رجال الطريقة الخلوتية

مصطفى بن على البولوى: مصطفى الأدرنوى

العارف بالله تعالى سيدى الشيخ/ مصطفى أفندى الأدرنوى رضى الله عنه

 

هو: سيدى الشيخ مصطفى بن على البولوى الطوغانى, ثم المصرى, ثم الأدرنوى الشهير بحاجى بابا المصرى. وليس الشيخ مصطفى المعنوي الأدرنوي كما في كتاب الشيخ الكوثرى(رسالة البحوث السنية ص 46) فإنه لبس وخطأ، شيخنا من فرع القره باشيه المتوفى 1130 هـ, والشيخ الثانى ابن الشيخ على قره باش من صلبه توفى 1114هـ, والأول توفى فى أدرنا, والثانى توفى فى استنابول ودفن فى تكية نصوحى فى (طوغانجيلر) فى اسكدار، فوجب علينا التوضيح بين الاسمين.

 

     نعود إلى شيخنا رضى الله عنه ، قال الشيخ الحريرى فى كتابه(تبيان وسائل الحقائق) جـ3/59, كان آخر  خلفاءه أى سيدى على قره باش  فأنه أخ الخلافة والإجازة فى حضور روضة النبى صلوات الله وسلامه عليه, وذلك بأمره صلوات الله وسلامه عليه ولم يخلف بعده، أى لم يخلف الشيخ على قره باش الشيخ بعد الشيخ مصطفى البولوى(نسبة إلى مدينة بولو إحدى مدن تركيا), وله رضي الله عنه (واقعات وواردات وتحريرات) حيث كان قطب وغوث آوانه، وتدور هذه الرسائل فى توضيح أمور  الطريقة، ويعطى معلومات عنها تحت مسمى هذه (واقعات– واردات– تحريرات) ويقال له صاحب السجادة، وله أيضًا خلق كثيرة ومريدون, وهو شيخ المشايخ الآن فى البلاد الرومية صانها رب البرية. انتهى ما قاله شيخنا مصطفى البكر رضى الله عنه فى كتابه(نظم القلادة فى كيفية إجلاس المريد على السجادة) مخطوط بمصر(يوجد نسخة خطية بدار الكتب المصرية).

 

     جاء إلى مصر مرارًا وتعبد فى جامع الجلاد وهو الآن يطلق عليه مسجد سيدى جلادين (بولاق أبو العلا) ناحية السبتية، ضم إلى الأوقاف وجدد.

 

رآه سيدى الشيخ مصطفى البكرى فى أدرنة والتقى به واستفاد منه, واختلى كثيرًا مع تلميذه عبد اللطيف الحلبى في جامع الجلادين أربعة أعوام، وكان مدده وافر جديد, وكان الشيخ مصطفى من المحققين وممن أعطى حلاوة تقرير وطلاوة تعبير، وكان بالإشارة فهيم، إذ أنه لما رأى الشيخ عبد اللطيف يحتاج إلى مرشد سلم عليه وقال له سنعطيك مطلوبك فيما نصه (يمكن أن تحضر عندنا ليلة الثلاثاء, وإذا حضرت ذكرنا وأعجبناك أعطيناك الطريق), وكان يقول فى الشيخ عبد اللطيف: (جاءنا مثل الصفوفان أول ما قحدنا عليه علق), كان محافظًا على الشريعة الإسلامية بشدة، ومحافظًا على الأوراد والأذكار.

 

ومن مناقبه رضى الله عنه

      أن الشيخ عبد اللطيف وهو فى الخلوة شق عليه المكث فيها، فاستبان لديه أن هذا من انحراف باطن شيخه عليه، فتوجه إليه وذكر له ما حصل فقال له: نحن جينا بك فرخًا لا ريش لك, فلما ريشت مرادك أن تطير علينا أو ما معناه, قال فقلنا استغفر الله يا سيدى, أنا من تحت أمرك وكلما حصلت فمن إذنكم وببركة إمدادكم, فقال اذهب إلى الشام فتعللت بوجود الأنكار وتطلبت الديار الرومية فلم يأذن إلا إلى بلاد الشام.

 

بعض تصنيفاته:

أولاً: الواقعات.             

ثانيًا: الواردات.        

ثالثًا: التحريرات.

