رجال الطريقة الخلوتية

معروف بن فيروز الكرخى

سيدى معروف الكرخى رضى الله عنه

 

سيدى العارف بالله تعالى/ معروف بن فيروز الكرخى  رضى الله عنه

     هو فضيلة الشيخ/ معروف، عن الفانى مصروف، وبالباقى مشغوف، وبالتحف محفوف، وباللطف مرؤوف، قدوة العارفين، وسند المرشدين، إنه الشيخ معروف الكرخى نسبه إلى منطقة الكرخ، داخل بغداد، وهو حى من  أحيائها، ببغداد قدس الله سره.

    

اسمه معروف، وقيل محمود، واسم أبيه فيروز وقيل فيروزان، وقيل: معروف بن على الكرخى، كنيته ابن محفوظ، الخليفة الأعظم للشيخ داود الطائى رضى الله عنه, وقيل أيضًا أخذ الطريق من يد الإمام على بن مرسى الرضا رضى الله عنه لأنه كان من مواليه، وأسلم على يديه، شهرته طبقت الآفاق، صحب شيخه وأستاذه داود بن نصير الطائى، وفى هذا يقول القشيرى وغيره: وكان الأستاذ أبو على يقول: أخذت هذا الطريق عن النصر آباذى, والنصر آباذى عن الشبلى، والشبلى عن الجنيد, والجنيد عن السرى عن معروف، ومعروف الكرخى عن داود الطائى.... إلخ، وقال الشيخ عبد الرحمن السلمى، كان أستاذ سرى السقطى، وصحب داود الطائى, ولو أخذت في سرد ما وقعت عليه من مصادر فى صحة صحبة معروف الكرخى لأستاذه داود بن نصير الطائى لطال الهدف، لكنى اقتصر في هذا واترك التوسعة في صحة نسبة الإمام معروف لشيخه داود لأهل الاختصاص، كأمثال الشيخ الغمارى فى كتابه، على إمام العارفين. ما السبب في ذكر هذا الكلام؟ ردًا على طعن الإمام احمد بن تيمية لأنه نفى أن يكون قد التقى معروف الكرخى، بأستاذه/ داود الطائي فليعلم ذلك.

     

 أثنى عليه الأئمة الأعلام فهذا الحافظ المناوى قال: لم يكن في العراق في زمنه من يربى المريدين مثله, حتى كان جميع المشايخ يعرفون في ذلك فضله، قال الغزالى:  كان أحمد بن حنبل وابن معين يختلفان إليه ويسألانه, ولم يكن في علم الظاهر مثلهما فيقال لهما: مثلكما يفعل ذلك؟ فيقولان: كيف نفعل إذا جاءنا أمر لم نجده في كتاب الله ولا فى سنة رسوله، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "سلوا الصالحين".

 

قبره الشريف يستجاب عنده الدعاء وهذا من فضل الله عليه.

يقول أهل بغداد: قبر معروف ترياق مجرب.

 

      ومن كرم الله تعالى على هذا الولى: أنه ولد لأبوين نصرانيين، فسلماه للمعلم، معلم دين النصرانية ويكون في الكنسية، فصار المعلم يقول: قال ثالث ثلاثة، فيقول بل إله واحد، فضربه ضربًا مبرحًا فهرب معروف، فكان أبواه يقولان: ليته يرجع إلينا على أى دين يشاء، فنوافقه عليه، ثم أنه أسلم على يدى علي بن موسى الرضا,ورجع إلى منزله ودق الباب، فقيل من بالباب؟ فقال: معروف، فقالوا: على أىدين جئت؟ فقال: على الدين الحنيف، فأسلم أبواه, وهذا الذى مر منحة من الله تعالى على عبده معروف، حيث كان سببًاً لهداية أبويه، حتى تعيش الأسرة في رضا الله تعالى.

 

بعض من أقواله وحكمه:

قال له رجل أوصني: فقال: توكل على الله حتى يكون جليسك وأنيسك وموضع شكواك, وأكثر ذكر الموت حتى لا يكون لك جليسًا غيره، واعلم أن الشفاء لما نزل بك كتمانه، وأن الناس لا ينفعوك ولا يضروك ولا يعطوك ولا يمنعوك.

                                        

واغتاب رجل رجلاً، فجعل معروف يقول له: اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك، كان معروف يضرب نفسه ويقول: يا نفس كم تبكين؟ اخلصى وتخلصى.

