رجال الطريقة الخلوتية

عبد الجواد بن محمد الدومى

 

الثاني والأربعون

فضيلة الشيخ/ عبد الجواد الدومي

 رضى الله تعالى عنه

 

 

رقمه في السلسلة

:

الثاني والأربعون 42

الاسم

:

عبد الجواد بن محمد بن حسين الدومي.

اللقب
 

:

--

الكنية
 

:

--

الشهرة
 

:

عبد الجواد الدومي

تاريخ محل الميلاد

:

أم دومه – طما – سوهاج 1300 هــ

مدة عمره
 

:

62 عاماً

تاريخ ومحل الوفاة
 

:

القاهرة 1362هـ

 

في رحاب النظم

 

في المنحة الربانية:

الهي بتاح العارفين وشمسهم
 

 

 

وهادي الورى للحق سراً ومعلناً

عماد الطريق الخلوتية من به

 

تناهى لها المجد الرفيع ومكنا

هو الحب والمحبوب بهجة عصره

 

هو العارف الدومي فخر طريقنا

 

وفي إضافات المنظومة الدرديرية:

بشمس الهداة العاملين وفخرهم

 

وقامع أهل الزيع والجهل والخنا

هو العارف الدومي أستاذ عصره

 

ومن بهدى القرآن وجه سيرنا

ونادى بنهج القوم نهجاً مرده

 

تعالم خير الخلق طه إمامنا

وفي سلسلة المنسفيسي[1]:

ندعوك بالأستاذ من زهد الدنا

 

عبد الجواد الدومي أفضل مرشد

شيخ السلوك مربي كل من انتمى

 

له بالشريعة سلوة المتنكد

 

فضيلة العارف بالله تعالى الشيخ عبد الجواد الدومي

 رضى الله تعالى عنه

 

أولاً التعريف به رضى الله تعالى عنه [2]:

        هو العارف بالله تعالى الشيخ عبد الجواد بن محمد بن حسين الدومي، نسبه إلى قرية أم دومة – مركز طما – محافظة سوهاج – من صعيد مصر.

 

        وكانت من قبل تابعة لمركز طهطا، ولد العارف بالله تعالى في هذا القرية، وأصل العائلة الكريمة من قرية بناويط – مركز المراغة – محافظة سوهاج، ولد وتربى ونشأ بين أحضان أسرة طاهرة يغلب عليها طابع البساطن والتواضع، بين قوم يحبون الدين ويحترمون أهله، وهذه ميزة طيبة إذا وجدت في عائلة فشرف لها.

 

وعن مولده :

        تحدث الحاج عبد الجواد الدومي والد شيخنا المترجم له، أنه رأى رؤيا فقصها على فضيلة العارف بالله تعالى الشيخ عبد الجواد المنسفيسي، وكان إذ ذاك يزور أم دومة فأخبره بأنه سيخرج من صلبه عالم ينتفع الناس بعلمه، ولم تمض غير أيام قليلة وولد للحاج محمد ابن وقدم للشيخ مولوده فباركه وسماه عبد الجواد وعم الأسرة السرور، وكان هذا المولود هو العارف بالله عبد الجواد الدومي، وكان مولده في شهر شعبان عام 1300 هـ.

 

ثايناً: المراحل التعليمية والبداية الصوفية للشيخ رضى الله تعالى عنه:

في الأسر الطيبة الطاهرة تهتم بتربية الأبناء على الخلق الكريم، وكان هذا حال طفولة شيخنا المترجم، لما بلغ الخامسة من عمره 1305هـ، ذهب به والده إلى مكتب القرية ليحفظ القرآن الكريم، ومكث فيه حتى أتم قراءته وأجاد حفظه ولم يكمل بعد سن العاشرة.

 

        وفي العاشرة 1310هـ تلقن العهد على يد العارف بالله تعالى الشريف عبد الجواد المنسفيسي صاحب القدم الراسخ في علوم الدين، وقد اعتنى بتلميذه عبد الجواد عناية كبيرة وأمر والده بالعناية به وكان يقول له: انت أبني با عبد الجواد لا ابن الحاج محمد، ومالت روح الطفل الطاهر إلى النزعة الصوفية المشرقة فانعكف على العبادة، وأقبل على الله بكليته، وأقام على ذكره وطاعته، واستجاب لأومره ونواهيه، وأعرض عن زينة الدنيا وزخرفها، وزهد فيما يقبل عليه الناس من لذات واهتم بالسلوك والتعبد وتربية النفس والتقرب إلى الله، وهكذا نشأ وتربى في أحضان الطريق فأحبه شيخه وأعطاه الكثير من عنايته ورعايته.

