله: لا
يشترط في كون
العمل لله أن
لا يكون فيه
للنفس حظ ولا
شهوة في فعله،
وإنما الشرط أن
يكون حظوظها
وشهواتها
تابعة للشرع
كما في الحديث
.. " لا يؤمن
أحدكم حتى
يكون هواه تبعًا
لما جئت به "([42])
فمتى كانت
الشهوة تابعة
لأمر الشارع
فهو عمل صالح
سواء كانت
النفس تحب ذلك
وتشتهيه أو
تبغضه
وتقليه، فإن السنة –
والحمد لله –
لم تأت
بمخالفة
النفس على
الإطلاق، بل باتباعها للأمر
والنهى، وأنها
محكوم عليها
لا حاكمة،
مأمورة لا
آمرة. فإن
صادف الأمر
غرضها
واختيارها
وشهوتها لم
يضر العامل
ذلك. ألا ترى
قوله عليه
الصلاة
والسلام: "
يؤجر أحدكم
حتى في بضعه
لامرأته ..
قالوا: يا
رسول الله ، أيأتى
أحدنا
شهوته ويكون
مأجورًاً؟
قال: أرأيتم إن
وضعها في
الحرام يكون
مأثوما ؟
قالوا: نعم.. قال:
كذلك إذا
وضعها في
الحلال يكون
مأجورا "([43]).
أو كما قال
عليه الصلاة
والسلام. وقد
روى البخارى
عن عبد الله
قال: كنا مع النبي
(صلى
الله عليه
وسلم) فقال: "
من استطاع
منكم الباءة
فليتزوج، فإنه
أغض
للبصر، وأحصن
للفرج "([44]) .. فإذا
تزوج الإنسان
لأجل هذا
الغرض كان
ممتثلا
للأمر،
والممتثل فى أجل
الطاعات
والعبادات.
ومن هذا ما
رواه مسلم و الترمذى
عن عبد الله
بن مسعود عنه (صلى
الله عليه
وسلم) قال: " لا
يدخل الجنة من
فى قلبه مثقال
ذرة من الكبر .. فقال
رجل: إن الرجل
يحب أن يكون
ثوبه حسنًا
ونعله حسنًا قال:
إن الله جميل
يحب الجمال ..
الكبر بطر
الحق وغمص
الناس "([45])
.. قال العلماء:
بطر الحق رده
على قائله،
وغمص الناس
احتقارهم. فظاهر
هذه الأدلة أن
الشهوات إذا
كانت تابعة
للامتثال كان
صاحبها
ممتثلا. وقد
ضيق بعضهم في
هذا الباب
فقال: إنه
إن جامع أو
فعل ما تستلذه
النفس من
الطاعات فإن ذلك
يكون قدحا في
نيته .. ويرده
ما تقدم من الأدلة. ولو فرض أن الإنسان
لا يأتي بعمل إلا
إذا كان سالمًا
من دواعي
النفس
وخواطرها،
لكان ذلك من أكبر
الحرج
والمشقة على الأمة،
وقد رفع الله
تعالى ذلك عن
هذه الأمة
والحمد لله ..
قال تعالى في
كتابه العزيز:
( يُرِيدُ
اللَّهُ
بِكُمُ
الْيُسْرَ
وَلاَ
يُرِيدُ
بِكُمُ
الْعُسْرَ ) ..
وقال تعالى: ( وَمَا
جَعَلَ
عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ ) ..
وفى الحديث
"يسروا ولا
تعسروا "([46])
.. وفيه: " إن
الدين يسر ...
ولن يشاد
الدين أحد إلا
غلبه، فسددوا
وقاربوا وأبشروا
"([47])
وإنما ذلك
وسوسة
الشيطان
ليمنع الشخص عن
العمل، فمن
وجد ذلك فلا
يكسله عن التمادي
على فعل
الخير، ولا
يؤيسه عن الأجر،
وليدفع
الشيطان عن
نفسه ما
استطاع .. اهـ. وهذا
معنى قول أبى إسحاق
إبراهيم بن أحمد:
من قام إلى
أوامر الله
بنفسه كان بين
قبول ورد، ومن
قام إليها
بالله كان
مقبولا بلا شك
.. اهـ.
ومن
هنا ما حكاه في
العرائس
القدسية عن سيدى
أبى الحجاج الأقصرى – رضي
الله عنه – أنه قال: كنت في
بدايتى أذكر لا إله إلا
الله لا أغفل،
فقالت لى نفسى:
من ربك ؟ فقلت:
ربى الله ..
فقالت لى: لا ..
ليس ربك إلا أنا،
فإن
حقيقة
الربوبية
امتثالك للعبودية،
فأنا أقول لك: أطعمنى تطعمنى،
نم تنم، قم
تقم، امش تمش،
اسمع
تسمع ابطش
تبطش فأنت
تمتثل أوامرى
كلها فإذًا
أنا ربك وأنت عبدى
.. قال فبقيت
متفكرًا في
ذلك فظهرت لى
عين من
الشريعة ..
فقالت: جاد
لها بكتاب
الله فإذا
قالت لك: نم
فقل لها: (كَانُوا
قَلِيلا
مِّنَ
اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُونَ)،
وإذا قالت لك:
كل قل: (وَكُلُواْ
وَاشْرَبُواْ
وَلاَ
تُسْرِفُواْ)،
وإذا قالت لك امش
قل (وَلاَ
تَمْشِ فِي
الأَرْضِ
مَرَحًا)، وإذا
قالت لك: أبطش
قل:(وَلاَ
تَجْعَلْ
يَدَكَ
مَغْلُولَةً
إِلَى عُنُقِكَ
وَلاَ
تَبْسُطْهَا
كُلَّ الْبَسْطِ)
فقلت لتلك
الحقيقة: فمالي
إذا فعلت ذلك؟
قالت: أخلع
عليك خلع
المتقين، وأتوجك
بتاج
العارفين، وأمنطقك
بمنطقة
الصديقين،
وأقلدك
بقلائد المحققين،
وأنادى عليك
فى سوق
المحبين (التَّائِبُونَ
الْعَابِدُونَ
الْحَامِدُونَ)
الآية.. اهـ. وكان
غرض نفسه – رضى
الله عنه –
بذلك أن تكسله عن العمل،
وتؤيسه عن الأجر
بخديعة أن هذا
العمل عن أمرها
وشهوتها
فأيده الله
بالشريعة حتى
احتج عليها
بأنه فى عمله
تابع لما جاءت
به الشريعة ..
فهو قائم
بأوامر ربه لا
بأوامر نفسه وإن كان لها
حظ، وهذا لا
يضر بدليل قول
الحقيقة الشرعية
له: أخلع عليك ... إلخ..
فافهم. ومن
قبيل ما وقع لسيدي
أبى الحجاج
الأقصرى ما
حكاه شيخنا
فيما علقه على
وسيلته .. نسأل
الله إتمامه فإنه
روح الحكمة
عند قوله:
واجعل بروق
وصلكم مرادي.
قال أى مقصودي فأستغنى
به عن لذات
الدارين،
وأطلع على
مخبآت الحضرتين،
و احفظنى فيه
من طوارقه
الخفية، وأعذنى معه
من كل حادثة
شيطانية، فإن له في هذه
المواطن
استحواذات،
فربما أوقع
المريد في
مهامه
الضلالات فإنه في هذا المشهد لا
يقدر على ذكر
النقائص على
سبيل
التقدير، ولا
يستطيع نفى
الكمال
المطلق عن
اللطيف الخبير،
فإن من
جلس مع من له
الهيبة
والجلال لا
ينطق بلو كان
هذا زيالا لما
حق له الكمال
فيمج تقرير البراهين،
وينكر على
خواص الأمة
الراسخين
فيقع فى أودية
الطرد
والحرمان
ويسقط في سجين
البعد
والخسران،
ولا يخلصه من
هذه الورطة
الردية إلا
وارد الشريعة
المحمدية بأن
القبيح ما
قبحه الشرع
الشريف،
والحسن ما شهد
له أسلوب
الكتاب المنيف
.. وقد ورد فيه
من غير شك ولا
نكير ( لَوْ
كَانَ
فِيهِمَا
آلِهَةٌ
إِلاَّ اللَّهُ
....) الآية فتدبرها
أى تدبير.. اهـ. وأما
الصدق في
العزم فهو
التصميم
الجازم على
فعل الخير بحيث
لا يكون فى
عزمه عليه ضعف
ولا تردد.
وهذا كما يقال
شهوة صادقة
وشهوة كاذبة. والصدق
في الوفاء
بالعزم أن يوفى بما
عزم عليه من
فعل الخير.
وهذا غير الذى
قبله، فإن الإنسان
قد يكون صادقًا
في العزم،
كاذبًا في
الوفاء به. فإن النفس قد
تجود بالعزم
فى الحال إذ
لا مشقة فيه، فإذا
حقت الحقائق،
وحصل التمكن
ربما تغلب
الشهوات،
وتنحل
العزيمة فلا
يحصل الوفاء
بالعزم. وهذا
يضاد الصدق
فيه. ولذلك
قال الله
تعالى: ( رِجَالٌ
صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا
اللَّهَ عَلَيْهِ
). فقد روى عن أنس أن عمه أنس بن
النضر لم يشهد
بدرًا مع رسول
الله (صلى الله
عليه وسلم) فشق
ذلك على قلبه ..
فقال: أول
مشهد شهده
رسول الله (صلى
الله عليه
وسلم) غبت عنه ..
أما والله لئن
أراني الله
مشهدًا مع
رسول الله (صلى
الله عليه
وسلم) ليرين
الله ما أصنع .. قال
فشهد أحدا في
العام
القابل،
فاستقبله سعد
بن معاذ فقال:
يا أبا عمرو: إلى
أين ؟ فقال:
واهًا لريح
الجنة، إنى أجد
ريحها دون
أحد، فقاتل
حتى قتل، فوجد
في جسده بضع
وثمانون ما
بين رمية
وضربة وطعنة،
فقالت أخته
بنت النضر: ما
عرفت أخى إلا
ببنانه. فنزلت
هذه الآية (رِجَالٌ
صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا
اللَّهَ عَلَيْهِ
)([48]).
ووقف
رسول الله (صلى
الله عليه
وسلم) على
مصعب بن عمير
وقد سقط على
وجهه يوم أحد
شهيدا، وكان صاحب
لواء رسول
الله (صلى
الله عليه
وسلم) ،
فقال عليه
الصلاة
والسلام: ( رِجَالٌ
صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا
اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُم
مَّن قَضَى
نَحْبَهُ وَمِنْهُم
مَّن
يَنتَظِرُ )([49]).
وقيل فى قوله: (وَمِنْهُم
مَّنْ
عَاهَدَ
اللَّهَ
لَئِنْ آتَانَا
مِن فَضْلِهِ
...) الآية .. إنما
هو شيء نووه فى
أنفسهم لم
يتكلموا به،
فجعل العزم
عهدًا،
والخلف فيه
كذبًا،
والوفاء به
صدقًا. قال
أبو سعيد
الخراز: رأيت في
المنام كأن
ملكين نزلا من
السماء فقالا لى
ما الصدق ؟
قلت: الوفاء
بالعهد ..
فقالا لى:
صدقت وعرجا إلى
السماء. والصدق
في الأعمال هو
أن لا تدل أعماله
الظاهرة على
خلاف ما فى
باطنه، وذلك
باستواء
السريرة
والعلانية
بأن يكون باطنه
مثل ظاهره أو
خيرا منه.
لذلك قال (صلى
الله عليه
وسلم) : " اللهم
اجعل سريرتى
خيراً من علانيتى،
واجعل علانيتى
صالحة "([50]).
وقال يزيد بن
الحرث: إذا
استوت سريرة
العبد
وعلانيته فذاك
النصف، وإن كانت
سريرته أفضل
من علانيته
فذلك الفضل، وإن كانت
علانيته أفضل
من سريرته
فذلك الجور.. وأنشدوا: إذا
السر والإعلان
في المؤمن استوى
فقد عز في
الدارين
واستوجـب
الثنـا فإن خالــــف
الإعـلان ســرًا
فما لـــه على
سعيه فضل سوى
الكـد والعنــا أما
خالـــص
الدينار في
السوق نافــق ومغشوشه
المردود لا
يقتضى المنى وكان
أبو الحسن أحمد بن سهل –
قدس الله روحه
– يقول: من كان
باطنه أفضل من
ظاهره فهو
ولى، ومن كان
باطنه وظاهره
سواء فهو العالم،
ومن كان ظاهره
أفضل من باطنه
فهو الجاهل،
ولذلك لا ينصف
من نفسه ولا
يطلب الإنصاف
من غيره .. وقال
عطية بن عبد
الغافر: إذا
وافقت سريرة
المرء
علانيته باهى
الله به الملائكة
يقول: هذا
عبدى حقا. والصدق
في المقامات
هو التمكن
فيها فإن لها مبادئ
ينطلق الاسم
بظهورها، ثم
لها غايات
وحقائق ..
والصادق المحقق
من نال
حقيقتها ..
فيقال: فلان
صادق المحبة،
صادق الخوف
مثلا. ما من
عبد يؤمن بالله
واليوم الأخر
إلا وهو خائف
من الله خوفًا
ينطلق به عليه
الاسم
ولكنه خوف غير
صادق أي غير
بالغ درجة
الحقيقة .. أما
تراه إذا خاف
سلطانًا أو
قاطع طريق في
سفره، كيف
يصفر لونه، وترتعد
فرائصه،
ويتنغص عليه
عيشه، ويتعذر
عليه أكله
ونومه،
ويتشوش عليه
فكره حتى لا
ينتفع به أهله
وولده؟ كل ذلك
خوفا من وقوع
المحذور. ثم إنه يخاف
النار ولا
يظهر عليه شىء
من ذلك عند
حصول معصية
منه .. ولذلك
قال (صلى الله
عليه وسلم): " لم أر مثل
النار نام
هاربها، ولا مثل
الجنة نام
طالبها "([51]). فهذه
هي درجات
الصدق
ومعانيه ..
والكلمات
المأثورة عن
المشايخ فيه
لا تتعرض في الأغلب
إلا لآحاد هذه
المعاني.
ولكون الصدق
عماد هذا الأمر،
وبه تمامه،
وفيه نظامه –
كما تقدم – بدأ
به الأستاذ في
بيان أركان
الطريق فى
المورد
الرحمانى وعطف
عليه البقية
فقال: فانهض
بمحض الصدق يا
حبيبي تشرب
كئوس العز
والتقريب وفى
البيت إشارات
لطيفة: أولها: التعبير
بقوله .. "
انهض" للإسراع
دون "سر" أو
"اذهب" مثلا ..
فهو كما قال
ابن الفارض: وعد من
قريب فاستجب
واجتنب غـــدا وشمر
عن الساق
اجتهادا
بنهضة وكن
صارمًا
كالوقت
فالمقت في عسى وإياك
عـــلا فهــي أخطــر علـة وقـم في
رضـاها واسـع
غيـر محــاول نشطا
ولا تخــلد لـعجـــز
مفـوت وسر
زمنا وانهض كســـــيرا
فحظـــك البطالة
ما أخرت عزما
لصــحة وجد
بسيف العزم ســـوف
فــــإن تجـد تجد نفسا
فالنفس إن جدت
جدت ثانيها:
قوله " بمحض
الصدق "([52])
المفيد لطلب
المبالغة فى
الصدق حتى
يكون صديقًا. ثالثها:
قوله " يا حبيبى
" المستدعى مع
رقته لكمال
المتابعة .. إن
المحب لمن يحب
مطيع. رابعها:
قوله " تشرب
كئوس العز
والتقريب "
المؤذن بفضيلة
الصدق حيث جعل
شرب كئوس العز
والتقريب مترتبًا
عليه ومتسببًا
عن النهوض به. فلله
ما أرق
اللفظ وأدق
المعنى .. وصلى
الله على
سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه
وسلم. الــركن
الثاني التوبــــة وإليه
أشار الأستاذ في
المورد بقوله
.. وجدد المتاب
للذنوب. أي
جدد التوبة
لأجلها .. وإنما
قدم الصدق
عليها لأنها
بدونه عدم،
فلا تنفع توبة
الكذابين وهى
التى تكون
باللسان فقط. قال
بعضهم: توبة
الكذابين على أطراف
ألسنتهم. وقال
ذو النون المصرى:
الاستغفار من
غير إقلاع
توبة
الكذابين.
