Sam Eldin عبد الحميد أفندي وهبه
Mr Abdel Hameed Wahabh
1351 هجرية – 1932 ميلادية

غرتان ساطعتان في جبين الأدب العربي

" لولد سيدي عبد الجواد المنسفيسي الكائن ضريحه بعواجة "

" التابعة لمركز ديروط حضرتا الأستاذين الفاضلين "

      الشيخ محمد الطاهر الحامدي             عبد  الحميد أفندي وهبة

            من علماء الأزهر الشريف           المدرس بمدارس الأوقاف الملكية

طبعة علي نفقة

محمد علي البرسي

1351 هجرية – 1932 ميلادية 

(( قصيدة ))

" الأستاذ الفاضل عبد الحميد أفندي وهبة "

يــا أسـعــد الناس السلام عـلـيكمـو              قد نلتمو شرفـا عـليه حــسدتمــو

بين السماء وبينكـــم صلـة فكم           تأتي الملائكـــة الكـــرام اليكمـــو

ويزوركم خير الأنـــــــام محمد         جاورتمو ملــكا عـليه حـسبتمـــو

هيهات يلحق واحداً منكــم أذي          والمنسفيسي المعــظم فيكـــمــــو

ما كنت في هذا البلاغ  مبالغـــاً         العقل يقبل ما ذكـــرت ويفـــهــــم

أو ما سمعــتم في المجالس أنه           (من أجل عين الف عين تكـــرم)

ومقــام جـــدي جـــل حـتـى أنه          من كـــل تـقـديـر ووصـف أعـظم

لو أن الفا يرحمون لـــواحـــــد          فلعـيـن جـــدي ألـف ألـف تـرحـم

أن الذين رأوا ( عواجة ) قرية          وحياة جدي عن محاسنها عمــوا

أن الظواهر كـــم تغـر وعندهـا          يقـف الـــوري إلا قـلـيـلا منهمــو

واولئكم أهل البصائرمن صفت          أوراحهم فسلوهـمــو أن شـئـتمو

قلب المحب يري(عواجة) جنـة          أرواح أهـــل الـعـشـق فـيـها تنعم

لولا الحجاب لطارت الأرواح من              أشباحهــا فــأخـتـل مـلـك مـحـكـم

ولوأنه كشف الغطاء فليس من           عـجـب إذا نـطــق الأصـــم الأبكم

ولئن نحس هــنــا قـلـيـل مشقة           فلبعـضـنــا هـــذى المـشقة مرهم

من رام شم الورد فهو لشوقــه           من لمس بعــض الشــوك لا يتألم

من حج مشتاقـــاً فليس يضيره           عـطش هـنـالـك أو هـجـيـر مسئم

واليوم قبر المنسفيسي كعــبــة           صغرى يطوف بها المحب المغرم

دعني أبح بين الــورى بمحبتي          أن الهـــوى في مهـجـتي يتضـرم

الحب أن يك شعــلـة مـشـبـوبة           في الـقـلـب لا يـجـرؤ عـليه اللوم

لبي فؤادي قـبـل داعـي حـبـهـم          وأجــابـه عـظـمـي ولحـمي والدم

ولقد أمـــات الشوق نفسى فاعجبوا             أهـــل العـقـــول لمـيـت يتـكـلـــــم

 

موت النفوس هو الحياة فمن تمت               شهواتهم تســع الفـيوض اليهمو

فيوا ملائكة السمــــاء يسبحـون          بحمد مولاهم وهــم لن يسأمـــوا

ويششاهدوا الجنات وهي كأنهـا         تــدعــــو إليها أهــلها ليكـرمـــوا

ويروا كـــأن النــار تـنذر حزبها        أن العذاب غداًعلي من أجـــرمــــوا

هــــذي شؤون الأولياء فـقــل لـنـا              هـــل نحن أولي بالكرامة أم همو

في الليل تلقاهم وقد هجروا الكري              ليسبحــوا مـولاهـمــو ويـعـظموا

ولو أنهم رقدوا حسبتهمو نياماً           مـثـل غـيرهمو ومــا عـــم نـــوم

خل الرقاد لنا – وأمـــا هــــؤلاء                فـنـومهــم فــيــه الـمـنى والمغـنم

