رجال الطريقة الخلوتية

محمد بن بهاء الدين الأرزنجانى

العارف بالله تعالى سيدى الشيخ محمد بهاء الدين الأرزنجانى رضى الله عنه

 

هو سند المرشدين وسيد العارفين– نور الكاملين وشيخ الواصلين ودليل أهل العشق: الشيخ محمد الأرزنجانى قدس الله سره العزيز، ولد بقرية تسمى: كثرليج بضواحى أرزنجان بلد معروف فى الأناضول الشرقى من تركيا الإسلامية، كان مدرسًا مميزًا, وقد قام بتربية طلاب كثيرون عندما كان مدرسًا، تلقى تعليمه بأرزنجان، لقد كان شخصًا نورانيًا صاحب جذبة أهل فضل وكمال, متضلعًا من شتى أفانيين العلوم الظاهرة والباطنة، نشأ وترعرع بأرزنجان.

 

    أما عن سبب أخذ الطريقة من السيد يحيى الشروانى قدس الله سره فيروى الآتي:

    أنه رأى ليلة من الليالي أنه في صحراء واسعة بلا حدود, وأنه كان يريد أن يعبر هذه الصحراء بأي واسطة، وقد رأي سفنًا كثيرة رست على الشاطئ, وهذه السفن كانت تحمل بضائع ومسافرين كثيرين، فردت الأشرع واستعدت السفن للمسير، وكنت أريد أن أركب في سفينة من هذا السفن مع الشيخ محمد، ولكن البحارة منعونى وتعجبت لهذا كثيرًا، وقال واحد من البحارة إن هذه السفن لها سيد, وسيدها هو ذلك الشخص الذى يقف هناك, فاذهب إليه واستشره وارجوه أن يأخذك معنا, وإذا لم تفعل ذلك لن تأخذك أى سفينة من هذه السفن, وبدون إذنه لن تستطيع أى سفينة أن تسير من هنا، وكانوا يطلقون على هذا السيد (يحيى الشروانى) فذهبت إليه ورجوته فأذن وركبت أحد السفن، وذهبت السفن ثم استيقظت من النوم، وفي الصباح الباكر استعددت واستأذنت من تلاميذى الموجودين فى المدرسة، ثم ذهبت مباشرة إلى (شيروان) بلد الشيخ يحيى الشيروانى، وكنت قد ذهبت بكل شوق وعشق، وقام الشيخ محمد الأرزنجانى يتخطى كل المنازل الموجودة فى شيروان بكل سرعة حتى وصل إلى الشيخ, وعندما وصل إليه قال له الشيخ: إن هذه الطريقة هى تلك السفن التي رأيتها فى منامك، وقام بالترحيب بى وأعطاني البيعة بالاعتزال والخلوة, وقد أتم الشيخ محمد الأرزنجانى سير الأسماء وسير المسميات فى زمن قصير, وقام تركية وتصفية نفسه وداخله بنور التوحيد، وبذلك استحق الخلافة وقام مقام شيخه فى مشيحة السجادة, وبعد مدة كلفه بالمضى إلى بلده (كثرليج) وطنه الأصلى لكى يرشد شعبه بأمر شيخه وكانت معه الخلافة، فقام الشيخ محمد الأرزنجاني ببناء زاوية ومسجد في بلده كثرليج0 واشتغل بتربية وإرشاد شعبه وما حوله هناك، وكان يتجول فى القرى القريبة من – كثرليج – ويعظ الناس هناك فى مساجد القرى, إلا أنه كان يعود إلى قريته فى يوم الجمعة، ويعظ الناس  فى مسجد (أولو جامع) وكان يلقى عليه الكلمات الصوفية والأخلاقية، وتوجد عدة مؤلفات بعضًا منها منظوم بطريقة أهل الشعر وبعضها منثور، وكلها عبارة عن رسائل تدور حول الحقائق الصوفية والألهية.