وقال الربيع
بن خيثم: لا
يقولن أحدكم أستغفر
الله وأتوب إليه
فيكون ذنبا
وكذبا إن لم
يفعل، ولكن
ليقل: اللهم
اغفر لى وتب
على. وقال
بعض الحكماء:
من قدم
الاستغفار
على الندم كان
مستهزئا
بالله وهو لا
يعلم. وقد
قالت السيدة
رابعة:
استغفارنا
يحتاج إلى
استغفار كثير. وبعضهم
لم يعد الصدق
فى الأركان بل
يجعله شرطا
فيها. فيبدأ
بالتوبة
لأنها أساس
لكل مقام،
ومفتاح لكل
حال، وهى
لازمة لكل إنسان
نبيًا كان أو
غبيا. فلا
تحسبن هندا
لها العذر
وحدها سجية
نفس كل غانيــة
هند كما
فى الإحياء ..
قال: وهو الذي
يدل عليه ظاهر
القرآن. قال
تعالى: لكن
توبة كل إنسان
بحسبه فقد
قيل: حسنات
الأبرار
سيئات المقربين.
وسئل ذو النون
المصري عن
التوبة فقال:
توبة العوام
من الذنوب،
وتوبة الخواص
من الغفلة ..
وقال بعضهم:
شتان ما بين تائب
يتوب من
الزلات،
وتائب يتوب من
الغفلات،
وتائب يتوب من
رؤية الحسنات. وقال أبو
الحسن النورى:
التوبة أن
تتوب من كل شيء
سوى الله
تعالى. وقد
سئل سهل بن
عبد الله عن
التوبة فقال: أن
لا تنسى ذنبك.
وسئل الجنيد
عنها فقال: أن
تنسى ذنبك.
قال بعضهم: أشار
سهل إلى أحوال
المريدين، فإن
الأولى في
حقهم ذكر
ذنوبهم ليهيج
خوفهم
ويحملهم على
الأعمال
الجليلة. لخبر"
إن العبد
ليذنب الذنب
فيدخله ذنبه
الجنة. قيل: كيف
يدخله ذنبه
الجنة يا رسول
الله ؟ قال: لا
يزال نصب
عينيه تائبًا
منه هاربًا "([53])
وهو معنى قول
ذى النون المصرى
.. حقيقة
التوبة أن
تضيق الأرض
عليك بما رحبت
حتى لا يكون
لك قرار، ثم
تضيق عليك
نفسك كما أخبر
الله تعالى فى
كتابه بقوله: (حَتَّى
إِذَا ضَاقَتْ
عَلَيْهِمُ
الأَرْضُ
بِمَا رَحُبَتْ
وَضَاقَتْ
عَلَيْهِمْ
أَنفُسُهُمْ
وَظَنُّواْ
أَن لاَّ
مَلْجَأَ
مِنَ اللَّهِ
إِلاَّ
إِلَيْهِ
ثُمَّ تَابَ
عَلَيْهِمْ
لِيَتُوبُواْ
). فأما
الجنيد فإنه
أشار إلى توبة
المحققين
ويفسره ما روى
عنه انه قال:
دخلت على السري
يوما فرأيته
متغيرا فقلت
له: مالك ؟
فقال: دخل على
شاب فسألنى عن
التوبة فقلت
له: أن لا تنسى
ذنبك .. فعارضنى
وقال: بل
التوبة أن
تنسى ذنبك،
فقلت: إن
الأمر عندى ما
قاله الشاب ..
فقال: لم ؟ قلت: لأنى
إذا كنت في
حال الجفاء فنقلنى
الحق إلى حال
الصفاء فذكر
الجفاء في حال
الصفاء جفاء ..
فسكت السرى. وقيل
معنى نسيانك
الذنب: أن
تخرج حلاوته
من قلبك خروجا
لا يبقى له في
سرك أثر ..
وأركان
التوبة ثلاثة: الإقلاع
عن الذنب فى
الحال. والعزم
على عدم
العودة. والندم
لله على ما
فعل، وهو أعظمها. ولهذا
قال (صلى
الله عليه
وسلم) : " الندم
توبة "([54])
وهذا إذا كان
الذنب بين
العبد وربه .. فإن
تعلق بآدمى ،
فلابد من رد
المظلمة أو
تحصيل
البراءة، فإن
لم يمكنه ذلك
فالمطلوب من
الاستغفار
للمظلوم أو
التصدق عليه
بما يمكنه لعل
الله يرضيه عنه
.. وشرطها:
وقوعها قبل
الغرغرة وقبل
طلوع الشمس من
مغربها .. وتصح
التوبة من ذنب
دون آخر لكن
السير إلى
الله تعالى لا
يصح إلا
بالتوبة عن
الجميع. ومذهب أهل
السنة أنه لا
يتعدد الذنب
بتعدد الزمان وإنما
يتفاوت فى
الكيف
باعتبار طول
الزمان وقصره
.. وذهب
المعتزلة إلى
تعدده بتعدد
الزمن حتى لو أخر
التوبة لحظة
بعد لحظة
الذنب فأربعة
ذنوب: الذنب الأول
وتأخير توبته
فى اللحظة الأولى
وتأخير
التوبة من
هذين فى
الثانية، وإن
أخر لحظة أخرى
فثمانية وهكذا.
وأنه لا
تنتقض التوبة
بالرجوع إلى
الذنب فلا
يعود بالعود
له بعد التوبة
منه، وإنما
الواجب تجديد
التوبة كما أشار
إليه الأستاذ
بقوله: وجدد،
خلافا
للمعتزلة.
أيضا لأن من
شروط التوبة
عندهم أن لا
يعود إلى
الذنب بعد
التوبة منه ..
قال على- كرم
الله وجهه –:
خياركم كُلُّ
مُذْنِبٍ
تواب .. ثم يتلو ( إِنَّ
اللَّهَ
يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ
). وقال
سعيد بن
المسيب: أنزل
قوله تعالى ( فَإِنَّهُ
كَانَ
لِلأَوَّابِينَ
غَفُورًا ) فى
الرجل يذنب ثم
يتوب، ثم يذنب
ثم يتوب. وفى الحديث:
" ما أصر من
استغفر وإن
عاد فى اليوم أكثر
من سبعين مرة "([55]).
وفى
الحصن الحصين
.. جاء رجل فقال:
يا رسول الله أحدنا
يذنب .. قال:
يكتب عليه ..
قال: ثم
يستغفر منه
ويتوب .. قال : يغفر
له ويتاب عليه
.. قال: فيعود
ويذنب .. قال:
يكتب عليه ..
قال: ثم
يستغفر منه
ويتوب .. قال:
يغفر له ويتاب
عليه ولا يمل
الله حتى
تملوا. وقيل
للحسن البصرى –
رحمه الله -: ما
تقول فيمن
يذنب ثم يتوب
ثم ينقض ثم يتوب
ثم ينقض وهكذا
؟ فقال: ما أراه
إلا مؤمنًا
فعل أخلاق
المؤمنين. قيل:
وإن أبا
عمرو بن نجيد
كان في ابتداء
أمره يختلف إلى
مجلس أبى
عثمان فأثر
كلامه في قلبه
فتاب .. ثم إنه رجع
لما كان عليه،
فكان يهرب من أبى
عثمان إذا
رآه، ويتأخر
عن مجلسه.
فاستقبله أبو
عثمان يومًا في
الطريق فحاد أبو
عمرو عنها
وسلك طريقا آخر. فتبعه أبو
عثمان فمازال
يتبعه حتى لحقه
ثم قال له: يا بني،
لا تصحب من لا
يحبك إلا
معصومًا. إنما
ينفعك أبو
عثمان في مثل
هذه الحالة.
فتاب أبو عمرو
وعاد إلى الإرادة
ونفذ فيها. ويحكى أنه تاب
بعض المريدين
ثم عاد، فتفكر
وقتًا: لو تاب
كيف يكون حاله
؟ فهتف به
هاتف: يا فلان،
أطعتنا
فشكرناك، ثم
تركتنا فأمهلناك،
وإن
عدت إلينا
قبلناك. وقد ورد في
فضل التوبة
آيات وأحاديث
كثيرة. قال
تعالى: ( إِنَّ
اللَّهَ
يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ
) وقال تعالى: ( إِلاَّ
مَن تَابَ
وَآمَنَ
وَعَمِلَ
عَمَلا
صَالِحًا
فَأُولَئِكَ
يُبَدِّلُ
اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ ).
وقال (صلى
الله عليه
وسلم) : " لله أفرح
بتوبة العبد
المؤمن من رجل
نزل في أرض
دوية مهلكة،
معه راحلته،
عليها طعامه
وشرابه، فوضع
رأسه فنام نومة
فاستيقظ وقد
ذهبت راحلته
فطلبها حتى إذا
اشتد عليه
الحر والعطش أو
ما شاء الله
قال: أرجع إلى مكانى
الذي كنت فيه
فأنام حتى أموت.
فوضع رأسه على
ساعده ليموت،
فاستيقظ فإذا
راحلته عنده
عليها زاده
وشرابه ..
فالله تعالى أشد
فرحا بتوبة
العبد المؤمن
من هذا
براحلته "([56]) .. ويروى "
الله أفرح
بتوبة التائب من
الظمآن
الوارد، ومن العقيم
الوالد، ومن
الضال الواجد
"([57]). قال
خالد بن معدان
– رحمه الله
تعالى - : يمر
التائبون على
جهنم فلا
يرونها
فيقولون: يا
ربنا، ألم
تعدنا أننا
نرى النار ؟
فيقال لهم:
إنكم مررتم
عليها وهى خامدة
لكونكم كنتم
تائبين،
فإنها لا تهيج
إلا من الذنوب
والإصرار
عليها. وسئل
مسروق – رحمه
الله تعالى –
هل لقاتل
المؤمن من
توبة ؟ فقال:
لا أغلق بابًا
فتحه الله ..
ومن هنا قال الأستاذ
فى المورد: فالتائبون
حفهم مولاهم بالنجح
والبشرى فما أسناهم واعلم أن
توبة الكافر
من كفره بالإسلام
مقبولة قطعًا
لقوله تعالى: ( قُل
لِلَّذِينَ
كَفَرُواْ
إِن
يَنتَهُواْ يُغْفَرْ
لَهُم مَّا
قَدْ سَلَفَ ). واختلف
في توبة
المؤمن .. فقال
الأشعرى: إنها
كذلك .. وهو
الصحيح لقوله
تعالى: ( وَهُوَ
الَّذِي
يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ
عَنْ
عِبَادِهِ ) ..
وقوله: ( غَافِرِ
الذَّنبِ
وَقَابِلِ
التَّوْبِ ) ..
ولقوله (صلى
الله عليه
وسلم): "
التائب من
الذنب كمن لا
ذنب له "([58])
.. وقوله: "
كفارة الذنب
الندامة "([59])
.. إلى غير ذلك. قال
عبد الله بن
عمر: ومن وقع
فى خطيئة ثم
تذكرها ووجل
منها فى قلبه
محيت عنه من
أم الكتاب، وقيل:
إنها مقبولة
ظنا إذ يحتمل
أن معنى قوله
تعالى (وَهُوَ
الَّذِي
يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ
عَنْ
عِبَادِهِ )
أنه يقبلها –
إن شاء – وهكذا
الباقى .. قيل لأبى
حفص: لم يبغض
التائب
الدنيا؟ فقال:
لأنه باشر
فيها الذنوب..
فقيل له: فهى
أيضا دار
أكرمه الله
فيها بالتوبة
.. فقال: إنه من
الذنب على
يقين ومن قبول
التوبة على خطر،
فمن ثم كان
المطلوب من
العبد بعد
التوبة دوام
الانكسار
وملازمة
التذلل
والاستغفار
كما قال تعالى
(أَفَلاَ
يَتُوبُونَ
إِلَى
اللَّهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَهُ)
فإن الواو هنا
للترتيب
ولهذا قال
الأستاذ بعد قوله: وجدد
التوبة
للذنوب واستغفر
الستار للعيوب والاستغفار
من سنته (صلى
الله عليه
وسلم) فقد كان
يستغفر فى
اليوم سبعين
مرة([60])
وفى رواية "
مائة مرة. وفى
الحديث " يا
ابن آدم لو
بلغت ذنوبك
عنان السماء
ثم استغفرتنى
غفرت لك ما
كان منك ولا أبالى
"([61])
وقال (صلى
الله عليه
وسلم) " والذى
نفسى بيده لو
لم تذنبوا
لذهب الله بكم
وجاء بقوم
يذنبون
فيستغفرون
فيغفر لهم "([62])
.. وقال قتادة:
القرآن يدلكم
على دائكم
ودوائكم أما
داؤكم
فالذنوب وأما
دواؤكم
فالاستغفار
وقال على - كرم
الله وجهه –
العجب ممن
يهلك ومعه
نجاة قيل: وما
هى قال: الاستغفار
.. وفى الحديث "
من قال حين
يأوى إلى
فراشه أستغفر
الله العظيم
الذى لا إله
إلا هو الحى
القيوم وأتوب
إليه ثلاث
مرات غفر الله
ذنوبه وإن
كانت مثل زبد
البحر أوعدد
رمل عالج أو
عدد ورق الشجر
أو عدد أيام
الدنيا"([63])
وقال (صلى
الله عليه
وسلم) " من قال
سبحانك ظلمت
نفسى وعملت سوءًا
فاغفر لى فإنه
لا يغفر
الذنوب إلا
أنت غفرت له
ذنوبه ولو
كانت كدب
النمل "([64])
والأحاديث فى
الاستغفار
كثيرة وكلها
محمولة على
الاستغفار
المصحوب
بالصدق بأن يكون
ناشئًا عن ندم
كما تقدم
والله أعلم ..
وصلى الله على
سيدنا محمد
وعلى آله
وصحبه وسلم. الــركن
الثالث من أركان
الطريق
الشيـــــــخ
و إليه
أشار الأستاذ في
المورد بقوله: واطلب إمامًا
عارفًا
بالسير ولا
تسح في سيحها
بالضير وهو
أعظم أركان
الطريق
وعمدتها فإن
سبيل الدين
غامض وسبل
الشيطان
كثيرة ظاهرة ..
فمن لم يكن له
شيخ يهديه،
قاده الشيطان إلى
طرقه لا محالة
.. كذا في الإحياء.
وقد قيل في
قوله تعالى: " يَا
أَيُّهَا
الَّذِينَ
آمَنُواْ
اتَّقُواْ
اللَّهَ
وَابْتَغُواْ
إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ
" أن المراد
بالوسيلة
الشيخ المرشد لأنه
وسيلة المريد إلى
الله. والأمر
في قول الأستاذ
" واطلب "
للوجوب. قال في
العرائس
القدسية نقلا
عن ابن العربي
في التدبيرات الإلهية
في أواخر
الأبواب منها:
اعلم أيها
المريد لنجاة
نفسه أنه أول
ما يجب عليك
قبل كل شيء،
طلب شيخ يبصرك
عيوب نفسك،
ويخرجك عن
طاعتها ولو
رحلت في طلبه إلى
أقصى الأماكن
..اهـ. وقال في
الباب الثالث
والخمسين من
الفتوحات:
اعلم أيدك
الله ونورك .. أن
أول ما يجب
على الداخل في
الطريقة الإلهية
المشروعة،
طلب الأستاذ
حتى يجده .. اهـ.