 

        في ربيع الثاني سنة 1313هـ قدم الأزهر الشريف ولقى فيه كثيراً من علمائه الأعلام، وتلقى العلم على أكابر شيوخه في ذلك الحين، أمثال الشيخ سليم البشري المتوفي 1916م - 1335 هـ، والشيخ محمد حسنين العدوي، والشيخ محمد السمالوطي والشيخ يوسف الدجوى، والشيخ محمد عنتر المطيعي وكان اكثر ملازمته لدروس السمالوطي، حضر عليه شرح البخاري والموطأ ومعظم تفسير البيضاوي، وكان يحبه ويعتقده، ويتأدب معه غاية الأدب، كما كان الشيخ االسمالوطي يبادله المحبة والمودة، ويكرر زيارته له، ويثني عليه الثناء الجميل ويقول: أنه من الصالحين المقربين، والمرشدين العارفين.

 

        وهذا عرف الدومي بشغفه الشديد لتحصيل العلم ومذاكرته، وحتى كان هو إماماً يعظ الناس ويلقي الدروس، يتقلى العلم على استاتذته، ولم ينقطع عن الحضور والاستماع إلا بعد أن كبر به السن، وشعر بالحاجة الملحة إلى الراحة في آخر حياته، وهذا الحب الشديد للعلم جعله يبرع فيه ويصير عّلّماً من أعلامه الراسخين[3]. هكذا كان الدومي تلميذاً في مدرستين:

 

الأولى: مدرسة العلم وهو الأزهر.

الثانية: مدرسة الأخلاق وهي آخذه التصوف من أستاذه المنسفيسي.

 

رابعاً: الدومي استاذ للطريق الصوفي رضى الله تعالى عنه:

        بعدما أتم العارف الدومي درجات السلوك، وأخذ قسطاً كبيراً من العلوم الشرعية أذن له شيخه بالإرشاد لنفع العباد، وهو في ريعان شبابه في السابعة عشرة من عمره، وهذا السن المبكر إذ منح عبد عطاء فمنّ الله تعالى.

 

        وفي نفس هذا العام أدى فريضة الحج وزار المدينة المنورة وامتلأ قبله إيماناً ويقيناً، ورجع من المدينة المنورة إلى القاهرة مشحوناً بالنفحات الربانية والفيوضات الإلهية والأنوار النبوية، يحمل مشعل الدعوة ولواء الطريق[4].

 

        وبدأ الدومي ينشر رسالة الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة في المساجد لأنها بيوت الله تعالى، وبجانب هذه الرسالة السامية، كان يسقى بروحه الأرواح الظمأى بالأنفاس الطاهرة والقلوب الساطعة، إمام يدعو ومربي يربي فنعم الفقيه ونعم الأستاذ، وكيف لا؟ وقد تربى على يد أستاذ جليل له باعه في التصوف فصار على الدرب القويم وأخذت دعوة العارف الدومي تطوف من القاهرة حتى أسوان، والكل يشهد له بالفضل والعطاء الجزيل.

 

        وأقام في القاهرة حيث تزوجه فيها، وعين إماماً وخطيباً في عدد من المساجد يؤم المصلين ويخطب فيهم ويلقي عليهم دروساً في الفقه والتفسير والحديث، وقد اشتهر بأنه كان طلق اللسان، قوي البيان، واضح العبارة، متين الحجة، سهل الإقناع، وفي نفس الوقت كان يربي المريدين، ويشرح لهم ما يقتضيه الطريق من شعائر الدين، وما يستلزمه من التفقة بأحكامه، وما يتطلبه من التجرد لذكر  الله ومواصلة عبادته، وإعراض عن الدنيا، وزهد في وجوه الملذات حتى يتحقق لهم صفاء الروح وطهارة القلب.