فـيــه شهـود الله جـــــل جـــلاله         فـيـه المــواهـب والعــطــاء القيم

أيـنــام قـلـب ذاق لـــذة وصـــله          أيـنــام صـــب والحـبـيـب يسلــم؟

هم يذكرون الله في جنح الـــــدجي              وســــواهــمــو بلذيذ  أكــل يـحلم

هم يركعون ويسجدون لـــربهـم         والغافلون عن الهوى لــم يـجحموا

هم يأكلون  من  الحلال تقربــــا         والنــاس أكثرهـــم غـذاه محـــرم

فكأنهم خلق ســـوانا  أرســلــوا          بعد النبوة للورى كي يرحــمـــوا

قوم وجوهــهــمــو بــدور طــلع         أن أشــرقت ضـــاء الفضاء المظلم

تأتي مجالسهم لتشهد مــــا بـها           فـلـنـعــم مـن تـلـقـي ومـا تـتـعـلم

أما  مجالس غــيـــرهــم فمهاذر         أعـــراض خـلـق الله فــيـهـا تـثلم

الـفــاســـق الـجـبـار يمدح  فعله         وأخو التقي ظلماً يسب ويـشـتـــم

أن قــام  يبني  للشريعـــة عالـم          ركــنــا تـلـقــــتـه ألــوف تـهـــدم

دين يـمــزقــه بـنـوه -  وأزمـــة         تقسو– وحــزن في الصــدور مخيم

قل للذين تعـجـبــوا مـن فـقـوهم          الفقر من غضب الإله عـلـيـكمـو

هـذا جــزاء الـظـالـمـيـن وإنــمـا         أهل التقي لن يـفـضـحواأو يهضـمــوا

إن يـنـول الله الـبـلاء بـمـعـشــر         يسلم أخو التقوى ويفن الـمـجـرم

بـشــري لـنـا  أنــا تـبـعـنا سـادة          قـــــد جـمـع الله الفـضـائل فيهمو

البر دأبـهـمــو ومـن أخــلاقـــهم         إلا يـــردوا ســـائلا يـرجــوهمــو

 