وقال في
سعود المطالع:
واتخاذ شيخ عالم
عارف بعلاج
النفس الأمارة
ودسائسها
الخفية يطهر الإنسان
من النجاسات
المعنوية فرض
عين كما نص
عليه الغزالي
وابن عبد
السلام
والسبكى والسيوطي
وشيخ الإسلام
والناصر
اللقانى
وزروق من
سادات
المالكية، وخير
الدين الرملي والحموي
من السادات
الحنفية،
والهروى وابن
النجار من
الحنابلة. لأن
ما لا يتم
الواجب إلا به
فهو واجب. وقال الإمام
الشعراني: أجمع
أهل الطريق
على وجوب
اتخاذ الإنسان
شيخا يرشده إلى
زوال الصفات التي
تمنعه عن دخول
حضرة الله
تعالى بقلبه
لتصح صلاته من
باب ما لا يتم
الواجب إلا به
فهو واجب. ولا
شك أن علاج أمراض
الباطن من حب
الدنيا
والكبر
والعجب
والرياء والحسد
والحقد وغير
ذلك واجب كما
تشهد له الأحاديث
الواردة في
تحريم هذه الأمور.
فاعلم أن كل
من لم يتخذ له
شيخا يرشده إلى
الخروج من هذه
الصفات فهو
عاصٍ لله
ولرسوله (صلى
الله عليه
وسلم) لأنه لا يهتدي
لطريق العلاج
بغيره ولو حفظ
ألف كتاب في
العلم فهو كمن
يحفظ كتاب
الطب ولا يعرف
تنزيل الدواء
على الداء.
فاتخذ لك يا أخى
شيخًا واقبل نصحى. ثم قال:
وفى الأجوبة
المرضية ما حاصله
لا يقال: لو
كان علاج هذه الأمراض
الباطنة
واجبا لوضع
الأئمة من
الصحابة والتابعين
والمجتهدين
فى ذلك كتابا،
لأن هذه الأمراض
حدثت بعد
عصرهم. ولو
كانت لاستنبط
المجتهدون في
ذلك أدوية
وكتبًا،
وخلصوا الناس
منها كما
فعلوا فى
مسائل الفقه
بل أولى. ولا
يقول عاقل: إن أحدًا
منهم يرى فى أخيه
كبرًا أو عجبًا
أو نحو ذلك
ويقره عليه أبدا،
بل كان يستنبط
له الدواء من
الكتاب
والسنة ليخرجه
من إثم تلك
الكبائر. وأول
ما حدث ظهور
هذه الأمراض
الباطنية فى
المائة
الثالثة من
الهجرة لحديث:
" خير القرون قرنى
"([65]).
ومن شهد له (صلى
الله عليه
وسلم) بالخيرية
فقد حاز رتبة
الكمال. فظهر أنه
يجب على من
غلب عليه مرض
من الأمراض
الباطنية أن
يطلب له شيخا
يخرجه منه، فإن
لم يجده فى
بلده وجب عليه
السفر إليه.
ومن رزقه الله
السلامة من
هذه الأمراض
كالأئمة
المجتهدين وأتباعهم
لا يحتاج إلى
شيخ لأنه قد
عمل بما علم
على وجه الإخلاص.
وذلك هو حقيقة
التصوف .. اهـ. وقال
الجنيد: ولا
يتخيل الطالب
لهذا الأمر أنه
يبلغه بذاته أو
ينظر فى كتب
الصوفية
والحكماء،
ويعمل ويجتهد
ويصل لا والله
ما الأمر هيّن
.. اهـ. وقال الزجاجى
– رضى الله عنه - :
لو أن رجلا
كشف له عن
الغيب ولا
يكون له أستاذ،
لا يجىء منه شيء. وقال
أبو على الثقفي:
لو أن رجلا
جمع العلوم
كلها، وصحب
طوائف الناس،
لم يبلغ مبلغ الرجال
إلا بالرياضة
عن شيخ وإمام
مؤدب ناصح.
ومن لم يأخذ
أدبه من أستاذ
يريه عيوب
نفسه
ورعوناتها لا
يجوز
الاقتداء به في
تصحيح
المعاملات. وقد
اعتبر الشرع
وجود التعليم في
الكلب المعلم
وحل ما يقتله
بخلاف غير
المعلم. وقال أبو
على الدقاق –
قدس الله سره - :
الشجرة التي
تنبت بنفسها
لا تثمر، وإن
أثمرت كان
ثمرها بغير
لذة، وسنة
الله جارية
على أنه
لابد من
السبب، فكما أن
التوالد
والتناسل الحقيقي
لا يحصل بلا
واسطة
الوالد، كذلك
التوالد المعنوى
حصوله بغير
مرشد متعذر. وقال
عيسى- عليه
السلام-: لن
يلج ملكوت
السماء من لم
يولد مرتين،
فبالولادة الأولى
يصير له
ارتباط بعالم
الملك، وبالولادة
الثانية يصير
له ارتباط
بالملكوت،
وبها يستحق
ميراث الأنبياء.
ومن لم يصله
ميراث الأنبياء
ما ولد، وإن
كان من ذوى
الفطنة
والذكاء، لأن
الفطنة والذكاء
نتيجة العقل،
والعقل إذا
كان يابسًا من
نور الشرع لا
يدخل
الملكوت، ولا
يزال مترددًا
فى الملك. وقال سيدى
مصطفى البكري
فى العرائس
القدسية نقلا
عن سيدى سعد
الدين
الفرغانى فى
مقدمات شرح
التائية الفارضية:
من أهم
المهمات على
السالك
الطالب أعلى
المطالب، وأولى
الأسباب
والشرائط في
سلوكه، حصول
شيخ مرشد
واصل، عالم
بالعلوم
الثلاثة:
الشريعة
والطريقة
والحقيقة –
بصير عارف بحقائق
الأمراض
النفسانية
والأدوية
المزيلة لها.
ودقائق شهوات
النفوس
وشركها الخفي في
كل مندوب أو مباح.
فإن
السالك
بنفسه،
الواقع فى مرض
جهله وغفلته وأنواع
الأمراض
المذكورة
آنفا، إنما هو
بمثابة مريض
غير خبير
بحقيقة مرضه
وعلاجه،
فيعالج مرضه
بهواه وشهوته
عن جهل به وبسببه،
وبما يضاده من
الأدوية.
فلربما توهم
شيئا أنه دواء
وفيه يكون
حتفه. والذي
نشاهده من بعض
من ظن أنه من
السالكين
العارفين،
معجبا بنفسه،
مدعيا بوهمه أنه
ذاق وشرب
شرابا من
الشهود، ولم
يشم رائحته
ولا قطرة منه،
ويظهر عرفانًا
كسبيًا ظنه
كشفًا شهوديًا،
وتوحيدًا
ناقصًا، يخال الإباحة
توحيدا،
والزندقة
معرفة حقيقية
حتى ظن بعضهم
وادعى أنه مهدى
أو عيسى أو
قطب أو نحو
ذلك. جميع
ذلك من نتائج
السلوك بنفسه
من غير شيخ مرشد،
والظن بأن
الخلوة
والرياضة
والاشتغال بالذكر
بشهوة النفس، وإرادتها
واختيارها
نافع أو موصل إلى
حضرة من حضرات
الحق تعالى.
وجل جناب الحق
أن يكون موردًا
لكل وارد، أو
يطلع عليه إلا
واحد بعد واحد
– يعنى على
متابعة واحد –
لا يضع قدمه
فى سيره الا
بعده
وبمتابعة
قدمه، فكان
داء السالك
بنفسه من حيث
دواؤه، وحتفه
فى عين علاجه .. اهـ. وقال
فيها أيضا: فإن
قلت: وهل يحتاج
العالم
العامل
الفاضل
الكامل إلى
مرشد في
الطريق يخلصه
من قيود
التعويق؟
قلنا: نعم،
ولو بلغ في
العلم
الغاية، ووصل
فيه إلى درجة
النهاية وأكثر
المحققين من أهل
الظاهر
انخرطوا فى
سلك هذه
الطائفة بعد
بلوغ شأو
العلم الباهر
كحجة الإسلام الغزالي
والشيخ عز
الدين بن عبد
السلام
واليافعى والشعراني.
فقد قال فى
مننه: فأول ما جمعني
الله تعالى
على سيدى على
المرصفى شيخ
الطريق فى
الديار
المصرية فلقننى
الذكر وأخلانى.
ثم جمعنى الله
على الشيخ
محمد الشناوي فلقننى
الذكر وأشغلني
بالله، ولم
يكن طريقه
الخلوة. ثم جمعنى
الله على عارف
الزمان الشيخ
الكامل الأمي المحمدي
سيدى على الخوّاص
فأطلعنى على
حقائق ودقائق وأسرار،
ولم أفارقه
عشر سنين حتى
مات، فكان منه
الذي كان،
فعلمت وتحققت أن
الإنسان ولو
بلغ في العلم
الغاية، فلا
بد له من شيخ في
طريق العمل به
..اهـ.
ملخصا. قال
فيها أيضا
نقلا عن سيدى محي
الدين بن العربي
في كتابه
مواقع النجوم
ومطالع أهلة الأسرار
والعلوم:
واسجن نفسك
تحت آمر يأمرك
وينهاك وتتلمذ
له، واتخذه
شيخًا مرشدًا،
فانه إن لم
تجر أفعالك
على مراد غيرك
لم يصح لك الإمساك
عن هواك، ولو
جاهدت نفسك
عمرك بما
ترتبه عليها –
وإن صعب –
لم تزل عن
هواها. فإنها هي
المرتبة على
نفسها، وإن
فتح لها في
لطائف
المشاهدة
وضروب
المكاشفة لم
تزل عن رعونتها
ورياستها التي
لا يمكن
خروجها منها إلا
بالانقياد إلى
طاعة نفس أخرى
مثلها،
وتصرفها تحت أمرها
ونهيها، وذلك
لكثافة
حجابها وعظم إشراكها
حتى ترتقى إلى
الآمر على الإطلاق،
ويكون ذلك سلّما
لها إليه. ولذلك
قال المحققون:
كل عمل لا
يكون عن أثر
فهو هوى
النفس.وآخر ما
يخرج من قلوب
الصديقين حب
الرياسة. وقال
الحق لأبى
يزيد
البسطامى في
بعض مشاهده
معه: تقرب إلىّ
بما ليس لى:
الذلة
والافتقار.
فهذه إشارة
إلى إزالة
الرياسة. فاسع
يا بني في طلب
شيخ يرشدك
ويعصم
خواطرك، يكمل
ذاتك بالوجود
الإلهى
فحينئذ تدبر
نفسك بالوجود الكشفي
الاعتصامى .. اهـ. وفى
المدخل: إن كل
فعل كانت
النفس به
مأمورة لا
تقبل عليه إلا
بمجاهدة قوية
بخلاف ما
تبتدعه
وتحدثه من قبلها
فإنها تنشط
فيه وتتحمل
المشقة
والخطر لكونها
آمرة غير
مأمورة وإن
كان يدركها
فيه التعب، فإنه
حلو عندها
بسبب أنها
آمرة .. اهـ. وقال أبو
البركات في
شرح الخريدة:
ومن لم يصحب
شيخا يدله على
الطريق إلى
الله، واشتغل
بما عنده من
عبادة أو علم،
فقد تعرض لإغراء
الشيطان له.
ولهذا قيل: من
لا شيخ له
فالشيطان
شيخه.
وبالجملة من لم
يسلك على يد
شيخ عارف فلا
يمكنه الترقي إلى
منازل القرب
ولو أتى بعبادة
الثقلين .. اهـ.
وفى
المدخل: وينبغي
أن يكون دخول
المريد
الخلوة على يد
شيخ متمكن في
العلمين: علم
الحال وعلم
السنة .. إن أمكنه
ذلك. ولا يدخل
بنفسه. ثم قال:
والحذر الحذر أن
يدخل بنفسه
خيفة من مواضع
العطب. وأعني
بدخول الخلوة
هنا ما
يستعمله
المريد من
المجاهدات ..اهـ. وحكي في
موضع آخر بعد
هذا عن بعض
المريدين انه
كان يحضر مجلس
شيخه ثم
انقطع. فسأل
الشيخ عنه
فقالوا له: هو
فى عافية ..
فأرسل خلفه
فحضر. فسأله:
ما الموجب
لانقطاعك؟ فقال:
يا سيدي، كنت أجىء
لكي أصل،
والآن قد وصلت
فلا حاجة تدعو
إلى الحضور. فسأله
عن كيفية
وصوله. فأخبره
أنه
في كل ليلة
يصلى ورده في
الجنة. فقال
له الشيخ: يا بني،
والله ما
دخلتها أبدا،
فلعلك أن
تتفضل علىّ فتأخذني
معك لعلى أن
أدخلها كما
دخلتها أنت. فقال:
نعم فبات
الشيخ عند
المريد .. فلما أن
كان بعد
العشاء، جاء
طائر فنزل عند
الباب فقال
المريد للشيخ:
هذا الطائر الذي
يحملني في كل
ليلة إلى
الجنة. فركب
الشيخ
والمريد على
ظهر الطائر
فطار بهما
ساعة ثم نزل
بهما في موضع
كثير الشجر.
فقام المريد
يصلى وقعد
الشيخ. فقال
له المريد: يا سيدى،
أما تقوم
الليلة؟ فقال
الشيخ: يا
بنى، الجنة
هذه، وليس في
الجنة صلاة. فبقى
المريد يصلى
والشيخ قاعد. فلما
أن طلع الفجر
جاء الطائر
ونزل. فقال
المريد للشيخ:
قم بنا نرجع إلى
موضعنا. فقال
له الشيخ: اجلس،
ما رأيت أحدا
يدخل الجنة
ويخرج منها فجعل
الطائر يضرب
بأجنحته
ويصيح حتى
أراهم أن الأرض
تتحرك بهم
فبقى المريد
يقول للشيخ:
قم بنا لئلا
يجرى علينا
منه شىء. فقال
له الشيخ: هذا
يضحك عليك
يريد أن يخرجك
من الجنة،
فاستفتح
الشيخ بقراءة
القرآن فذهب
الطائر وبقيا
كذلك إلى أن
تبين الضوء وإذا
هما على مزبلة
والعذرة
والنجاسات
حولهما. فصفع
الشيخ المريد وقال
له: هذه هي
الجنة التي
أوصلك
الشيطان
إليها. قم
فاحضر مع إخوانك
... أو كما
جرى.وحكاياتهم
في هذا المعنى
قل أن تنحصر .. اهـ. هذا
وللشيخ شروط، فإذا
لم توجد فيه
وجبت مجافاته إذ
لا تؤمن
آفاته، بل
الواجب – مع
رفضه – إظهار
بغضه. ففي الإحياء
في مراتب
الذين يبغضون في
الله ما
ملخصه: إن الإنكار
على المبتدع الذي
يدعو لبدعته أشد
من الإنكار
على الكافر، لأن
شر الكافر غير
متعد، فإن
المسلمين
اعتقدوا كفره
فلا يلتفتون إلى
قوله. أما
المبتدع الذي
يدعو لبدعته
ويزعم أن ما
يدعو له حق
فهو سبب
لغواية الخلق
فشره متعد.
فالاستحباب في
إظهار بغضه
ومعاداته،
والانقطاع
عنه وتحقيره،
والتشنيع
عليه ببدعته،
وتنفير الناس
عنه، وتقبيحا
لبدعته في أعينهم.
وإن كان في
خلوة فإن علم أن
السكوت عن
جوابه يقبح في
نفسه بدعته.