 

        ولقد كان لمريديه مثلاً أعلى، إذ كانت حياته زاخرة بالعبادة، حافلة بالمجاهدة، كان متصوفاً ورعاً، قوياً في إيمانه، قمة في يقينه، قدوة في سلوكه حكيماً في تصرفاته كما كانت معاملاته في الأمور الدنيوية نماذج من الذوق الرفيع والحس الدقيق.

 

        وفي نهاية العقد الثالث من عمره، عليه سحائب الرحمة والرضوان، نقل إماماً وخطيباً لمسجد الزيني بالسبتية- بولاق أبو العلا – مصر – حيث استقر به المقام زهاء ربع قرن من الزمان يقيم شعائر الدين.

       

        ولما كان أهل القلوب الصافية تنجذب إليهم النفوس فقد انتشرت شهرته رضى الله تعالى عنه بين الناس، وطاب ذكره، وذاع صيته، فاتسعت حلقة دروسه حتى أصبحت من أوسع الحلقات، ووفد عليه عدد كبير من بعض الكبار العلماء، والمثقفين والطلاب والمريدين يحرك قلوبهم بكلماته التي تخرج من القلب فتدخل في القلب وتهز أوتاره، وتمس شغافه، وتثير الوجدان وتكشف العطاء عن العيون[5].

 

وما زال نهر فضيلته يروى كل من مواقف على أسرار كلماته.

        ولقد سجلت لنا مجلة الإسلام الغراء فتاوي شيخنا الدومي، وكذلك تفسير بعض آيات القرآن الكريم، وقد قام بعض محبي الشيخ بجمع هذا المقالات ونشرها في كتاب خاص  بالشيخ الدومي، والجامع هو فضيلة الشيخ المرحوم سعد الفرشوطي، رحمه الله – من ابناء سوهاج، وكنت أود أن أقف على خطب شخينا الدومي لكن الله لم يشا ذلك ومن أراد المزيد فعليه بالكتب التي كتبت عن الشيخ مثل، العارف الدومي، نفحات الدومي، وفتاوي وأحكام العارف الدومي، وغير ذلك.

 

انتقال الدومي إلى الدار الأخرة.

        بعد الجهاد الكبير في سبيل الدعوة الإسلامية، تقدم به السن ونيف على الستين من العمر، حتى وافاه المرض وأقعده الألم، واحتجب الشيخ لمرضه أربع سنوات متواليات، وفي مختتم عام 1362هـ فاضت روحه الطاهرت وجاور ربه الكريم ولم ينجب من الذكور سوى نجله الكريم/ محمد عبد الجواد.

 

        ودفن العارف الدومي بضريحه في الجهة الشرقية من قرافة الإمام الشافعي وبنى أبناؤه حول ضريحه مسجداً يقام فيه الصلوات وله احتفال بذكرى مولده كل عام.

فرضى الله عنه وأسكنه فسيح جناته ، اللهم أمين[6].

 

بعض خلفاء الشيخ الدومي رضى الله تعالى عنه:

1- فضيلة الشيخ محمد سليمان سليمان رحمه الله.

2- الأستاذ محمد أحمد الرملي رحمه الله .

3- فضيلة الشيخ محمد أحمد الطاهر الحامدي رحمه الله.

4- فضيلة الشيخ محمد مرسي الطنطاوي رحمه الله.

5- فضيلة الشيخ عامر عبدالرحيم سعيد رحمه الله.

6- فضيلة الشيخ علي عثمان عزوز رحمه الله .

وغيرهم هؤلاء. فعليهم الرحمة والرضوان.

 

 



[1] - وإلى هنا ينتهي نظم فضيلة الشيخ عبد العزيز الجعدي وقاه الله سوء المردى.

[2] - المراجع العارف بالله الدومي، تأليف عبد الرحمن محمد الطاهر، عبد الرحيم عبد الجابر محمود، الطبعة الثانية 1411 هـ - 1990م، وكتاب نفحات الدومي: عبد المحسن السيد أحمد، طبع دار غريب للطباعة، الفتاوي والاحكام جمع واختيار الشيخ سعد محمد الفرشوطي طبع 1406، هـ- 1986م.

[3] - أنظر العارف الدومي ص33، باختصار طفيف لبعض العبارات.

[4] - انظر نفحات الدومي ص11.

[5] - نفحات الدومي ص 11، 12.

[6] - انظر العارف الدومي ص184، 185.