                                        

       وسئل عن الطائعين بأى شيء قدروا على الطاعة؟ قال: بخروج الدنيا من قلوبهم، ولو كانت فى قلوبهم ما صحت لهم سجدة.

 

وقال غضوا أبصاركم، ولو عن شاة أنثى.

 

وسئل: بم تخرج الدنيا من القلب؟ فقال: بصفاء الود وحسن المعاملة.

 

وسئل عن المحبة فقال: المحبة ليست من تعليم الخلق، إنما هي من مواهب الحق وفضله.

 

وقال: قلوب الطاهرين تنشرح بالتقوى، وتزدهر بالبر، وقلوب الفجار تظلم بالفجور، وتعمى بسوء النية.

 

وسئل: ما علامة الأولياء؟ فقال: ثلاثة: همومهم الله، وشغلهم فيه، وفرارهم إليه أ. هـ.

 

وإلى غير ذلك من الأقوال القيمة، والحكم الناطقة الشافية لما لها من تأثير على القلوب السليمة، لأنها خرجت من فم صادق، فهنيئًا له.

 

بعض من كرماته:

رؤى في وجهه أثر شجة فقيل له: كنا عند البارحة فلم نر في وجهك هذا الأثر: فقال: خذ ما تنتفع به، فقال: اسألك بحق الله تعالى، فانتفض ثم قال ويحك وما حاجتك إلى هذا؟

      مضيت البارحة إلى بيت الله الحرام, ثم صرت إلى زمزم فشربت منه فزلت رجلى فنطح وجهى الباب فهذا من ذلك.

 

وقال خليل الصياد: غاب ابنى إلى الأنبار, فأتيت معروفًا فقلت: غاب عنى ابنى فوجدت أمه وجدًا شديدًا، فقال فما تشاء؟ قلت: تدعو الله تبارك وتعالى أن يرده عليها، فقال: اللهم إن السماء سماؤك والأرض أرضك وما بينهما لك فأت به، قال: فأتيت باب الشام فإذا ابنى قائم منبهر، فقلت: محمد، فقال: يا أبت الساعة بالأنبار.

 

قال له سيدريه: بلغنى أنك تمشى على الماء!!!  فقال: ما مشيت على الماء قط، ولكن إذا هممت بالعبور، يجمع لى طرفاه فأتخطاه.

 

     والكثير والكثير من الكرامات التي جاءت فيه، ومن أراد المزيد فعليه بكتب التصوف.

 

ومن دعائه رضى الله عنه:

 

قال: من قال كل يوم عشر مرات: اللهم أصلح أمة محمد, اللهم فرج عن أمة محمد, اللهم ارحم امة محمد، كتب من الأبدال.

 

والكلام في سيدي معروف كثير, ولولا خوف الإطالة لذكرت ضعف ما ذكرت فإنه رجل يعد بألف، وقد ألف في مناقبه الإمام ابن الجوزى في كتابه (مناقب معروف الكرخى) والكتاب ما زال مخطوطًا منه نسخة مصورة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، يسر الله من يخرجه إلى النور، اللهم آمين.

 

انتقاله إلى الدار الآخرة:

       بعد ما نشأ وشب فى عبادة ربه، وجهاده الطويل، أتاه قدر الله تعالى، فاستجاب وأتاه النداء فلبى, مات رضى الله عنه سنة 200هـ - 815 م، وقيل 201هـ  816م ببغداد، وقبره ظاهر هناك يتبرك به.

 وأهل بغداد يستسقون به ويقولون: قبره ترياق مجرب.

 

قال ابوعبد الرحمن الزهري: قبره معروف لقضاء الحوائج، يقال أنه من قرأ عنده  مائة مرة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وسأل الله ما يريد قضى حاجته.

خلفاء الشيخ/ معروف الكرخى رضى الله عنه:

له من الخلفاء والتلاميذ الكثير والكثير نذكر منهم:

1- سيدى/ السرى السقطى، ومن سنده الطريقة الخلوتية.

2- سيدى/ سهل بن عبد الله التسترى.

3- سيدى/ أبو حمزة الصوفى البغدادى.

4- سيدى/ أبو اسحاق إبراهيم الحكيم.

5- سيدى/ شهاب الدين أحمد التبريزى، ومن طريقه سند الطريقة البدوية نسبة إلى العارف بالله سيد أحمد البدوى رضى الله عنه.

 

رضوان الله تعالى عليهم  أجميعن.