ويؤثر في زجره
فكذلك وإلا
فلا بأس برد
جوابه. قال
عليه الصلاة
والسلام: " من
انتهر صاحب
بدعة ملأ الله
قلبه أمنًا وإيمانًا،
ومن أهان صاحب
بدعة أمنه
الله يوم
الفزع الأكبر،
ومن ألان له
وأكرمه أو
لقيه ببشر فقد
استخف بما
أنزل على محمد
"([66])
أما من لا
يدعو لبدعته،
ولا يخاف
الاقتداء به
فأمره أهون،
فليتلطف به في
النصح فإن
قلوب العوام
سريعة
التقلب، فإن
علم أن ذلك لا
يؤثر فيه
لجمود طبعه
ورسوخ عقده فالإعراض
عنه أولى لأن
البدعة إذا لم
يبالغ في
تقبيحها شاعت
بين الخلق وعم
فسادها .. اهـ. وقال
سيدى تاج
الدين أحمد بن
محمد البكرى
المعروف
بالشريشى فى
رائيته: وللشيــــخ
آيات إذا لم
تكـــن لـه فما هو إلا
في ليالي
الهوى يسرى إذا
لم يكن علـــم
لديـــه بظــاهر ولا
باطن فاضرب به
لجج البحــر وإن
كان إلا أنه
غيــر جامـــــع
لوصفيهما
جمعا على أكمل
الأمــر فأقرب
أحوال العليل إلى
الردى إذا
لم يكن منه
الطبيـــب
على خبر ثم
قال: وآيته
أن لا يميل إلى
هوى فدنياه
في طي وأخراه في
نشر يعنى
أن الشيخ
المرشد له
علامات إذا لم
تكن له فلا تتخذه
شيخا وتنح عنه
فإنما هو سار في
ليالي الهوى
وقد قال
تعالى: ( وَلا
تُطِعْ مَنْ
أَغْفَلْنَا
قَلْبَهُ عَن
ذِكْرِنَا
وَاتَّبَعَ
هَوَاهُ )
وقال تعالى: ( فَلاَ
يَصُدَّنَّكَ
عَنْهَا مَنْ
لاَ يُؤْمِنُ
بِهَا
وَاتَّبَعَ
هَوَاهُ
فَتَرْدَى)
وقال تعالى: ( فَأَعْرِضْ
عَن مَّن
تَوَلَّى عَن
ذِكْرِنَا
وَلَمْ
يُرِدْ
إِلاَّ
الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا ). وقال
أبو بكر
الوراق: إن
الله عز وجل
لم يجعل في
الدنيا
والآخرة شيئا أخبث
من الهوى. وقال
سهل بن عبد
الله: اجتنب
صحبة ثلاثة من
أصناف الناس ..
الجبابرة
الغافلين،
والقراء
المداهنين،
والمتصوفة
الجاهلين. وقوله:
وإن كان إلا
أنه غير جامع ... البيتين،
معناه أنه إذا كان
عنده علم
بالظاهر
والباطن
ولكنه لم يكن
متمكنا
منهما، ولا
جامعا
لوصفيهما على
الوجه الأكمل
فلا تسلمه
نفسك، ولا
تختره طبيبا فإنه – والحال
هذه – طبيب غير
خبير، وأقرب
حالات العليل
إلى الهلاك
إذا لم يكن
الطبيب عارفا
بالعلل وما
يناسبها من
الأدوية. وليت
شعرى، إذا كان
الإنسان لا
يسمح أن يسلم
جسده
لمعالجته من
العلل الظاهرة
الجلية لمطلق
من يدعى معرفة
الطب بل حتى
يتكرر منه
النجاح،
ويظهر على
يديه الفلاح
المرة بعد
المرة ومع ذلك
يكون مشفقا،
فكيف يسمح أن
يسلم روحه لكل
من يدعى
الحكمة
الباطنية؟ ولله
درّالقائل: والنفس
من أنفس شىء
خلقا فكن
عليها ما حييت
مشفقا ولا
تسلـــط جاهـــلا
عليهــا فقد
يســوق
حتفهـــا إليها وما
أحسن قول الأستاذ: واختر
لحفظ الروح يا
صديقي طودا
سرى فى مسلك
التحقيق أنظر
إلى قوله
{طودا} فإنه أشار به إلى
أنه يشترط
فيمن تسلمه
روحك أن يكون
راسخا في علم
الباطن
والظاهر رسوخ
الطود وهو
الجبل العظيم.
ثم لم يكتف بذلك
حتى وصفه
بكونه لابد أن
يكون سرى أي
سار من ليل
الأغيار في
مسلك التحقيق
إلى الواحد
القهار. وتأمل
قوله أول
المطلب: واطلب
إماما عارفا
بالسير – حيث
لم يكتف بكونه
إماما بل لابد
أيضا أن يكون
عارفا بالسير
وهو توجه
القلب إلى
الله عز وجل،
وتنقله من
الصفات
الذميمة إلى
الصفات
الحميدة. ليت
شعرى هل تطيب
نفسك أن تهتدى
بغير خبير في
الطريق
الحسية
المدركة
بالبصر التي
لا يترتب على
المخاطرة فيها
كبير ضرر؟ لا
والله. فكيف
تطيب أن تقتدي
بغير بصير في
الطريق
المعنوية
المدركة
بالبصائر،
الواقفة
عليها
الأعداء من
جنود الهوى
والنفس والشياطين؟
لعمرى، ما هذا
إلا الحمق
بعينه. والعارف
بالسير – كما في
شرح الرائية –
هو من يكون
عارفًا
بالخواطر
النفسية
والشيطانية
والملكية والربانية،
عارفًا
بالأصل الذي
تنبعث منه هذه
الخواطر،
عارفا
بحركاتها الظاهرة،
عارفا بما
فيها من العلل
والأمراض الصارفة
عن صحة الوصول
إلى عين
الحقيقة،
عارفا بالأدوية
وأعيانها،
عارفا بالأزمنة
التي يحمل
المريد على
استعمالها
فيها، عارفا
بالعوائق
والعلائق
الخارجة مثل
الوالدين
والأولاد
والأهل
والسلطان،
عارفا
بسياستهم وبجذبه
المريد صاحب
العلة من أيديهم. وقد
أشار شيخنا –
حفظه الله – إلى
صفات
المرشدين فى
المورد: فالخير
فى سوح الشيوخ
الكمل من
ألزموا عين
الحشى حب
العلى واستفرغوا
القلب من الأغيــار
واستمسكوا
دوما بحبـــل
البـــارى وما
لووا في سيرهـــم
للحـــق إلى الدنـــــا
ولا لعــــــذب
الــذوق وما
عـــدوا محجـــة
المختــار وقد خلـــوا
بالحـــق في الأسحـــار واستعذبـــوا
شرابهــا
فنافسوا ببـــذل أرواح
ومـــا تقـاعســــــوا واستعظموا
المندوب
كالمحتم وأهملـــوا
المكــــروه كالمحـــــرم يعنى
أن الخير
منحصرفي سوح أى
ساحات ورحاب
الشيوخ الكمل
المتصفين
بهذه الصفات،
فتذلل فى
ساحاتهم،
وتطفل على راحاتهم
فإنهم هم
الناس كما قال-
حفظه الله-: فهؤلاء
الناس يا أخدانى
وما
سواهم لعبة
الصبيان ولله
درّ القائل: هم
الرجال وعيب أن
يقال لمن لم يتصف بمعاني
وصفهم رجل وقد
وصفهم أبو
الفضل سيدى ذو
النون المصري
بقوله: هم قوم
ذكروا الله
بقلوبهم
تعظيما
لربهم، فهم حجة
الله على
خلقه، ألبسهم
الله النور
الساطع من
محبته، ورفع
لهم أعلام
الهداية إلى
مواصلته، و أقامهم
مقام الأبطال
لإرادته، وأفرغ
عليهم الصبر
عن مخالفته،
وطهر أبدانهم
بمراقبته،
وطيبهم بطيب
أهل معاملته،
وكساهم حللا
من نسيج
مودته، ووضع
على رؤوسهم
تيجان مسرته،
ثم أودع
القلوب من
ذخائر الغيوب
فهى معلقة
بمواصلته،
فهممهم إليه
سائرة،
وأعينهم
بالغيب إليه
ناظرة، قد أقامهم
على باب النظر
من قربه، وأجلسهم
على كرسي أطباء
أهل معرفته،
ثم قال عز وجل
لهم: إن أتاكم
عليل من فقرى
فداووه، أو
مريض من فرقى
فعالجوه، أو
خائف منى
فأمنوه، أو
آمن منى
فحذروه، أو
راغب في
مواصلتي
فمنوه، أو
راحل نحوى
فزودوه، أو
جبان في
متاجرتي
فشجعوه، أو
آيس من فضلى
فعدوه، أو راج
لإحساني
فبشروه، أو
حسن الظن بى
فباسطوه، أو
محب فواظبوه، أو
معظم لقدرى
فعظموه، أو
مسىء بعد إحسان
فعاتبوه، أو
مسترشد نحوى
فأرشدوه. إذا
علمت ذلك
فنهنه أجفان
فؤادك من
كراها، وتفرس بعين
البصيرة في
وجوه الرجال
فعسى تراها،
ولا تكن
الثالث في قول
على – كرم الله
وجهه -: الناس
ثلاثة .. عالم
رباني، ومتعلم
على سبيل
النجاة، وهمج
رعاع أتباع
لكل ناعق،
يميلون مع كل
ريح، لم
يستضيئوا
بنور العلم
ولم يلجأوا إلى
ركن وثيق. وقد
روى الإمام
أبو الحسن
رزين – رحمه
الله – فى كتابه
عن حذيفة وابن
مسعود – رضي
الله عنهما –
أنهما قالا:
لا يكن أحدكم
إمعة يقول:
أنا مع الناس،
إن أحسن الناس
أحسنت، وإن أساءوا
أسأت، ولكن
وطنوا أنفسكم
إن أحسن الناس
أن تحسنوا وإن أساءوا
لا تظلموا. فلا
تحكم بأول ما
تراه فأول
طالع فجر كذوب واسأل
ربك بالخشية
واليقين، وقل:
" إِيَّاكَ
نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ
اهدِنَا
الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ
صِرَاطَ
الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ
غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ
وَلاَ الضَّالِّينَ
" آمين آمين
آمين. قال
فى العرائس
القدسية: ومما
يتأكد عليك إذا عزمت
على طلب إمام
سالك، يقيك فى
سيرك من
المهالك،
وينجيك من ظلام
وهمك الحالك،
ويدلك على ما فيه
نجاتك يوم تقف
بين يدى
المالك، أن لا
تتهافت على كل
من لقيته يدعى
الإرشاد،
ويتصدى لنصح
العباد،
ويريك بعض
شقائق لسانه،
ويشير إليك
ببوارق
جنانه، حتى
تصحبه وترى
كيف اتباعه
للسنة
المحمدية،
وتسأل عنه
العارفين به
من أهل
المراتب
السنية. ثم
بعد أن يشهد
له أهل الصدق
والأمانة،
وترى أثر
الهداية
لائحا عليه،
والتقوى
لباسها زانه،
فهناك فاستخر
الله سبحانه.
فإن وقع
لك إذن فأقبل
بنفس لهفانة
ظمآنة فارغة
من السوى،
فاغرة فاها
لنيل الدوا،
بالجوى
ملآنة،
منقادة مذعنة
لينة كالخيزرانة.
واصدق فى
المحبة والإقبال
عليه، وألق
نفسك سلما بين
يديه يفتح
الله تعالى إن
شاء لك
الأبواب،
وتصعد درج
الاقتراب. وما
جعلني أنبهك
على هذا الأمر
إلا
فساد الزمن
وكثرة
الدعاوى التي
لا تدخل تحت
ميزان، فكم من
مدع مثلى لم
يذق من مطاعم أهل
الطريق خردلة،
أصبح يدعى
الإرشاد وما
ذاك له. ثم
قال بعد ذلك
بكثير: قال
الشيخ – قدس
الله سره – فى
كتابه روح
القدس:
والزمان
اليوم – يا ولى –
شديد، شيطان
مريد، علماء
سوء يطلبون ما
يأكلون،
وأمراء جور
يحكمون بما لا
يعلمون،
وصوفية صوف
بأعراض
الدنيا
مرشحون، عظمت
الدنيا في قلوبهم
فلا يرون
فوقها مطلبا،
وصغر الحق فى
أعينهم
فأعجلوا عنه
مهربا،
حافظوا على
السجادات
والمرقعات
والمشهرات
والعكاكيز
والسبحات المزينة
كالعجائز،
أطفال طعام
وصبيان
أحلام، لا علم
عن الحرام
يردهم، ولا
زهد عن الرغبة
في الدنيا
يصدهم،
اتخذوا ظاهر
الدين شركا
للحطام،
ولازموا
الخوانق والرباطات
رغبة فيما
يأتى من حلال
وحرام، وسعوا أردانهم
وسمنوا
أبدانهم.
والله – يا ولى –
لو رأيتهم فى صلاتهم
ينقرونها،
وفى صفوفهم لا
يقيمونها،
يجعل أحدهم
بينه وبين
صاحبه فى الصف
قدر ما يدخل
فيه ألف
شيطان، ثم إذا
جئت تسد ذلك
الخلل تراهم
قد قطبوا
وجوههم، فإذا
غفلت ووطأت
سجادة أحدهم
لكمك لكمة حيث
جاءت منك وقد
يكون فيها حتفك.
وهذه وأشباهها
هى الطريقة
التى أهل
زمانك عليها. ورحم
الله تعالى ابا
القاسم
القشيرى حيث أدرك
من تحلى بحلية
القوم فى
ظاهره، وتعرى
عنها فى باطنه
فأنشد فيه
يقول: أما
الخيام فإنها
كخيامهم وأرى
نساء الحى غير
نسائها هذا
الذى اشترك
معهم فى الزى
الظاهر، وأما
اليوم فلا
خيام ولا نساء
بإجماع القوم. إن
الموت الأخضر([67])
عندهم طرح
الرقاع بعضها
على بعض وذلك
شعارهم – رضى
الله عنهم –
فقام هؤلاء
وقالوا: إنما
لنا لبس المرقعة
وخاصة ولم
يلحظوا ما أريد
بها فتأنقوا
فى الثياب
المطرحة
والاعلام المشهرة،
وخاطوها على
وزن معلوم
وترتيب منظوم،
تساوى مالا وأفسدوا
ثيابا وسموها
مرقعة. فرحم
الله سيد هذه
الطريقة أبا
القاسم
الجنيد حيث أنشد
لما رأى فساد
الحال: أهل
التصوف قد
مضوا صار
التصوف مخرقة صار
التصوف ركــوة سجـــادة
ومــزلقـــــــة صار
التصوف صيحة وتــوجـــدا
ومـطبقــــة كذبتك
نفسـك ليـــس
ذا سنن
الطريق
الملحقــة والله
ما أعلم أهل
الطريقة كذا،
وما كان إلا
بالقعود فى
مرابض الكلاب
مجاهدة،
وتحمل الأذى
وكفه رياضة،
والرحمة
والشفقة
والعطف على
الفقراء والمساكين
والمسلمين
كافة تحققا
ومعرفة. وأما
أهل زمانك فو
الله لو اطلعت
عليهم لرأيت-
إن نظرت إلى
وجوههم- عيونًا
جامدة متحركة
غير هامدة، وإن
نظرت إلى
نفوسهم رأيت
نفوسا سامدة،
وإن نظرت إلى
قلوبهم رأيت
قلوبا لاهية،
من العمارة
العلوية
والسفلية
خالية، على
عروشها
خاوية، آجاما
لأسود ضارية ومرابض
لذئاب عاوية
نسأل الله عند
رؤيتهم
العافية. ثم
قال: لقد لقيت
بهذه البلاد
من يلبس
سراويل الفتيان
ولا يستحى فى
ذلك من
الرحمن، لا
يعرف شروط
السنن والفرائض،
ولا يصلح أن
يكون فى
المرابض، ومع
هذا – يا ولى –
فهم والله
الصدف الذى
يخفى الدرر،
والسياج على
الروضة ذات
الزهر، يدخل
بينهم الصادق والصديق
فيجهل،
والعارف
المتمكن
فيترك ويهمل،
فإنه يحمل على
ما هم عليه
لاشتراكهم معه
فى الزى وما
بينهم وبينه
معاملة فى
شىء. هذا
مشايخ أهل
عصره
الكائنين فى
الستمائة فكيف
بأهل زماننا
المتجاوزين
حدود الألف
والمائة؟ .. اهـ. قلت:
وكيف أيضا
بأهل زماننا
المتجاوزين
الألف والثلاثمائة؟
لعمري إنهم
لأشر من أولئك
أضعافا
مضاعفة لأن
الناس لم يزالوا
راجعين
القهقرى، إذ
ما من يوم والذي
بعده شر منه،
فيا ليت أحوال
المريدين
اليوم كأحوال عصاة
المؤمنين،
فضلا عن أحوال
الطائعين،
فضلا عن أحوال
العارفين
الذين يزعمون أنهم
منهم. فإن عصاه
المؤمنين
معترفون بذنوبهم،
وجلون خجلون
منها،
مستحقرون لأنفسهم،
وكثيرا ما
يغلب عليهم
الخوف
فيتوبون ويستغفرون
وتحسن
أحوالهم. ثم
لا تزال
قلوبهم منكسرة،
ورب معصية
أورثت ذلا
وانكسارًا
خير من طاعة
أورثت عزا
واستكبارًا،
حتى قال عمر –
رضى الله عنه –
جالسوا
التوابين فإنهم
أرق أفئدة. وليس
فى الطريق إلى
الله تعالى أقرب
من العبودية لأنها
محض ذل وخضوع
ورؤية تقصير،
فأما من تكبر
فانه قد تعدى
حده، وجهل
نفسه، ونازع
الربوبية. ومع
ذلك فاسم
العبودية
منسحب عليه لأن
العبد الآبق
لا يخرجه آباقه
عن الرق وإنما
يخرجه عن
تعاطيه بجهله
لوازم العبودية
من الوقوف بين
يدى سيده
لامتثال
أوامره واجتناب
نواهيه. والمراد
من إنزال
الكتب وإرسال
الرسل – صلوات
الله وسلامه
عليهم – أن
يعرف العبيد
وصفهم وما
خلقوا له فيلزموه،
ويعرفوا ما
لله عز وجل
دونهم فلا
ينازعوه فيه.