 

من كرامات سيدى الشيخ محمد الأرزنجانى رضى الله عنه:

    كان القائد أوزون حسن قد قرر أنه سيدخل الحرب ضد السلطان محمد الفاتح، فقال الشيخ لأوزون حسن، يحسن بك أن لا تدخل الحرب مع السلطان الفاتح لأنه هو وجنوده هم غزاة الإسلام، وجيوش الإسلام وأن جيشه نعم الجيش، وعندما سمع أوزون حسن هذه الكلمات التي قالها الشيخ غضب غضبًا شديدًا وطلب من الجنود أن يخرجوه، فقال له الشيخ عندما تدخل الحرب وتكون فى أرض المعركة أو الموقعة ستذكر كلماتى وستعلم الخير من الشر، وبالفعل بدأت المعركة، وتفرق جيش أوزون حسن واضطرب وتفرقت الخيول وجرح عدد كبير من الجنود ولم يبق إلا ابن واحد من أبناء أوزون حسن فى المعركة، وعندما علم أوزون حسن أنه هزم واضطرب ذهب إلى زاوية الشيخ محمد الأرزنجاني، وقال له: بكل وقاحة (هل سيكون حالنا وعاقبتنا سيئة) وفى نفس الوقت استقبله الشيخ محمد الأرزنجاني بكل احترام وكرم، وقال إننا لا نريد الدولة ولكننا نريد التصوف وقد أرسل الشيخ محمد الأرزنجاني أوزون حسن مع سفيره الشيخ/ أحمد الأرزنجانى من خلفائه إلى السلطان الفاتح، وقام الفاتح باستبقالهم استقبالاً حسنًا, ووقعت معاهدة صالح بين الدولة العثمانية وبين دولة الآن قوبنلو، وكان الشيخ الأرزنجاني هو السبب في هذا الصلح.

 

ومن كرامات سيدى الشيخ محمد الأرزنجاني أيضًا رضى الله عنه:

    وفى يوم من الأيام بعد أن أنهى الشيخ صلاة الصبح وقراءة الورد، ذهب إلى ناحية الدراويش وقال لهم: من منكم يتمنى أن يصل إلى الحق فليترك جسده ويتخلى عن كل الموجودات، وقال أتي إلى المسجد (أولو جامع) أربعين درويشًا, وكان مسجد (أولو جامع) أكبر مساجد أرزنجان مبنى بالخشب، وقد جلس الشيخ مع الأربعين درويشًا في المسجد وتحدثوا وقال أشعارًا.

    وطبقًا لما روى: فإن بعض الأحباب والأصدقاء قالوا للشيخ: يا سلطاننا, لقد دخلت الأربعين بلا وقت وبلا زمن، وهذا الوقت ليس وقت الأربعين، إن وقته وقت الصيف، ويا شيخنا إنكم تعلمون هذا الحال أكثر منا، وإنكم يطلق عليكم الخلوتيين، فضلاً عن ذلك إنكم وجدتم العشق والشوق، ولكن ما السبب فى هذا؟ ألم توضحوا؟ قال الشيخ: عندما قالوا هذا الكلام غضب الله عز وجل على أهل أرزنجان، وإنه هو الذي أتى في الشكل الزلزال، ومن أجل دفع هذا الغضب قد أصبحنا هنا مع أحباء في الروضة، ويحتمل أن شخصًا صادق منكم قد دعى من داخله بصدق ودفع هذه المضرة، واستمر في قوله: نحن أكلنا نعمة هؤلاء القوم، نحسن فوق حق العيش والملح، وهنا نحن أصبحنا سويًا فى عهود الصفاء اقضوا وقتكم بالداء والاسترحام. أ.هـ.

 

وللشيخ كرامات غير هاتين الكرامتين، وإنما اقتصرنا على بعضها، والشيخ إبراهيم خاص أحد تلاميذ الشيخ حسن أنس الأعرج ألف كتابًا مفصلاً فى مناقب ورجال الطريقة الخلوتية القره باشيه يسمى (بالسلسلة المفصلة) ذكره أثناء رسالة السلسلة الخلوتية المختصرة بلسان الترك القديم.

 

وأخص خلفائه رضى الله عنه  الأربعة هم:

1-   الشيخ بير أحمد الأرزنجانى.

2-   الشيخ بير فتح الله.

3-    الشيخ إبراهيم مكمل.

4-  الشيخ جلبى خليفة الأفسرانى(جمال) وهو الذي قام مقامه, وهو فرع مشايخنا.

رضوان الله تعالى عليهم أجمعين