     حيث كان شيخنا مصطفى البولوى قطب وقته وغوث أوانه، ونعود فنذكر بعض واقعاته كما ذكرها مؤلف كتاب (تبيان وسائل الحقائق) المجلد الثالث فى حرف القاف الصحيفة التاسعة والخمسين، فمن واقعاته لنا رؤية سيد الأنام أفضل الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليه في جزيرة لمنى, ليلة الإثنين التاسع والعشرين من رجب، خرج الكفار إلى الجزيرة المذكورة وخرجنا للمقابلة مع أهل الجزيرة ومعنا النبى صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه رضى الله عنهم، فقابلناهم فى الموضع الذى يقال له باشا ليمانى, فأعطانى رجل من أصحاب صلوات الله وسلامه عليه سيفًا مخالفًا لسيوف زماننا، وفى قبضته أربع ثقب, فسألت عن سبب الثقب من ذلك الرجل؟ فقال: لإدخال أصابع اليد منها, فقبضت ذلك السيف كما علمنى, فشرعت فى القتال حتى قتلت من الكفار ما فوق الخمسة لا أعرف عددهم, ثم هجم علىَّ الكفرة لأخذ السيف منى، ثم أمرنى النبى صلوات الله وسلامه عليه بإعطاء السيف لعلى رضوان الله عليه, فوثب على الكفرة وثبة كالأسد فتفرق الكفار وانهزموا من صولته, وهيئة النبى صلوات الله وسلامه عليه مربوع القامة, لكنه فخم ولحيته تميل إلى الصفرة, لباسه من جوخ أحمر شديد الحمرة, واستيقظت من النوم، ولشيخنا تحريرات أى تعليقات صوفية لا مثيل لها على بعض آيات من القرآن كمثل قوله تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) ومن واردته: قوله: إذا أردت المعراج الروحانى اشرح صدرك بالذكر الجهرى, أو خرج منها مساكًا طبعى, أو (قلبى) وأدخلها إيمانًا, وتلبس لباس العرفان, وضع على رأسك تاج الكرامة, وشدد وسلك كمر العبودية, واركب دابة نفسك, وسر من المحرمات إلى بيت المقدس بدلالة نور العناية ثم اصعد إلى سماء الروح ولا تنظر يمينًا ولا شمالاً ولا سفليًا ولا علويًا ولا خلفًا ولا أمامًا...إلخ).

 

ثم رأيت فى (الرحلة الكبرى المسماة بالحقيقة والمجاز) للشيخ العارف بالله: عبد الغنى بن إسماعيل النابلسى المتوفي 1143هـ صـ264 نسخة مصورة عن الأصل المحفوظ بدار الكتب المصرية، أن الشيخ عبد الغنى زار مصر يقول: واجتمعنا بالشيخ مصطفى الرومى شيخ الخلوتية بمصر، وكان ذلك في سنة 105هـ أى قبل دخول الشيخ عبد اللطيف الطريق الخلوتية لأن الشيخ عبد اللطيف دخل الطريق 1107هـ, والشيخ على قره باش أذن بالخلافة للشيخ مصطفى أفندى 1097هـ, فيجوز أن يكون في 1105هـ, وقت مرور الشيخ عبد الغنى النابلسي كان الشيخ مصطفى فى مصر لأنه لا يلقب بالشيخ مصطفى الرومى بمصر إلا الشيخ الخلوتى مصطفى أفندى خليفة الشيخ على قره باش، ثم عرض شيخنا الرومي على الشيخ عبد الغنى سؤالين فى شأنه وشأن ذكر الله تعالى بالجهر عن طريق السادة الصوفية والأجوبة على ذلك من علماء الجامع الأزهر فى ذلك الحين والأسئلة مكتوبة فى الرحلة ص 265, والإجابة عليها وأسئلة جميلة والرد على عليها أجمل من علماء أجلاء إلى صـ272 أجاب عليها 12 إمام وعالم, كلهم أيدوا الذكر والذاكرين.

 

وهذا المسجد الآن يقع في ناحية السبتية- القاهرة, ويسمى– مسجد  الجلادين– كانت به خلوات وأماكن خاصة للسادة الخلوتية، لكن هدم وجدد، ولما زرته لم أجد فيه أماكن الخلوات، إلا أن أهل  المنطقة أخبروني بوجودها قبل الهدم.

 

وفاة الشيخ مصطفى الأدرنوى رضى الله عنه.

     توفى الشيخ مصطفى البولوى الأدرنوى الطوغانى في مدينة أدرنة ودفن هناك, ومعروف هناك سنة 1130 هـ فى دولة تركيا، فعليه من الله الرحمات.

 

ولروحه الفاتحة.