ولا ريب أن
هؤلاء
المدعين قد
غرقوا فى بحار
غرورهم ونبذوا
العبودية
وراء ظهورهم
كما تشهد به
حالهم. ولقد
رأينا كثيرًا
من العصاة قد
رجع إلى الله
تعالى وتاب
وما رأينا من
هؤلاء
المدعين واحدا
اعترف يوما
بذنبه، وندم
وتاب إلى ربه،
بل ما نراه
يزداد كل يوم إثما
وإن عليه لإثمه
وآثام
المقتدين به
والتابعين له
فى بدعته إلى
يوم القيامة. على
أن العصاة لا
تراهم
متلبسين في
الغالب إلا
ببعض المعاصي.
وأما هؤلاء
المتمشيخون
فهم ممن زين
له سوء عمله
فرآه حسنا.
وقد تلبسوا
بأنواع شتى من
قبائح المعاصي
وكبائرها
الظاهرية
والباطنية.
فتراهم يأكلون
أموال الناس
بالباطل أكلا
لمًّا،
ويحبون المال
حبًّا جمًّا،
ويكذبون
بحالهم
ومقالهم،
ويغتابون
وينمون و..... و.....
و.....وترى فى
قلوبهم الحسد
والكبر والعجب
وحب الرياسة
و...و... و... و...و...و... . وهذا
موجب للطرد
والمقت، ومن
طرده الله
ومقته لا يصلح
أن يكون دليلا
عليه ومرشدا إليه.
ولو عرف طريق
الحق كإبليس –
لعنه الله – لما
تكبر وأعجب
بنفسه حتى رأى
أنه خير من آدم
– عليه السلام –
طرده الله
ومقته مع قوة
حجته وشبهته
عند نفسه في
مجادلته الحق
تعالى حيث قال:
تأمرني
بالسجود لآدم
ولم ترده منى،
ولو أردته منى
لوقع.
فقال له الحق
تعالى: متى
علمت أنى لم
أرد منك
السجود؟ بعد
وقوع الإباية
منك أو قبل
ذلك؟ فقال له:
بعدما وقعت الإباية
علمت انك لو أردت
السجود منى
لسجدت. فقال
تعالى: بذلك آخذتك.
فلم نؤاخذ إلا
بالجهل وقلة
الأدب لا بعدم
السجود. وقال
أبو البركات
فى شرح الخريدة:
ومن الناس من
يزعم أنه سالك
طريق أهل الله
– تعالى –
فيتزيا بزيهم
ويتكلم بما
يوهم الناس أنه
منهم، والحال أنه
بطال يملأ
بطنه من
الطعام سواء
كان حلالا أو
حراما وليله
من المنام،
ويثب على
الدنيا وثوب الأسد
على الفريسة.
وربما جعل
نفسه شيخا وله
أتباع
يصطادون له
بشرك مشيخته
قاذورات
الحطام
الفانى،
ويزعمون أنهم
على شىء، أولئك
هم الكاذبون. وقد
أشار لهم
العارف بالله
تعالى -
سيدى عمر بن
الفارض – رضى
الله عنه
بقوله: رضوا
بالأمانى
وابتلوا بحظــوظهـــم
وخاضوا
بحار الحب دعوى
فما ابتلوا فهم
فى السرى لم
يبرحوا عن
مكانهم
وما
ظعنوا في
السير عنه وقد
كلـــوا بل
تأخروا عنه
ورجعوا
القهقرى لأنهم
تبعوا هوى أنفسهم
والشيطان
يقودهم إلى كل
ما يحبه منهم
كما قال: وعن
مذهبى لما
استحبوا
العمى على الهدى
حسنا من عند أنفسهم
ضلوا حتى
صار من
أخلاقهم أن من
تصدق عليهم
بصدقة وأكرمهم
بكرامة،
اتخذوا ذلك
عادة،
وطالبوا بها
من فعل معهم
الإحسان، حتى
يضيقوا عليه
المسالك،
ويقولون: أعطنا
عادتنا وإلا
نشوش عليك،
فيوهمون
الناس أنهم أرباب
أحوال وأن
الله – تعالى –
يصدقهم فى
المقال. كلا
.. ما هذه طريقة
الفقراء أهل
الله، إنما طريقتهم
التواضع
والانكسار
وحب الخمول
والعفة
والزهد
والورع
والإيثار
والتوكل. وأما
هؤلاء فهم
أشرار الناس
يأكلون أموال
الناس
بالباطل،
ويدعون
المراتب
العلية وهم فى
الدركات
السفلية. وقد
كثروا فى هذا
الزمان حتى ملئوا
طباق الأرض فى
كل قطر ومكان..
نعوذ بالله
منهم ..وأطال
فى ذلك – رضى
الله عنه –. قال
الشعرانى فى الأنوار
القدسية:
والعامة
صاروا
يستخفون ممن
يفعل ذلك
ويقولون: فلان
عمل شيخا فكأن
المشيخة صارت
بالعمل
والجعل وذلك لمشاهدتهم
خموله وكسله
وجهله
بالحقيقة
والشريعة. فكل
من أراد أن
يعمل شيخا سهل
عليه ذلك
لأنها صارت في
الغالب
بالدعوى،
فصاروا
يستخفون
بالمشايخ وإن
كانوا أهلا
للمشيخة في
نفس وجزي
الله الأستاذ
خيرًا حيث كشف
عنهم وحذر
منهم بقوله فى
المورد: وقد
تصدى البعض
للطريقــة لكـــن
بدعــــواه بــلا
حقيقــــة فصار
يدعو بالهوى
ويخبــط كخبط عشوا
في الدجا
ويسقط فى
لجة الغرور
والحـــرمـان ويدعــــى
الــرقــى للإحســان فأمـــه
الجـــم الغفــير
الأمدش وهب
يعينه الأصم
الأعمــش وأنبت
الخــذلان فى
الطـــلاب وأثبت
الغرور فى
الأصحاب وأثمرت
صحبتـــه
العقيمـــــة حـالا
زهت لكنهـا
ذميمـــــــة مجنونهــم
يدعــونه
بالجـــذب ورقصهم
يدعونـه بالقــــرب وركضهـــم
فــى قلـــة
الحيـاء يدعونـــه
بالمحــو
والفنـــــاء وكثــرة
الجدال فى ذا
السـرب قد
سميـــت فتحــا
بعلم وهبى ومحض
دعواهـم بلا
تحقيـــق يدعونـــه
بالشطـــح يا
رفيقى فاحذر
على الدين
النزيه
الغالى من
فرقة الإبعاد
والإضــــلال واجعلهـــــمـو
كأنهـــم أحجـــار مطروحــة
فى اليــم لا
تختـار ورحم
الله المقدسى
حيث قال فى
آخر كتابه – حل
الرموز: ذهـــب
الرجــال وجــال
مثل مجالهــم زمـــر
مـــن الأوبـــاش
والأنـــذال زعمـــوا
بأنهمــــو
على آثـــارهـــــــم ســــاروا
ولكـــن سيـــره
البطـــال لبســـوا
الدلـــوق مــرقعـــا
وتقشفــــوا كتقشـــــف
الأبطــــال
والأبـــــدال قطعــوا
طـريــق السـالكيــن
وأظلمــوا سبـــل
الهـــدى بجهــالــة
وضلال عمــروا
ظـواهــرهــم
بـأثواب التقـــى وحشــــوا
بواطنهــم من الأدغال ان قلـــت:
قـــال الله،
قــــــال رسـولـه
همـــزوك
همز المنكــــــر
المغتـال عن
حضرتى، عن
فكرتى، عن
خلوتى عن
جلوتى، عن
شاهدى عن حال عن صفــو
وقتـــى، عن
حقيقــة
حكمتى عن
ذات ذاتى، عن
صفات فعالـى دعـــوى إذا
حققتهـــــــا
ألفيتهــــــــــــا ألقاب
زور لقبــــــت
بمحـــــال تركــوا الحقـــائــق
والشـرائـع
واقتــدوا بطـــرائــق
الجهـــال
والضـــــلال جعلـــوا
المــرا فتحـا
وألفاظــ
الخطــــا شطحـــا
وصالـــوا صولـة
الإدلال وترصـــدوا
أكــــل الحــــرام
تخــادعــا كتخـــادع
المتلصـــص
المحتــــال ولله
درّ من قال: ذهب
الرجال المقتـــدى
بفعالهـم والمنكــرون
لكــــل أمـــر
منكــر وبقيت فى
خلف يزكى بعضهم بعضا ليدفـــع
معور عن معـــــور أبنــىّ إن
من الرجــال
بهيمـــة فى صورة
الرجل السميع
المبصر فطن بكـــل
مصيبـــة فى
مالـه فــإذا أصيـــب
فى دينــه لـم
يشعر فســل
الفقيــه تكــن
فقيهـا مثله من يســع
فــى علــم بلــب
يظفــر ولقد
كان الناس فى
العصر الأول يفرون
من المشيخة
ويهربون منها
بعد كمالهم فى
المعرفة،
وتمكنهم
ورسوخهم فى
المقامات، وتواتر
خواطر الحق،
وحصول الإذن لهم من
أشياخهم
الكاملين
العارفين،
اتهاما لأنفسهم
كما وقع لسيدى
يوسف العجمى -رضى
الله عنه .. ففى
مدراج
السالكين
للشعرانى أن الهاتف أتاه وهو ببلاد
العجم .. يا
يوسف، اذهب إلى
ارض مصر وأرشد
الناس .. فرده
وقال: شيطان ..
فأتاه الهاتف
ثانيا فرده
وقال: شيطان ..
ثم أتاه
ثالثا فقال:
اللهم إن كان
هذا هاتف حق
على لسانك
فاقلب هذا
النهر لبنا
خالصا حتى أشرب منه
بقصعتي هذه ..
فانقلب النهر
من ساعتها لبنا
خالصا، وملأ
منه قصعته
وشرب وسقى
الناس وصار
يقول: هذا لبن وإلا
عينى خيل لها
ذلك؟ فيقولون:
هو لبن .. ثم مضى
لأرض مصر بعد
ذلك. وذكر
فى الأنوار
القدسية أنه
لما توفى سيدى
محمد الغمرى –
رضى الله عنه –
طلب جماعته من
ولده سيدى أبى
العباس
الغمرى – رضى
الله عنه – أن
يتصدر لباب
التسليك
فأعرض عنهم ..
فألحوا عليه
مرارًا فقال
لهم: أين طالب
الله خالصا؟ فما
تجرأ أحد منهم
أن يتقدم
ورجعوا
لعلمهم بما
دخل فى نفوسهم
من عدم الصدق ..
وقد كانوا على
طريق ليس أحد
الآن من
المشايخ يمشى
عليها من صيام
الدهر وقيام
الليل ولبس
الثياب
الخشنة .. اهـ. وأما
الآن فمع ما
هم فيه من
الفسق والجهل
والتكالب على
الدنيا فقد
صاروا
يتسارعون إلى
المشيخة
ويتنازعون
فيها
ويتغايرون
على التلامذة
تغاير النساء
على الأزواج،
وتقع بينهم
العداوة
والبغضاء فى
ذلك أكثر مما
يقع بين النساء
على أزواجهن
ولا سيما إذا كان
فيهم المرد
والأحداث،
فإن الله
- تعالى – قد
أهانهم وكشف
عوراتهم فى
ذلك وخذلهم
وأبدى سوءاتهم. قال
القشيرى فى
رسالته: ومن
ابتلاه الله بشيء
من ذلك فهو
عبد قد أهانه
الله وخذله وكشف
عورته وأبدى
سوءاته فى
العاجل وله
عند الله سوء
المنقلب فى
الآجل. وقال
الواسطى - رضى الله
عنه - : إذا أراد
الله هوان عبد
ألقاه إلى
هؤلاء الأنتان
الجيف .. أو لم
تسمعوا إلى
قول الله
تعالى: ( قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ
أَزْكَى
لَهُمْ ) .. وقال
بعض التابعين:
كانوا يكرهون أن
يحدق الرجل
النظر إلى
الغلام
الأمرد
الجميل الوجه.
وقال سفيان
الثورى – رحمه
الله -: لو أن
رجلا عبث
بغلام بين أصابع
رجليه يريد
الشهوة لكان
لواطا.وقال
الحسن بن
ذكوان – رحمه
الله تعالى –
لا تجالسوا أبناء
الأغنياء فإن
لهم صورا كصور
النساء، وهم
أشد فتنة من
العذارى. وقال
بعض السلف:
لأن أؤتمن على
سبعين عذراء
أحب إلى من أن
أؤتمن على شاب
واحد. وقال
بعض التابعين:
ما أخاف على
الشاب الناسك
فى عبادته من
سبع ضار كخوفى
عليه من
الغلام
الأمرد يقعد إليه. وقال
بعض التابعين اللوطية
على ثلاثة أصناف:
صنف
ينظرون وصنف
يتصافحون
وصنف يعملون
ذلك العمل .. أهـ.
وليتهم وقفوا
هنا، بل قد أخذوا
العهود على
النساء
وأخبروهن
أنهن قد صرن
بنات لهم،
وربما كلفوهن
بالإقرار
والاعتراف
بين أيديهم
بكل ما فعلنه
من الذنوب وفى
هذا من مخالفة
الشرع الشريف
ما فيه. وقد
ورد أن الله
ستير يحب من
عباده
الستيرين مع
ما فيه من التشبه
بالقسيسين
لأن هذا من
عادتهم
الذميمة. قال
فى المدخل: ثم إنهم
لم يقتصروا
على هذه
المفاسد حتى
آخى بعضهم بين
الرجال
والنساء من غير
نكير ولا
استخفاء فى
ذلك .. ثم إنهم
لم يقتصروا
على هذا الفعل
القبيح حتى
يقعد بعض
النساء يكبسن
بعض الرجال
ويزعمون أنها أخته
من الشيخ وقد
آخته فلا
تحتجب عنه إذ أنها
صارت من
المحارم على
زعمهم. وكتب
العلماء –
والحمد لله –
بين أيدينا
وليس فيها شىء
مما ذكروه، بل
افتعال منهم
وتقوّل باطل، فمن
استحله منهم
فقد خرج عن
الدين، ومن لم
يستحله منهم
فقد ارتكب
أمرا عظيما
يجب عليه أن
يتوب ويقلع عما
هو بسبيله من
المخالفة
والضلال .. اهـ. وقد
صنف سيدى محمد
الغمرى كتابا
سماه: العنوان
فى تحريم
معاشرة
الشبان
والنسوان .. وحط
فيه على فقراء
المطاوعة
الذين يختلون
بالنساء فى
غيبة
أزواجهن،
وتقول إحداهن
لذلك الفقير:
يا أبى، ويقول
لها: يا ابنتى،
فهذا خروج عن
قواعد
الشريعة
المحمدية ..