وأحـصـهــم بــالـذكـر جدى أنه          مـلـك مـكــــارمــه أعــــــم وأدوم

قـســمـا بـحـق الشيخ أن محبة           مهــمـا يـضـق عـملا سعيد مكرم

يــا جــدنــا هــذي وفود قد أتت          كـــل لــــه أمـــــل إلـيـك مـقــــدم

إني لأشعـر سـيـدي بشعــورهم          ولأنت أعـلــم بالذي يرضيهــمــو

وافوك من شرق البلاد وغربها          وصدورهم بالشوق نحوك تضرم

فلو أن في وسع القــلـوب تنقلا           خـرجـت إليـك من الصـدور تسلم

يأيها الملك المطل علي الورى           مــا بــال حـبك في الجوانح يعظم

الليل صار بنور وجهك كالضحى               فكــأن شـمـســاً نـجــونــا نستقدم

عجباً لقبرك كاد ينطق معــربــاً         عــمــا يـكـن مـن السـرور ويكتم

ما كنت أعلم قبل تـطـوافـي بـه          أن الـقـبـــــور لــزائــر تـتـبـســـم

أني أمر وفي الفؤاد عـــوامـــل          أنـتـم بـهـا مـنـى لـعـمــري أعـلـم

وأقبل الأعــتــاب لا مـتـكـلــفـــاً         بــل طــائـعــاً لهـوى بقلبي يجسم

لم ألق بالاً لـلـحـســود فـــأنــما           قـلـب الـحـســود بـحـقــده يتـورم

تقبيل أعتاب الحبيب وأن جـفــا          فـــرض عــلي أهــل الغرام محتم

بدروسك الحسنى أفدت مـعــاشرا               لــولاك لــم يــرقــوا ولـم يتقدموا

عملوا كما عـلـمـتـهـم فتسلموا           مــوعــودهــم لما إليك استسلموا

ولقد نفعت الناس حـيــا سـيدي           والـيـوم نفعـك فـي مـمـاتك أعظم

قبلا أخذنا العلم عنك ولــم نـزل          فعـلـي كــلا الحــاليـن أنـت معـلـم

أنزلت ميدان الطريق فكنت فــارسه            ولــم تــك مـن عــنـــــاء تـــألـــم

خلفت جيشاً للشريعــة – إيـمــا          خصــم يتـاجــزه يغـص ويخـصـم

فعدا ترى الالحاد يلحد والـــذي          ينـحـي عـلـي أهــل الطريق يكمم

الخق مهما يخب يلقي مــذكــيـاً          والــزور مهـمــا يعل سوف يهدم

سخر العـــدو بـديـنـنـا لما رأي          أن أتـحــاد الـمـسـلـمـيـن تـوهـــم

قــل للــذيـن يـبـشرون بـديـنهم           في أرض مـصر – خذلتمو وفضحتمو

يا هؤلاء الناس – لا يغرركمـو          هذا الرقاد فسوف يصحو الضغيم

أن الــذيـن ظـنـنـتـمـوهـم نومـاً          سيرونكـم كـيف القضـــاء المبرم

الذين أمتن حجة من أن يــهــي          والمسلمون أعـز مـن أن يهزموا

سيعود مجد الدين رغم أنوفكـم           وعلي رؤوس الخلق يعـــلو المسلم

أسست يا جدي لدينك مــعــقـلا          لمــا قـضـيـت أتـي بـنـوك فتمموا

فاليوم لا خوف علي الأفــكار من               شبـــه تـشـكــك أو شـكـوك تهجم

وضحت طريق الحق حتى لم يصــر           فـيـهـا عـلـي ســـار خـفـي مبهـم

أن الأولي ورثوا جلالك سيـدي          لخطاك في كل الأمــــور تـرسموا

خلفاؤك الأبطال أشـجــع قـــادة          وأجــل مـن رأت العـيـون وأكـرم

أنا لا أسوق القـــول دون تـدبر          أني لـقـولـي بــالـــدلائــل أدعــــم

هــذا أبـنـه الحبـر الجليل محمد          القــائـد الفـــرد الأجـــل الأشهـــم

هــذا أبـنـه الـدومي عالم دهره           الـمـرشـــدة الـفــذ الإبر الأرحـــم

يا قوم – والأنصاف من أوصافكم              بالله ربكم أنظــــروا ثـــم احكـموا

أو ليس يبدو ســاطــعـاً متلألئا           نــور النـبـوة فـيـهـمو وعليهمو؟

مددا محمد يا أبن أكرم راحـــل          عــطـفا علي مضني بحق أبيكمو

أنت الكريم أبن الكريم  وجدكـم          طـــه الـــذي فـــي وده أغنـيـتمو

في حيكم حرمـــان بـيـتكم الذي          جئـنـا وذيـــاك الـضـريـح الافخـم

حرمان بارك فيهما المولي فمــن               يــدخـلـهـمـا حــرمـت عليه جهنم

تعظمكم فرض وعـنــدي أنـــــه         مــن لا يــوفـــوك الـمحبة يأثموا

أنت الزعيم بحق ارثك  سـيدي          أي أمـــرئ  يـنـفي حقوقك يحرم

خلفاؤكم أمراء أهــــل ســـيـادة          لكــنـمــا أنـت الأمــيـــر الأعــظـم

بعـث المسرة  منك في احشائنا          قــلـب يـهـش لنـــا وثغـــر يبســم

إن قيل شهد قلت لفــظك شبهه           أن قـيـل  حــلــم قـلـت مثلك يحلم

إن قيل بدر قلت وجهك فـــاقــه          آن جــل تــدبيـــر فـــرأيـك أقــوم

أنت أبن أكرم من سعــى ودعـا          فمثلك  بالقلوب وبالجوارح  يخــدم

لمحمد بين الرجــــال مكـــانـــة          مهــمــا قـســا العــذال لا تتصـرم

 

مـــا أن رآه الــقــوم إلا اقـبـلـوا          متـطـلعـيـن لـكـفـه أن يـلـثـمـوا

فـكـأنـه والـنـاس تـلـثـم كـفــــــه          قمـــر  تـقـبـل راحـتـيـه الأنجـم

يهب الزعامة من يشاء لحـكـمة          هي من ارادتـنـا أجـــل واحـكـم

الدين أخـــلاص فمن يك مخلصا        فهــو الغني وأن  جفاه  الدرهم

ليس التقي فيما تؤديه الجوارح           أو يردده وتعــف عمـــا  يحـرم

من كان يطمع في الوصال فلا يقل             ( أنا ) أنها لمن ادعاها معـــرم

من كان ينسي نفسه في ربـــــه          فهـو امرؤ صافي السررة ملهم

أن الهـــدي بـيـد المهيمن وحده          والله يهــدي من يشـاء ويعصم

أنا بدأنا  بـالـقـصـــائــد حـلـفـنـا          والآن بـالطــرب  المقدس نختم

وسماع مدح المصطفي من مطـــرب          أحلي وأغــلـي فـرصة  تستغنم

لا سيما من بلبل ( كأبي العــلا )        يـسـبـي عـقـول الخلق إذ يترنم

صوت من الفردوس أرسله لكم          رب الجمـــال لتطـربوا وتنعموا

سحر – حلال لا تضل  به النهي        سكــــر هـنـيء لـيـس فـيه تأثم

لو أنكم جئتم عطـــاشا  للهــوى          (فأبو العلا) من صوته  يرويكمو

ولو أن قوما أو غلوا  في همهم          ( فأبو العلا) لهمومهم ينسهمو

البلبل الصداح من عــشـــاقـــــة         والـكـيـروان به شغــوف معـرم

يا مطرب الشرق العظيم رعيت من            شاد– ويا أهل الرشاد رحمتمـو