قال تعالى: ( وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعًا
فَاسْأَلُوهُنَّ
مِن وَرَاء
حِجَابٍ
ذَلِكُمْ أَطْهَرُ
لِقُلُوبِكُمْ
وَقُلُوبِهِنَّ
) .. أهـ. وقال
فى المدخل فى
ذكر بعض
المتشبهين
بالمشايخ
وأهل الإرادة:
وهذا باب متسع
متشعب قل أن
تنحصر مفاسده
أو يتعين ما
يقع منه
لكثرته، لكن
نشير إلى شىء
منه يستدل به
على ما عداه
والله
المستعان..
فمن ذلك أن
كثيرا من
الناس يدعى
الدين
والصلاح، وأنه
من أهل
الوصول،
ويأتى
بحكايات من
تقدم من
الأكابر ويطرز
بها كلامه،
وهو مع ذلك
يشير إلى نفسه
بلسان حاله
وأن عنده من
ذلك طرفا ..
وبعضهم يزعم
أنه حصل له من
ذلك الأمر
حاصل سيما –
والعياذ
بالله تعالى –
ما ابتلى به
بعضهم من تجرئه
ودعواه رؤيا
النبى r فى
المنام، وأنه أقبل
عليه وخاطبه
وأمره ونهاه ..
بل بعضهم يدعى
رؤيته – عليه
الصلاة
والسلام – وهو
فى اليقظة،
وهذا باب ضيق
وقل من يقع له
ذلك الأمر إلا
من كان على
صفة عزيز
وجودها فى هذا
الزمن، بل عدمت
غالبا .. مع
أننا لا ننكر
من يقع له هذا
من الأكابر
الذين حفظهم
الله فى
ظواهرهم
وبواطنهم .. اهـ. وقال
الشعرانى فى
تنبيه
المغترين: وهو
مقام شريف لا
يصل إليه
السالك إلا
بعد مجاوزة
مائة ألف حجاب
وسبعة
وأربعين ألف
حجاب
وتسعمائة
وتسعة وتسعين
حجاب، فليس
ذلك لكل ولى ..اهـ. وقد
رأيت جماعة من
الجهال
الضلال، أذهب
الله من
وجوههم ماء
الحياء
ودموية الإنسانية،
يزعمون أنهم
يرون النبى (صلى
الله عليه
وسلم) يقظة،
ويشافهونه
وهم ما عرفوا
عقائد إيمانهم
ولا فرائض
وضوئهم
وصلاتهم، بل
كثير منهم
تارك للصلاة
من أصلها، على
ما هم عليه
أيضا من عدم التمذهب
بمذهب، وعدم
الوقوف عند
النصوص، ويبالغون
فى الدعاوى
الكاذبة التى
لا يشك عاقل أنها
محض افتراء،
حتى يدعون
مقامات أكابر
الأولياء، بل
ربما ترفعوا
عنها وقالوا:
فلان من إخواننا
أعطى رتبة
السيد البدوي
فاستقلها،
وفلان أعطى
رتبة
الجيلانى فلم
يرض بها،
وفلان وفلان ...
فما أقل حياءهم،
وما أكذب
ألسنتهم، وما
أجرأهم على
الدعوى .. حتى إنه
لما مات شيخهم
كتبوا إلى
بعضهم يقولون:
لا تحزنوا فإنه
ما مات الشيخ
حتى ترك رجالا
أقل من فيهم
يصلح لتربية
الأولياء
فضلا عن
غيرهم. فانظر
إلى هذه الدعوى
.. هل يتجرأ
السري السقطى
أستاذ الجنيد –
سيد هذه
الطائفة
وإمامها – أن
يدعيها ؟ لا
والله .. بل إنه - رضى
الله عنه – كان
يقول: أشتهى
أن أموت فى
بلد غير بغداد
.. فقيل له: ولم
ذلك ؟ فقال:
خوفا أن لا
يقبلني قبري
فأفتضح ويسيء
الناس ظنهم
بأمثالي. وحكي
عنه أنه كان
يقول: أنا أنظر
في أنفي في
اليوم كذا
وكذا مرة
مخافة أن يكون
قد اسود خوفا
من الله أن
يسود صورتى
لما أتعاطاه،
مع انه- رضى
الله عنه- قال: إنى
منذ ثلاثين
سنة وأنا في
الاستغفار من
قولي الحمد
لله مرة .. قيل له
: وكيف ذلك ؟ قال: وقع
ببغداد حريق،
فاستقبلنى
رجل فقال: نجا
حانوتك .. فقلت:
الحمد لله .. فمنذ
ثلاثين سنة
وأنا نادم على
ما قلت حيث
أردت لنفسى
خيرا مما حصل
للمسلمين .. وقد
أتت عليه ثمان
وتسعون سنة
وما رؤى
مضطجعا إلا فى
علة الموت. وقد
طلب جماعة من
الفقراء كرامة
من سيدي عبد
العزيز
الدرينى – رضي
الله عنه – وهم
مسافرون وقد
أقبلوا على
بلد .. فقالوا:
يا سيدي أرنا
ذلك قبل طلوع
البلد .. فقال
على الرأس ..
فطلعوا البلد
ولم يروا شيئا
فسألوه ثانيا
فقال: وأى
كرامة أعظم من
أن الله تعالى
أمسك الأرض
لنا حتى نمشى
عليها ولم
يخسفها بنا! وكان
الفضيل بن
عياض – رضى
الله عنه –
يقول: من أحب
أن ينظر إلى
مراء فلينظر إلى
.. وتأمل قول
أبى مدين – رضي
الله عنه – فى
قصيدته: من
لي؟ وأنَّى
لمثلى أن
يزاحمهم على موارد
لا ألفى بها
كدرا وقد
قال بعض شراح
القصيدة: أنه
وصل من تحت
تربيته اثنا عشر
ألف مريد. فرحم
الله أمرءًا عرف
قدره، وأراح
الخلق منه ومن
تلامذته من بعده،
فإن الحية لا
تلد إلا حيية،
وإثمهم فى
عنقه إلى يوم
القيامة، فلا
يخرج تلميذ إلا
على صفة شيخه،
فإن كان الشيخ
يحب المشيخة
ونظامها، وإرخاء
العذبة، والإطراق
بين يديه، فإن
تلميذه يخرج
يحب ذلك ..
ولذلك ترى كل
واحد يحب أن
ينفرد
بالصيت، وإذا
مات الشيخ من
هؤلاء فإن
جماعته
يتنازعون في
المشيخة من بعده،
ويكرهون
بعضهم بالطبع
كأنهم على دين
خلاف دينهم،
ويتحاسدون
على الشهرة
ونشر الصيت،
حتى إذا بلغ أحدهم
أن واحدًا من
أقرانه حصل له
قبول تام
وأجمعت القلوب
على محبته وعظموه
ينقبض وتصير
على وجهه كآبة
لا تخفى. وما
رأينا أحدًا
منهم قط يدعو
الله أن يخمل
ذكره ويستره
فى الدنيا والآخرة،
بل يحب أن إخوانه
يتتلمذون عليه
لأنه يستحسن
حاله عليهم،
ويراهم دونه
وكفى بذلك
جهلا وضلالا. وكما
صارت ولاة
الزمان ولاة
بالقهر والغلبة،
كذلك صار
فقراؤه
بالهيئة
والنظام،
وكثرة الأتباع،
والجبة
البيضاء
المضربة
والعمامة
الرفيعة، وإرخاء
العذبة، ووضع
الرأس مطرقا
كالمتفكر
وغير ذلك من
أوصاف المنافقين
.. وذلك كله
لمناسبة
الزمان بعضه
ببعض .. فخير الناس
من كان مقبلا
على حرفته،
مؤديا
لفريضته، هاربا
بدينه من
هؤلاء
المدعين
الذين لا
يحبون إلا
التلميذ الذي
يطعمهم
ويبرهم
ويصطاد لهم
المريدين ويأتي
بهم إليهم،
فلذلك
يمدحونه
ويقولون
للتلامذة
العمى الذين
حولهم: ما عرف
طريقنا غير
فلان
فيمدحونه ويحثون
الحاضرين أن
يسلكوا
مسلكه، وأن
يصطادوا لهم
الدنيا بشرك المشيخة
.. فلا حول ولا
قوة إلا بالله
العلى العظيم. لقد
صارت المشيخة
بابا من أبواب
الشحاذة ... لعمري
ما هكذا كانت. إنما
كانت بالزهد
والعفة
والورع ... ولعمري
لا يصلح أن
يسمى شيخا إلا
أرباب الحرف وأهل
الصنائع
لأنهم هم
الذين يطعمون
الشيخ تارة بكسبهم
وتارة
بنصيبهم من
الزرع. فالشيخ
معدود عند
الله من جملة
عيالهم. وإن
من أرباب
الحرف من هو
على أوراد
وأذكار
وصدقات لا
يخلو منها ولا
يوما واحدا، ولا
يعرف الرياء
ما هو، ودائما
فى مصالح الخلق
فى أعمال شاقة
لا يقدر فقير
يضبط على دينه
معها أسبوعا
كاملا. ولا
يسلم من فقراء
هذا الزمان من
الرياء
والتصنع إلا
القليل
لضعفهم، ولا
يتصدق أحد
منهم بالفلس
الواحد، بل
يلفون كل ما
يجدونه،
ويحبون
المحمدة ولا سيما
إن كان أرباب
الدولة
يذكرونه
بالثناء
الحسن .. ولذلك
قال بعضهم:
شيخ الأمير
طبل كبير وشيخ
الفقير عبد
حقير .. اهـ.
بالمعنى من الأنوار
القدسية
وموازين
القاصرين
للشعرانى- رضي
الله عنه-. وقال
فى الموازين: ولعمرى،
إبليس أكثر
تواضعًا من
هؤلاء
المدعين
وأعرف بطريق
الله – تعالى – فإنى
اجتمعت به
وقال لى: كيف
تزعمون إنكم أولياء
الله – تعالى –
وتحبون أن
يكون لكم من
الكمال مثل ما
له؟ وتحبون أن
يعظمكم الخلق
ويحمدوكم ..
والله إنى
لأكره أن
يعظمني الخلق
فى أمر من
الأمور، أو
ينسبوا إلىّ
فعلا أو قولا،
وأحب أن ينسب
لي جميع
النقائص
والعيوب التي
في الوجود،
وأن يحقروني إلى
الطرف الأقصى
ليتميز الحق
بالكمال
المطلق وأتميز
أنا بالنقص
المطلق، لأن
تنقيصهم لي رد
إلى أساسى،
وتعظيمهم لي
خروج عنه إلى
صفات سيدي .. اهـ. فتأمل
أدبه، فأين
أنت منه؟ وأنت
تكاد تضيق عليك
الأرض بما
رحبت إذا لم
يعظمك الناس
ولم يعتقدوك،
فكيف تتصدر
للمشيخة وأنت
لم تبلغ درجة الإسلام
حقيقة؟ لأن الإسلام
هو الاستسلام والانقياد
لله – تعالى –
ولعباده
ظاهرا وباطنا
.. وعدم
المنازعة لله
في شيء من
الكمالات،
وسلامة
الإيمان
والاعتقاد من
الشكوك والأوهام
المضلة عن
طريق
الأنبياء
والمرسلين
وعباد الله
الصالحين. ولقد
أجمعوا على أن
من شأن المريد
أن لا يدخل في
طريق القوم إلا
بعد تضلعه من
علم الشريعة
وإلا خيف عليه
الزندقة والابتداع.
هذا حال
المنفرد
بنفسه دون أن
يصل إلى
اقتداء الغير
به. وعلى أنه
لا يجوز لولى أن
يتصدر أو
يتظاهر
بالولاية في
وقت من
الأوقات حتى
يجتمع
بالأولياء
أصحاب
الدائرة
والتصريف
ويبايعونه في
اليقظة. فما
بالك بمن لم
يعرف أحدا من
الأولياء ولم
يعدوه منهم ؟
بل لم يبلغ
درجة الإسلام
الحقيقية
وإنما استند
إلى منام رآه،
أو أذن له
فقيه من مشايخ
هذا الزمان
الذين لا قدم
لهم في الطريق.
فاعلم ذلك
واحذر من
تلبيس النفس
عليك حتى تستحسن
حالك، وتقول
لك: ابرز إلى
الخلق .. فإن فى
ذلك هلاكك،
ولا ينبئك مثل
خبير ..اهـ.
ملخصا([68]). وفى
المدخل ما
حاصله: وليحذر
– أى المكلف – أن
يسكن إلى ما
يقع له من
الهواتف التي
تهتف في يقظته
ومنامه، ومن
الرجوع إلى
سهو بعض العلماء
في أشياء لم
يكن عليها
الصدر الأول، وإلى
رؤيا يراها في
منامه تكون
مخالفة لشيء
مما تقدم من
الأتباع لهم. وليحذر
مما يقع لبعض
الناس في هذا
الزمن وهو أن
يرى النبي (صلى
الله عليه
وسلم) في
منامه فيأمره
أو ينهاه،
فيتنبه من نومه
فيقدم على
الفعل أو
الترك بمجرد
المنام دون أن
يعرضه على
الكتاب
والسنة
وقواعد السلف.
لأن العلم
والرواية لا
يؤخذان إلا من
متيقظ، ضابط،
حاضر العقل.
والنائم ليس
كذلك. وإن
كانت رؤيا النبي
(صلى
الله عليه
وسلم) حقا لا
شك فيها. فمن
رآه – عليه
الصلاة
والسلام – في
منامه وخاطبه
وكلمه ووصل إلى
ذهنه ألفاظ
مخالفة
لشريعته عليه
الصلاة والسلام
فلا يجوز له
ولا لغيره
التدين بها،
بل يعتقد أن
ذلك ألقاه
الشيطان فى
ذهنه أو النفس
الأمارة،
لأنهما
يوسوسان له فى
حال يقظته
فكيف فى حال نومه
؟!([69])
على
أن العمل
بالمنام
مخالف لقول
صاحب الشريعة –
صلوات الله
وسلامه عليه –
(تركت فيكم
الثقلين لن
تضلوا ما
تمسكتم بهما ..
كتاب الله وسنتى)([70]). وقد
قال سيدى أبو
الحسن
الشاذلى –
رحمه الله
تعالى -: إن
الله – عز وجل –
ضمن لك العصمة
فى جانب
الكتاب
والسنة ولم
يضمنها لك فى
الكشف والإلهام
.. هذا وهو فى
حال اليقظة
الذى الكشف
فيه أجلى من
النوم فما
بالك بمن هو
غير حاضر
العقل؟ .. اهـ. فالتصدر
للمشيخة من
منامات مخالف
لما عليه السلف،
فإنه لم يكن إلا
بالإذن
الصريح من شيخ
إلى شيخ وهكذا
مسلسلا إلى النبي
(صلى
الله عليه
وسلم) وقد وقع
لشيخنا أنه
رأى النبي (صلى
الله عليه
وسلم) في
المنام وأمره بالإرشاد
فلم يعول على
ذلك حتى أمره
به أستاذه وألزمه
إياه كرها .. فلله
ما أشد اتباعه
.. حفظه الله
ونفعنا به. وفى
تفسير " روح
البيان "([71])
إن المشيخة قد
آل أمرها إلى
الوراثة حتى
صاروا إذا مات
الرجل يأتون بابنه
وربما كان
صغيرًا لا
يعرف الطريقة
ما هي، فيخلفونه
ويجتمعون
عليه،
ويرئسونه
ويتبركون
بآثاره،
ويقبلون
يديه، ويمشون أمامه
فيشب على ما
يناقض
الشريعة
والطريقة من الأحوال
الذميمة
كالعجب
والكبر وحب
الرياسة،
ولقد شاعت في الآفاق
فتنتهم،
وكملت في هذا الأمر
غرتهم، وما
لهم من دافع
ولا مانع، بل
اتسع الخرق
على الراقع. أرى
ألف بان
لايقوم بهادم فكيف
ببان خلفه ألف
هادم فإنا
لله وإنا إليه
راجعون، ولا
حول ولا قوه إلا
بالله العلى
العظيم ... وهو كما
قال – رحمه
الله – :حتى بلغ الأمر
الآن إلى أنه إذا
مات الواحد
منهم وكان له أولاد
كثيرة
يتنازعون فى
مشيخته كأنها
من جملة مال أبيهم،
وربما
اقتسموا
البلاد التى
كان يمر عليها
أبوهم،
والعباد
الذين كانوا تلاميذًا
له. والعجب من
هؤلاء الحمقى
كيف أعماهم الغرور
عن التدبر والتعقل،
إذ أنهم هم
الذين أقاموه في
المشيخة؟ فما
صار شيخا الا
بتشييخهم له،
ثم قبل أن
يفارقوه
يأخذون عنه .. فإنها
لا تعمى الأبصار
ولكن تعمى
القلوب التي في
الصدور. قال
النفراوى على
الرسالة: ومن
البدع المحرمة
وراثة
المصالح
الدينية لغير أهلها،
ومن عجيب ما
وقع من بعض
مشايخ الوقت –
مما كاد
يستبعده
العقل لولا
وقوعه – أنه
يسأل عن الأعيان
من بعض مشايخ
القرى
ونحوهم،
ويتوصل إليه
بأنواع
الوسائل
والحيل،
وينصب له شرك
مشيخته، ويدفنه
له فى أرض
خدعته، ويظهر
له منه حبة
غرته، حتى إذا
التقطها ووقع في
مصيدته،
يجيزه
بالمشيخة، ويكتب
له بالخلافة
قبل أن يعلمه
تصحيح كلمة
التوحيد، وما
يجب عليه من مبادئ
دينه وفرائض
وضوئه وصلاته. وأعجب
من هذا ما يقع
من بعضهم أنهم
يكتبون إجازات
بالخلافة
والمشيخة
ويرسلونها
لبعض الناس، ولهم
على ذلك
مراسيم
معلومة. وذلك
المغرور متى
وصلته هذه
الكتابة يعمل
بها شيخا. وقد
يحصل بينهم في
ذلك النزاع
والترافع إلى
الحكام. فانظر
ثم انظر كيف
جعلوا
المشيخة تثبت
بالحكومة. قال
الشعراني في الأنوار
القدسية: وقد بلغني
عن شخص من
الفقراء أنه
نوزع في الإذن
له من شيخه
فأثبته على يد
قاض مالكى،
واستحكم فيه
بقصد رفع
الخلاف
والنزاع .. ولعمرى
.. هذا مسكين لم
يفهم من الأمر
شيئا .. اهـ. وبالجملة
فأحوالهم الرديئة
لا تنحصر، بل
لا تكاد تقف
عند حد. وفيما
وقع التنبيه به
كفاية وتذكير،
وإنما يتذكر
أولو الألباب.
وإنما أطلنا
القول فيه لأنه
هو الذي حصل
فيه الخلل،
وبسبب
التساهل فيه
انسدت الطريق إلى
الله تعالى،
وتعذر الوصول إلى
بابه، مع أنه
روح الأركان فلا
يمكن
الاستغناء
عنه أبدا – كما
تقدم – بخلاف
غيره من الأركان
فإنه قد لا
يتوقف الوصول
عليه. إذ من
العارفين من
يربى بالنظر ..
قال سيدى ابو
الحسن الشاذلى
– رضى الله عنه-: إن
السلحفاة
تبيض وتجلس فى
البحر بعيدا
عن بيضها
وتربيه
بالنظر إليه .. فإذا
كانت
السلحفاة
تربى أولادها
بالنظر فكيف
لا يربى الشيخ
أولاده
بالنظر إليهم؟
وشتان بين
النظرين .. اهـ.([72]) وقال
سيدى أبو
العباس
المرسى – رضى
الله عنه – ما
بينى وبين
الرجل إلا أن أنظر إليه
وقد أغنيته. وقال
فى الهائية : ونظرة
منه إن صحت إليه
على سبيل
ود بإذن
الله تغنيه وقد
كان بعضهم
يطوف([73])
فى مسجد الخيف
بمنى فقيل له
فى ذلك فقال: إن
لله عبادا إذا
نظروا إلى شخص
أكسبوه
سعادة، فأنا أطلب ذلك. وماذا
ينكر المنكر
من قدرة الله
؟ .. إن الله -
سبحانه
وتعالى – كما
جعل فى بعض الأفاعى من
الخاصية أنه إذا
نظر للإنسان
يهلكه بنظرة ..
قادر بأن يجعل
فى نظرة بعض
خواص عباده أنه إذا
نظر إلى طالب
صادق يكسبه
حالا وحياة
فمدار الوصول
على كمال
الشيخ وصدق
المريد([74])
وذلك بسلب إرادته.
فإن
المريد إذا لم
يكن متصفا
بسلب الإرادة
والاختيار مع
الشيخ،
والاستسلام
لرأيه
واستصوابه فى
جميع تصاريفه،
وإسلام نفسه إليه
بحيث لا يتصرف
فى جميع أموره
إلا بمراجعته وأمره. فهو
فى غاية نهاية
البعد عن أن
يحصل له شيء
من هذا الطريق
أو يشم لها
رائحة. قال
سيدى محى
الدين بن
العربى: ومن
شرطه – أى
المريد – أن لا
يكون له إرادة.
ومتى كان
للمريد إرادة فهو
صاحب هوى، وهو
مع نفسه لا مع
شيخه. وقال
فى الرائية: ومن لم
يكن سلب الإرادة
وصفه فلا
يطمعن فى شم
رائحة الفقر وقال
فى الهائية: واترك
مرادك
واستسلم له أبدا وكن
كميت مخلى فى أياديـــه اعدم
وجودك لا تشهد
له أثـرا ودعه
يهدمه طـــورا
ويبنيــه متى
رأيتك شيئا
كنت محتجبـا برؤية
الشىء عما أنت ناويه وقال استاذنا،
أمدنا
الله بإمداده،
ووفقنا
للوقوف عند
مراده: يا من يــروم
تمتعــا بوصــالنــا لا
تقلقـــن مـا
هــذه أحكامنا وأرح جنانك
وافن قصدك
وأتنا من
غير أنت
وحالفن
آثارنا وقال أيضا: يا صاح
بادر إلى
الحانات فى
غسق ومت
حياة فإن الطب
فى الداء برد
الحياة وحر
الموت قد مزجـــــا تحير
الفكر فى موت
بإحيــــاء وقال –
رضى الله عنه –
فى بعض
قصائده: يا صـــاح
فاعلـــق بـه
واعكف بساحته وانظــر
فوائــده
الحسنـــى بإيقـــان وأفـــن
قصـــدك فـى
مقصــوده تـــــره نصــب
العيـــان يعـــافى
كــل فتـان واشــرب
بلبــــك لب
الــراح مـن يـــده والـــزم
تشخصــه فى كل
أحيـان واصرف
جميعك فى
مطلوب حضرتـه وأخلص
الود واطــرد
كل شيطــان واحذره
فى اللين وارج
النفع فى يبــس واصحبه
فى حيرة عظمى
وأشجان وقال –
وقد خير بعض
مريديه بين
أمرين
امتحانا له –
فاختار أحدهما: قلبى
يلومك يا أخى وتقول
روح لأى شىّ هــذا
يريــد لنفسـه
ألك
اختيـــار يـا
بــنى؟ وقال
فى مورده: فإن ظفـــــــرت
يا أخى
بواحـــد من الكرام
الكمــــل
الأماجــــــد فاعلق به
وانظر
سنى مداده واجزم
بأن الرشد فى إرشــــاده وأعطـــه
حقــا عنــان
الــــروح كى
ترتوى من منهل
السبــــوح واحش
الحشا يا ذا الوفا
من حبه و
اخش الونى عن
حيه فى قربه إلى أن
قال: فاصحب
رجال الحق
بالفــؤاد وأخلــــص
التسليــــــم
للقيــــــاد وعمــــر
الفــــؤاد
بالأستـــــاذ واستمطر
الحكمـــات
بالمـــــلاذ وكن كميت
يا أخى فى
ساحته تلقى
المنى
والمشتهى فى
راحته قال
شارح الهائية:
وهيهات أن يتم
مثل هذا
التسليم إلا
لفرد بعد فرد
من المريدين،
ولهذا لا تجد
النتائج تظهر إلا
فى القليل
منهم([75]). وقال
فى شرح
الرائية: قال
الشيخ أبو
العباس أحمد
بن عبد القادر
بن عقبة
الحضرمى – رضى
الله عنه – لو
طفتم من أقصى
بلاد المغرب
فى طلب مريد
مستقيم الإرادة
ظاهرا وباطنا
بكل وجه ما
وجدتموه،
فكيف بالعارف
الكامل؟ وقال أبو
عبد الله محمد
بن عباد – رضى
الله عنه –: لا
أدرى أى
المصيبتين
أعظم: فقد
الشيخ المحقق
أو المريد
الصادق ؟ .. اهـ. وقال
الشعرانى فى
العهود: وسمعت
شيخنا – رضى
الله عنه –
يقول: لابد
لكل داع إلى
الله تعالى أن
تنقسم جماعته
على أقسام ..
قسم يقولون:
سمعنا وأطعنا،
وقسم يقولون
سمعنا
وعصينا، وقسم
يقولون سمعنا
وأطعنا
نفاقا، كما
انقسم الناس
على عهد رسول
الله (صلى الله
عليه وسلم) سواء ..
فليوطن الشيخ
نفسه على هذا
التقسيم، فإنه
لابد منه فى
جماعته شاءوا أم
أبوا .. ولو قدر
أن قسم
المنافقين
تاب من نفاقه،
تولد النفاق
فى قوم آخرين
من أصحابه،
وليس فى
الصحبة أشد من
صحبة
المنافقين
لكثرة
زوغانهم،
وعدم
اعترافهم بنفاقهم
.. اهـ. ثم ما
ذكر من سلب
الاختيار مع
الشيخ وعدم
التصرف إلا بإذنه لا
يجرى فى
الواجبات
والضروريات
لأن الشيخ
معزول عن
النظر فيها،
والمريد
ممنوع من الاختيار
فيها للزومها
له على كل حال ..
فاستئذانه
جهل، واشتراطه
ضلال
لمخالفته
للسنة فى
التضييق([76])
.. وما كان
الصحابة – رضى
الله عنهم –
يستشيرونه
عليه الصلاة
والسلام – إلا
فى الأمور
المهمة
المتجددة لا
اللازمة بكل حال
.. ذكره شارح
الرائية عن
سيدى زروق
بأوسع من هذا. وفى
المدخل فى ذكر
بعض
المتشبهين
بالمشايخ ومنهم
من يبالغ فى أخذ العهد إلى حد لا
شك فى تحريمه
وإبطاله
.. فيقول انه إذا أخذ العهد
على من يأخذه
عليه، إن
المأخوذ عليه
لم يبق له
تصرف فى ماله
ولا زوجته ولا
نفسه بل
التصرف فى ذلك
كله للشيخ، فإن أراد أن
يطلق عليه
لزمه، وإن أخذ
ماله لزمه، إلى
غير ذلك .. اهـ.
تنبيــه: ما
تقدم من سلب إرادة
المريد مع
شيخه يتضمن
جميع الآداب
المطلوبة منه
فى حقه، ولكن
ليس كل مريد يهتدي
الى
استخراجها من
ذلك الأصل ..
فلنذكر منها
جملة ثم
لنتبعها بذكر
مهمات آدابه
فى حق نفسه،
وآدابه فى حق إخوانه وآدابه
فى حق العامة،
تتميما
للفائدة،
وتنبيهًا على
ما سواها .. فإن من عمل
بما علم أعطاه
الله علم ما
لم يعلم. [39]- قال شعيب الأرنؤوط
: إسناده صحيح على
شرط الشيخين.(273
/508 صحيح ابن
حبان). [40] - أى
مبادرته
بالحلف من غير
أن يطلب منه. [41] -
982 -
أخرجه أحمد (2/321 ،
رقم 8260) ، ومسلم (3/1513
، رقم 1905) ، والنسائى
(6/23 ، رقم 3137).
(الجامع
الكبير للسيوطى) [42] -
1430) لا
يؤمن أحدكم حتى
يكون هواه تبعا
لما جئت به (الحكيم
، وأبو نصر السجزى
فى الإبانة وقال
- حسن غريب - والخطيب
عن ابن عمرو)
ذكره الحكيم (4/164)
، وأخرجه الخطيب
(4/368) وأخرجه أيضًا:
ابن أبى عاصم (1/12،
رقم 15)(الجامع
الكبير
للسيوطى) [43] -
44935- أوليس
قد جعل الله لكم
ما تصدقون إن بكل
تسبيحة صدقة وبكل
تحميدة صدقة وفى
بضع أحدكم صدقة
قال قالوا يا رسول
الله أيأتى أحدنا
شهوته يكون
له فيها أجر قال
أرأيتم لو وضعها
فى الحرام أكان
عليه فيها وزر
وكذلك إذا وضعها
فى الحلال كان
له فيها أجر (أحمد
، ومسلم عن أبى
ذر) (جامع
الأحاديث
للسيوطى)- 1416) إن فيك
صدقة كثيرة إن
فى فضل بيانك عن
الأرتم تعبر عن
حاجته صدقة وفى
فضل سمعك على السيئ
السمع تعبر عنه
حاجته صدقة وفى
مباضعتك أهلك صدقة
قيل يا رسول الله
أيأتى أحدنا شهوته ويؤجر
قال أرأيت لو جعلته
فى غير حله أكان
عليك وزر قال نعم
قال أفتحسبون بالشر
ولا تحسبون بالخير
(البيهقى عن أبى
ذر) أخرجه البيهقى
(6/82 رقم 11222) وأخرجه أيضا:
أحمد (5/167 رقم 21507) وأبو
نعيم فى الحلية
(4/383)(الجامع
الكبير
للسيوطى)– 956
رواه
مسلم(تخريج
أحاديث
الإحياء ) [44] - 10947)26310-
يا معشر الشباب
من استطاع منكم
الباءة
فليتزوج فإنه
أغض للبصر وأحصن
للفرج ومن لم يستطع
فعليه بالصوم فإنه
له وجاء (سعيد بن
منصور ، وأحمد
، والبخارى ، ومسلم
، وأبو داود ، والترمذى
، والنسائى ، وابن
ماجة ، وابن حبان
عن ابن مسعود)
أخرجه أحمد (1/378 ،
رقم 3592) ، والبخارى
(5/1950 ، رقم 4778)، ومسلم
(2/1018، رقم 1400)، وأبو داود
(2/219 ، رقم 2046) ، والترمذى
(3/392 ، رقم 1081) ، والنسائى
(4/170 ، رقم 2242) ، وابن
ماجه (1/592 ، رقم 1845) ،
وابن حبان (9/335 ، رقم
4026) . (جامع
الأحاديث
للسيوطى) [45] - 17689- لا
يدخل الجنة من
كان فى قلبه حبة
من الكبر قال رجل
يا رسول الله إنى
ليعجبنى أن يكون
ثوبى جديدا ورأسى
دهينا وشراك نعلى
جديدا قال ذاك
جمال والله جميل
يحب الجمال ولكن
الكبر من بطر
الحق وازدرى
الناس (أحمد ، والحاكم
عن ابن مسعود)
أخرجه أحمد (1/399 ،
رقم 3789) ، والحاكم
(1/78 ، رقم 69) وقال : صحيح
الإسناد . وأخرجه
أيضًا : الترمذى
(4/361 ، رقم 1999) ، والطبرانى
(10/221 ، رقم 10533).(جامع
الأحاديث
للسيوطى) [46] -
11353)
أخرجه الطيالسى
(ص 280 ، رقم 2086) ، وأحمد
(3/131 ، رقم 12355) ، والبخارى
(5/2269 ، رقم 5774) ومسلم
(3/1359 ، رقم 1734) ، والنسائى
فى الكبرى (3/449 ، رقم
5890). (الجامع
الكبير
للسيوطى) [47] -
126) إن
الدين يسر ولن
يشاد
الدين أحد إلا
غلبه فسددوا وقاربوا
وأبشروا واستعينوا
بالغدوة والروحة
وشىء من الدلجة
(البخارى ، والنسائى
عن أبى هريرة)
أخرجه البخارى
(1/23 ، رقم 39) ، والنسائى
(8/121 ، رقم 5034) . وأخرجه
أيضًا : ابن حبان
(2/63 ، رقم 351) ، والبيهقى
(3/18 ، رقم 4518) ، والقضاعى
(2/104 ، رقم 976) .(الجامع
الكبير
للسيوطى) [48] - 5027 - وَحَدَّثَنِى
مُحَمَّدُ بْنُ
حَاتِمٍ حَدَّثَنَا
بَهْزٌ حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ
الْمُغِيرَةِ
عَنْ ثَابِتٍ قَالَ
قَالَ أَنَسٌ عَمِّىَ
الَّذِى سُمِّيتُ
بِهِ لَمْ يَشْهَدْ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه
وسلم- بَدْرًا
- قَالَ - فَشَقَّ
عَلَيْهِ قَالَ
أَوَّلُ مَشْهَدٍ
شَهِدَهُ رَسُولُ
اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- غُيِّبْتُ
عَنْهُ وَإِنْ
أَرَانِىَ اللَّهُ
مَشْهَدًا فِيمَا
بَعْدُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- لَيَرَانِىَ
اللَّهُ مَا أَصْنَعُ
- قَالَ - فَهَابَ
أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا
- قَالَ - فَشَهِدَ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
-صلى الله عليه
وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ
- قَالَ - فَاسْتَقْبَلَ
سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ
فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ
يَا أَبَا عَمْرٍو
أَيْنَ فَقَالَ
وَاهًا لِرِيحِ
الْجَنَّةِ أَجِدُهُ
دُونَ أُحُدٍ
- قَالَ - فَقَاتَلَهُمْ
حَتَّى قُتِلَ
- قَالَ - فَوُجِدَ
فِى جَسَدِهِ بِضْعٌ
وَثَمَانُونَ
مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ
وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ
- قَالَ - فَقَالَتْ
أُخْتُهُ عَمَّتِىَ
الرُّبَيِّعُ
بِنْتُ النَّضْرِ
فَمَا عَرَفْتُ
أَخِى إِلاَّ بِبَنَانِهِ.
وَنَزَلَتْ هَذِهِ
الآيَةُ (رِجَالٌ
صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا
اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُمْ مَنْ
قَضَى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
قَالَ فَكَانُوا
يُرَوْنَ أَنَّهَا
نَزَلَتْ فِيهِ
وَفِى أَصْحَابِهِ.(صحيح
مسلم ج 12 ص 444) -
أخرجه الترمذي
وقال حسن صحيح
والنسائي في الكبرى
وهو عند البخاري
مختصرا إن هذه
الآية نزلت في
أنس بن النضير.(تخريج
أحاديث
الإحياء
للحافظ ج 9 ص 255) [49] - 1373 - عن
عبيد بن عمير قال
: وقف رسول الله
صلى الله عليه
وسلم على مصعب
بن عمير و هو متجعف
على وجهه و كان
صاحب لواء رسول
الله صلى الله
عليه وسلم . الحديث.
** الجهاد لابن المنذر
( فتح الباري 353/7 )(روضة
المحدثين ج 4 ص 98)
- 4256 - حديث
: وقف على مصعب
بن عمير وقد سقط
على وجهه يوم أحد
شهيدا وقرأ هذه
الآية {من المؤمنين
رجال صدقوا ما
عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر}
** أخرجه أبو نعيم
في الحلية من رواية
عبيد بن عمير مرسلا.
(تخريج أحاديث
الإحياء
للحافظ ج 9 ص 256). [50] -
أخرجه الترمذى
(5/573 ، رقم 3586) . وذكره
الحكيم (2/80) [كنز العمال
5042].( 30537/جامع
الأحاديث
للسيوطى) [51] -
20071 –
أخرجه
الترمذى (4/715 ، رقم
2601)، وأبو نعيم فى
الحلية (8/178)، والبيهقى
فى شعب الإيمان
(1/350 ، رقم 388).(جامع
الأحاديث
للسيوطى) [52] - اى
الصدق الخالص
من شوائب
الرياء
والتقصير. [53] - أخرجه
ابن المبارك فى
الزهد (1/52 ، رقم 162)
(6535/جامع الحديث
للسيوطى) - ولأبي
نعيم في الحلية
من حديث أبي هريرة.
ولابن أبي الدنيا
في التوبة عن ابن
عمر " إن الله لينفع
العبد بالذنب يذنبه
"(تخريج
أحاديث
الإحياء
للحافظ ج4 ص4). [54] - أخرجه
البخارى فى التاريخ
، وابن ماجه ، وابن
حبان ، والحاكم
، وأبو نعيم فى
الحلية ، والبيهقى
فى شعب الإيمان
عن ابن مسعود . والحاكم
(4/272 ، رقم 7614) ، وقال
: صحيح على شرط الشيخين
. أخرجه أحمد (1/422 ،
رقم 4012) ، والبخارى
فى التاريخ الكبير
(3/373)، وابن ماجه
(2/1420 ، رقم 4252).(10811/الجامع
الكبير
للسيوطى). [55] -
19764-
أخرجه أبو داود
(2/84 ، رقم 1514) ، والترمذى
(5/558 ، رقم 3559) وقال : غريب
وليس إسناده بالقوى
. وأبو يعلى (1/124 ، رقم
137) ، والبيهقى (10/188 ،
رقم 20554).(جامع
الأحاديث
للسيوطى). [56] - 18729- أخرجه
البخارى (5/2324 ، رقم
5949) ، ومسلم (4/2103 ، رقم
2744) ، وأحمد (1/383 ، رقم
3627) والترمذى
(4/658 ، رقم 2497) وقال : حسن
صحيح. (جامع
الأحاديث
للسيوطى) [57] - 535) لله
أفرح بتوبة التائب
من الظمآن الوارد
ومن العقيم الوالد ومن
الضال الواجد فمن
تاب إلى الله توبة
نصوحا أنسى الله
حافظيه وجوارحه
وبقاع الأرض كلها
خطاياه وذنوبه
(أبو العباس أحمد
بن إبراهيم بن
تركان الهمدانى
فى كتاب التائبين
عن الذنوب من طريق
بقية عن عبد العزيز
الوصابى عن أبى
الجون) أخرجه أيضًا
: الرافعى (1/226) من طريق
بقية عن عبد العزيز
الوصابى عن أبى
الجون به .(الجامع
الكبير للسيوطى) [58] - 4) وقال
المناوى (3/276) : قال
ابن حجر : حسن .
حديث ابن عباس:
أخرجه البيهقى
(10/154 ، رقم 20350) وقال: هذا
إسناد فيه ضعف
. حديث أبى عنبة
الخولانى : أخرجه
البيهقى (10/154 ، رقم
20349) . وأورده : الذهبى
فى الميزان (7/451 ترجمة
10800) ، ووافقه الحافظ
فى اللسان (7/143 ترجمة
1707) : قال أبو حاتم
: هو حديث ضعيف .(الجامع
الكبير
للسيوطى) [59] - 607) كفارة
الذنب الندامة
ولو لم تذنبوا
لأتى الله بقوم
يذنبون فيغفر لهم
(أحمد ، والطبرانى
، والبيهقى فى
شعب الإيمان عن
ابن عباس)
أخرجه أحمد (1/289 ،
رقم 2623) ، والطبرانى
(12/172 ، رقم 12795) ، والبيهقى
فى شعب الإيمان
(5/387 ، رقم 7038). وأخرجه
أيضًا : القضاعى
(1/80 ، رقم 77) ، والذهبى
فى الميزان (7/208 ،
ترجمة 9603 يحيى بن
عمرو بن مالك النكرى
البصرى ، وقال
: ومن مناكيره ثم
ذكر الحديث . قال
الهيثمى (10/199) : رواه
أحمد ، والطبرانى
فى الكبير والأوسط
، وفيه يحيى بن
عمرو بن مالك النكرى
، وهو ضعيف .(الجامع
الكبير
للسيوطى) [60] - 9389 - إنى لأستغفر
الله فى اليوم
سبعين مرة (الترمذى
- حسن صحيح - وابن
السنى عن أبى هريرة
. سمويه ، والضياء
عن أنس) حديث أبى
هريرة : أخرجه الترمذى
(5/383 ، رقم 3259) ، وابن
السنى (ص 143 ، رقم
369).حديث أنس : أخرجه
الضياء (7/53 ، رقم
2454)(جامع
الأحاديث
للسيوطى) [61] - 15025- قال
الله يا ابن آدم
إنك ما دعوتنى
ورجوتنى غفرت لك
ما كان منك ولا
أبالى يا ابن آدم
لو بلغت ذنوبك عنان
السماء ثم استغفرتنى
غفرت لك ولا أبالى
يا ابن آدم لو أنك
أتيتنى بقراب الأرض
خطايا ثم لقيتنى
لا تشرك بى شيئا
لأتيتك بقرابها
مغفرة (الترمذى
- حسن غريب - والضياء
عن أنس . الطبرانى
عن ابن عباس . ابن
النجار عن أبى
هريرة . البيهقى
فى شعب الإيمان
عن أبى ذر)
حديث أنس : أخرجه
الترمذى (5/548 ، رقم
3540) ، وقال : غريب . والضياء
(4/399 ، رقم 1571) ، وقال
: إسناده صحيح.
حديث ابن عباس
: أخرجه الطبرانى
(12/19 ، رقم 12346). حديث أبى
ذر : أخرجه البيهقى
فى شعب الإيمان
(2/17 ، رقم 1042) . وأخرجه
أيضًا : الدارمى
(2/414 ، رقم 2788) (جامع
الأحاديث
للسيوطى) [62] - 93) والذى
نفسى بيده لو أنكم
لا تذنبون فتستغفرون
الله فيغفر لكم
لذهب بكم ثم جاء
بقوم يذنبون فيستغفرون
فيغفر لهم ولو
أنكم تخطئون حتى
تبلغ خطاياكم السماء
ثم تتوبون لتاب
الله عليكم (ابن
زنجويه عن أبى
هريرة) أخرجه أيضًا
: مسلم (4/2106 ، رقم 2749) ،
وأحمد (2/309 ، رقم 8068)
(جامع
الأحاديث
للسيوطى) [63] - 23137- من
قال حين يأوى إلى
فراشه أستغفر الله
الذى لا إله إلا
هو الحى القيوم
وأتوب إليه ثلاث
مرات غفر الله
له ذنوبه وإن كانت
مثل زبد البحر
وإن كانت عدد
ورق الشجر وإن
كانت عدد رمل عالج
وإن كانت عدد أيام
الدنيا (أحمد ،
والترمذى - حسن
غريب - وأبو يعلى
عن أبى سعيد)
أخرجه أحمد (3/10 ، رقم
11089) ، والترمذى (5/470 ،
رقم 3397) وقال : حسن
غريب . وأبو يعلى
(2/495 رقم 1339) (جامع
الأحاديث
للسيوطى) [64] - 2136- عن
على قال : أخذ رسول
الله - صلى
الله عليه وسلم
- بيدى ثم
قال ألا أعلمك
كلمات تقولهن لو
كانت ذنوبك كعدد
النمل أو كدب الذر
لغفرها الله لك
على أنه مغفور
لك اللهم لا إله
إلا أنت سبحانك
عملت سوءا أو ظلمت
نفسى فاغفر لى
إنه لا يغفر الذنوب
إلا أنت (ابن أبى
الدنيا فى الدعاء
، وعبد الغنى بن
سعيد فى إيضاح
الإشكال) [كنز العمال
5052] (جامع
الأحاديث
للسيوطى) [65] - أخرجه
: البخاري 3/224 ( 2651 ) و5/2 -
3 ( 3650 ) و8/113 ( 6428 ) و8/176 ( 6695 ) ، ومسلم
7/185 ( 2535 ) ( 214 ) من حديث عمران
بن حصين.( (2)/15 شرح
ابن بطال). [66] - 21359- 45536 اخرجه
الخطيب (10/263) وقال
: تفرد برواية هذا
الحديث الحسين
بن خالد وهو أبو
الجنيد وغيره أوثق
منه - (ابن عساكر
عن ابن عمر)
(جامع ا
لأحاديث
للسيوطى) [67] - ذكر
الرافعى فى
"وحى القلم"
أنواعاً
أربعة من
الموت: قال
أبوعبد
الرحمن
الزاهد(حاتم
الاصم) " من
دخَلَ في
مذهَبِنا هذا
(يعنى الطريق)،
فَلْيجعلْ في
نفسِه أربعَ
خصالٍ من
الموتِ: موتٌ
أبيضُ، و موتٌ
أسودُ، و موتٌ
أحمرُ، و موتٌ
أخضرُ:
فالموتُ
الأبيضُ الجوعُ.
لانه يميت
النفس عن
شهواتها
ويتركها
بيضاء نقية، والموتُ
الأسودُ
احْتِمالُ الاذى
فهو احتمال
سواد الوجه
عند الناسِ.
واما مُخالَفَةُ
النَّفْسِ
فهى كإضرام
النار فيها،
فذاك و الموتُ
الأحمرُ،
وأما الموتُ
الأَخْضَرُ فهو
طَرْحُ
الرِّقاعِ
بعضُها على
بعضٍ ( يعنى
لبس المرقعة
والخَلَق من
الثياب) أهـ .. بتصريف
(" وحى القلم "
ط الصحوة ص 162)(
طبقات
الصوفية - أبو
عبد الرحمن
السلمي ج1 ص 41) . [68] -
لَعَل
صحة العبارة
كما يلى "
واحذر من
تلبيس النفس
عليك فإنها
تقول لك: ابرز
الى الخلق،
فإنه فى ذلك
هلاكك فلا
تسمع لها حتى
تتحسن حالك. [69] -
فإن
رؤيا النبى
لعصمة ذاته من
تشبيه
الشيطان به
لقوله "
من رأنى فقد
رآني حقا فإن
الشيطان لا
يتمثل بى " أما
الكلام وما
يسمعه النائم
في منامه فلم ترد
به عصمة فافهم
ذلك – هدانى
الله وإياك –
واعقل كلام
الشيخ – رضى
الله عنه. [70] - 9455- 37810 أخرجه
أيضًا : النسائى
فى الكبرى (5/45 ، رقم
8148) ، وابن قانع (1/15 ،
رقم 45) - أخرجه البزار
(3/89، رقم 864) . قال الهيثمى
(9/163): فيه الحارث وهو
ضعيف. (جامع
الأحاديث للسيوطى) [71] -
تفسير
للقرآن للشيخ
اسماعيل حقى
ت:1137 هـ ط بيروت [72] -
ذكر
القصة
بكاملها أبو
حامد الغزالى
في الإحياء
وهى السلحفاة
البحرية. [73] -
ومسجد
الخيف ليس فيه
طواف وانما
المقصود أنه
يدور يمشى
يبحث عن بغيته
ومطلوبه. [74] -
بعد
أن انتهى
الشيخ من
توضيح مدد
الشيوخ
الكُمَّل عن
طريق النظرة
وساق مثال
السلحفاة
الحية عاد إلى
علاقة الشيخ
بالمريد
وشروط الشيخ فى
الكمال وشرط
المريد فى
الصدق. [75] -
المقصود
من هذه
الابيات وما
سبقها من سلب
ارادة المريد
مع شيخه هو ان
يكون المريد
مسلما
ومقتنعا
بالشيخ فيما
يشير به او
يراه وان يقطع
نزعات
المجادلة
والتردد حتى
يمكن ان
يستفيد من
الشيخ لان
مدار العلاقة
بين الشيخ
والمريد هى
قناعة المريد
بكمال الشيخ
وصواب رأيه
ولو انه شك في
ذلك ونازع
الشيخ رأيه
فلا يحصل له
استفادة من
الشيخ والله
اعلم. [76] -
هذا
شرط مهم يغفل
عنه كثير من
الطاعنين على
التصوف حيث ان
التسليم –
بشرط كمال
العرفان
والتحقيق –
لايكون فيما
وجب من الشرع
فالاعتراض
على شرط سلب
ارادة المريد
مع الشيخ في
المباحات لا
معنى له حيث
انها تخضع
لاساليب
التربية في كل
فن. |
---|